رغم مرور فصل دراسي أول … ” طلاب الدمج” بالمدارس مشكلة تؤرق أولياء الأمور والمعلمين
سنابل الأمل .. مصر .. جمال علم الدين
أصبح طلاب الدمج التعليمى مشكلة تؤرق أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة بشكل كبير ، خاصة فى ظل رفض المجتمع المدرسى لتواجدهم وعدم الالتزام بتطبيق أدنى حقوق المعاملة السوية لهم داخل الفصول ، وما بين تأييد البعض ممن لهم مصلحة بأن الدمج هو السبيل الوحيد لعلاج الأطفال وخروجهم من عزلتهم, ورفض متخصصين له بحجة أن ضرره أكثر من نفعه, يصبح الاباء في موقف لا يحسدون عليه, ولكن السؤال هنا أين الدولة بمؤسساتها فى هذا الملف؟ فهناك غياب تام لرؤية الدولة ممثلة في وزارة التربية والتعليم، لقضية الدمج حتي أصبح الجدل هو سيد الموقف.،،
هناك العديد من المشكلات التى تواجه أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة، بداية من اجراءات التقديم داخل المدارس وكم الاوراق والموافقات المطلوبة لانهاء هذه الخطوة ، مروراً بمعاملتهم غير الادمية داخل المجتمع المدرسى بمختلف أطرافه باعتبارهم كما مهملا، علاوة على عدم إدراك الوزارة حجم معاناتهم ومراعاتهم أثناء وضع الامتحانات ، أمور عدة تعوق دمج هؤلاء الضعاف فى المجتمع .
فى البداية تحكى ” نجلاء فتحى” ، ولية أمر لطفلة تعانى التأخر العقلى وصعوبات التعلم، عن معاناتها مع طفلتها فى رحلة المدرسة ، ففى البداية طلبت منها الاخصائية النفسية بالمدرسة التوجة للتأمين الصحى لاجراء اختبار نسبة الذكاء ومعه الحصول على عدد من الموافقات للالتحاق بالتعليم، الامر الذى كلفها الكثير من الوقت والجهد والمال الذى قد يعجز عن توفيره الكثيرون من الغلابة الذين يحلمون بتعليم اطفالهم ولكن ” الايد قصيرة”، مضيفة ان هناك تعسفا كبيرا خاصة فى الكشف الطبى ، حيث صعوبة الاختبارات التى يخضع لها الطفل وهو لا حول له ولا قوة ، فهناك شرط أن يتراوح معدل الذكاء ما بين62% إلي80%، وبعدها وبمجرد الانتهاء من الاجراءات واستكمال ملف المدرسة نفاجأ بطلب تبرعات لقبول الطفل وكأنه ليس من حقه ان يتعلم كباقى اقارنه، والاكثر إثارة للحزن هو استغلال المدرسين لظروف هؤلاء الاطفال واسرهم ويقومون بطلب مبلغ من المال ” إتاوه” للسماح لهم بعدم الحضور للمدرسة بشكل منتظم ومنحهم درجات أعمال السنة بدلا من تحملهم وتعليمهم شيئا يستفيدون منهم حتى وان كان الامر صعبا لكنه ليس مستحيلا.
مناهج صعبة
أما ” علا أحمد” – ولية أمر، فتقول : ابنى عمره11 عاما وهو طالب بالصف الخامس الإبتدائي بإحدى المدارس الحكومية التي تطبق نظام الدمج, يذهب إلي المدرسة بصحبة ” المرافق” مدرسة الظل التي تحصل علي500 جنيه شهريا, وأنا المسئولة عن دفعها وليست المدرسة, وكان ذلك من الشروط التي حددتها مديرة المدرسة حتي يتم قبول ابنى, موضحة أن وظيفة المرافق تنحصر في حمايته من الأخطار التي قد يتعرض لها في المدرسة ، ولكن مستواها التعليمي لا يتحسن لأن المناهج التي تدرسها هي نفس المناهج التي يدرسها الأطفال غير المعاقين, ولأن ابنى يعاني من ضعف مستوي الذكاء يجد صعوبة في التعلم، ويحتاج إلي من يعلمه بطريقة خاصة, وذلك لا يحدث لأن المدرسين يعتمدون أن هؤلاء الأطفال يتم إعداد امتحانات مخصصة لهم وينجحون جميعا بفضل المرافق الذي يكون بصحبة كل طفل منهم, كما أنه يعاني أيضا من بعض المشكلات السلوكية, حيث يأخذ كل ما يراه أمامه مما يجعله كل يوم يحضر إلي المنزل أقلام وأدوات دراسية خاصة بزملائه, لذلك بحثت عن مركز تدريب كي يتم تعديل سلوكياته, وأيضا لأن المركز يقوم بتدريس المناهج الدراسية له بطريقة تتناسب مع قدراته لأن رغم وصوله لصف الخامس في المدرسة إلا أنه لا يستطيع كتابة اسمه, ولكن لم أتمكن من تحمل مصروفات مركز التأهيل وراتب المرافق .
بينما ترى ” دينا عاطف”- ولية أمر، أن الأطفال الموجودين بالمدارس الحكومية العادية مظلومون، وليس لهم مستقبل فلا توجد رعاية مناسبة, ولا مناهج تزيد من قدراتهم, لذلك فإنني أري أن الدمج هو شئ شكلي فقط, وليس ذا فاعلية, لذلك أيضا ألحقت ابني بإحدي الجمعيات التي تهتم بذوي الإعاقة, وبعد مجهود كبير ارتفع مستوي ذكائه من63% إلي80% ، حيث إنه يعاني من توحد وضعف مستوي الذكاء, إلي جانب ذلك ألحقته بمدرسة خاصة عادية وينجح كل عام, ورغم أنه يسبب مشكلات عديدة في المدرسة مع زملائه, ويتم فصله بشكل مستمر, إلا أن هذا الوضع أفضل من دخوله مدرسة تربية فكرية وحصوله علي شهادة تأهيل مهني تؤثر علي مستقبله سواء في العمل أو الزواج لأننا نعيش في مجتمع لا يرحم ذوي الإعاقة أو عائلاتهم.
مراكز التأهيل
من جانبها أكدت ” مروه سيد أحمد” اخصائية نفسية ومسئولة الدمج بإحدى المدارس ، انه لا يتشابه طلاب الدمج فى حالاتهم ، فلا يوجد طفل مثل الاخر ، فكل حالة تختلف عن الاخرى ، وهناك فرق بين الإعاقة الذهنية وباقي أنواع الإعاقات, فالكفيف بواسطة طريقة برايل يتمكن من التعليم وكذلك المعاق حركيا بواسطة الكرسي يذهب إلي المدرسة ويدرس بسهولة, لكن الإعاقة الذهنية تختلف في درجتها ونوعها, لذلك كل طفل يحتاج إلي برنامج خاص به يتم وفقا لحالته وينفذ بواسطة الأخصائية النفسية, لذلك من الضروري أن يكون هناك نظام دراسي خاص بالأطفال ذوي الإعاقة يتمثل في التحاقهم بمدرسة, ويسمح له بالذهاب إلي مركز تأهيل تابع لوزارة التربية والتعليم, حتي يتم تدريس المناهج الخاصة بهم بطريقة تتناسب مع قدراتهم الذهنية, ثم يذهبون إلي المدرسة لأداء الامتحانات بعد أن يستوعبوا المواد العلمية.
وتضيف مروة، الدولة لا توفر مراكز التأهيل الخاصة بهؤلاء الاطفال , لذلك يلجأ الاباء إلي مراكز خاصة, ولكنها قلة قليلة التي تستطيع تحمل نفقات هذه المراكز إلي جانب مصروفات المدرسة, والواقع الملموس في المدارس ” محزن ” للغاية لأن عملية الدمج تتم بطريقة خاطئة قد تؤدي إلي تدهور حالة الطفل بسبب غياب ثقافة تقبل الآخر, مشيرة الى أنه من الضرورى الاستعانة بمتخصصين من خريجي كليات التربية قسم التربية الخاصة وأيضا علم النفس بعد حصولهم علي دورات تدريبية ليعرفوا كيف يتعاملون مع ذوي الإعاقة لأنه للأسف مناهج كليات التربية الخاصة والتخاطب وعلم النفس تعتمد في المقام الأول علي الدراسة النظرية فقط دون أي تعامل مع ذوي الإعاقة لذلك الخريجين لا يجيدون التعامل مع المعاقين الذين يعانون من مشكلات نفسية بالإضافة إلي الإعاقة الذهنية التي ارتفعت حالتها في الآونة الأخيرة .
أعباء التعامل
فيما يرى دكتور ” هانى سعيد الشاذلى”، استشارى تخاطب وحاصل على دبلومة خاصة فى الدمج التعليمى، أن هناك إخفاقا فى الدراسات والبحوث العلمية في تقديم أدلة علي فاعلية وجدوى التعليم الناتج عن عملية الدمج في المدارس العادية ، مشيرا الى أن المعلمين في التعليم العام لم يتلقوا تدريبًا مناسبًا يؤهلهم للتعامل مع حاجات الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على إشباعها، والاخطر هو أن المناهج والأنشطة التي يتم تقديمها في إطار التعليم العام لا تتناسب مع حاجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة .
وأوضح الشاذلى، أن عملية الدمج قد تضيف أعباء كثيرة إلى تلك التي تقع على عاتق معلمي التعليم العام، والأطفال الذين ينتظمون فيه، مشيرا الى أن هناك الكثير من المشكلات التي غالبًا ما تصاحب عملية الدمج، ومن المهم إدراكها وتفهم الأسباب التي تقف من ورائها، وذلك للعمل على تجاوز كل مشكلة، وحلها بالطريقة التي تناسبها وبما يتماشى مع مصالح الطفل، ومن أكثر المشكلات انتشارًا، عدم قدرة بعض الأطفال المعاقين على الوصول إلى المدرسة بأنفسهم بسبب الإعاقة أو لبعد موقع المدرسة، علاوة على رفض المدارس العادية قبول الأطفال المعاقين أو بعض أنواع الإعاقات خشية عدم القدرة على التعامل معهم، وتحمل مسئوليتهم، أو بحجة إثارة الإزعاج للآخرين ، وكذلك المعاملة غير المرضية للأطفال المعاقين في المدرسة العادية، كإهمالهم وتجاهلهم، وعدم جاهزية النظام التعليمي العادي من حيث تصميم وتخطيط المدرسة والأدوات والوسائل الضرورية للمعاقين، وعدم وجود التسهيلات البنيوية اللازمة لهم داخل المدرسة، وإساءة بعض الأطفال العاديين السلوك نحو الأطفال المعاقين في المدرسة، مثل ضربهم أو الاستهزاء بهم.