تأخر النمو يصيب 50 في المئة من الأطفال في مناطق قروية بالمغرب
سنابل الأمل / متابعات
موازاة مع الشروع في تنفيذ أهداف ورش الحماية الاجتماعية، أطلقت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مشاريع جديدة لتمكين النساء القاطنات في العالم القروي من الرعاية الصحية، وذلك بالاستعانة بالتطبيب عن بعد (Télémédecine)، والصحة الجماعاتية.
وسيمكّن برنامج الصحية الجماعاتية الذي تشتغل عليه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بشراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، من مواكبة النساء الحوامل في الوسط القروي وأطفالهن في كل ما له علاقة بالتطبيب والتغذية، وكذلك المواكبة التربوية لأطفالهن.
وستنطلق خدمة الصحة الجماعاتية، التي ستتعزز بها المنظومة الصحية الوطنية قريبا، في ثلاث جهات، على أن يتم تعميم الخدمة لاحقا في 57 ألف دوار العدد الإجمالي لدواوير المغرب، بحسب المعطيات التي قدمها الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، محمد دردوري، خلال المناظرة الوطنية الأولى حول الأسرة والمرأة ورهان التنمية، التي نظمتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
وأوضح دردوري أن الوسطاء الجماعاتيين سيهتمون، بصفة شخصية، بجميع النساء الحوامل، أو المقبلات على الحمل، القاطنات في العالم القروي، من أجل مواكبتهن على مستوى التطبيب والتغذية، وكذلك في ما يخص تربية أبنائهن، بهدف التأسيس للقرابة العائلية الإيجابية “La parentèle positive”.
في هذا السياق، قال المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية: “إننا نرافع من أجل تمكين الآباء من العطل لكي يكون لديهم مُتّسع من الوقت لتربية أبنائهم، لأن بناء مجتمع المساواة بين الجنسين والمناصفة الذي نطمح إليه يجب أن يبدأ من الطفولة”، لافتا إلى أن المبادرة تشتغل مع عدد من المؤسسات الدولية لإنجاح هذا الورش.
وأوضح دردوري أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تستثمر في التكنولوجيات الحديثة من أجل توفير الرعاية الصحية للنساء، لا سيما القاطنات في أعالي الجبال، وفي العالم القروي، حيث سيتم تتبعهنّ عن طريق الطبيب عن بُعد (Télé médecine)، تفاديا لأعباء وصعوبات التنقل إلى المستشفيات والمراكز الصحية في المدن.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن النساء في العالم القروي ما زلن يعانين من “مشاكل بدائية” مقارنة مع مشاكل النساء في المدن، ويطالبن بحقوق أساسية، في مقدمتها الحق في الحياة، مضيفا: “النساء الحوامل في العالم القروي مع الأسف ترتفع لديهن نسبة احتمال تعرضهن للوفاة مقارنة بالحوامل اللواتي يعشن في الوسط الحضري، وهناك أيضا مشكل نقص تغذية الأطفال، وعدد من المشاكل الأخرى”.
ويصل المعدل العام للوفاة في صفوف النساء الحوامل في المغرب إلى 72 في كل 100 ألف ولادة، ولكنه لا يزال مرتفعا في العالم القروي، إذ يصل إلى 111 في كل 100 ألف ولادة، مقابل 45 في المدن.
وأضاف المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أن هناك مشكلا آخر يؤثر سلبا على الأسر القروية وعلى المجتمع ككل، يتمثل في التأخر في النمو لدى الأطفال، موضحا أن عدم الانتباه إلى هذا المشكل بعد ثلاث سنوات من ولادة الطفل، يُلازم الإنسان طيلة حياته بمختلف مناحيها، على مستوى التعليم، والصحة…
وتشير المعطيات الرسمية إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون من التأخر في النمو في المغرب، إذ يصل عددهم إلى 100 ألف من كل 700 ألف ولادة جديدة، نسبة كبيرة منهم إناث.
وقال دردوري: “هذا الموضوع نعالجه بصمت وبحزم في أعالي الجبال، لأن هذا المجال، للأسف، هو الذي يعاني أطفاله أكثر من هذا المشكل، حيث يصل مشكل التأخر في النمو في بعض الجماعات إلى 50 في المئة، ونحن نعمل على أن يكون أطفالنا في صحة جيدة، ويستفيدوا من تربية جيدة، سواء من طرف الأب أو من طرف الأم”.
وفيما يخص الاقتصاد الاجتماعي، قال دردوري إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كانت السباقة لتشجيع النساء على إنشاء التعاونيات، “ففي سنة 2005 (تاريخ إطلاق المبادرة) كان لدينا تقريبا صفر تعاونية وجمعية نسائية، واليوم لدينا آلاف الجمعيات والتعاونيات، ما مكّن النساء على الصعيد الوطني من الولوج إلى عالم الاقتصاد وسوق الشغل”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أنجزت عددا كبيرا من المراكز التي يتم فيها استقبال ومواكبة النساء اللواتي يعانين من الهشاشة، إضافة إلى تمكين فئات من النساء القاطنات في العالم القروي من الحاجيات الأولية والأساسية، كالماء الصالح للشرب الذي يُبدّد حيزا كبيرا من وقت النساء والفتيات القرويات ويُعد من بين الأسباب التي تحرم الفتاة القروية من التمدرس.
وفي خضمّ الجهود التي يبذلها المغرب للنهوض بوضعية النساء في المملكة، اعتبر المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أن إنجاح هذا الورش “يتطلب منا أن نخرج من إطار الشعارات إلى العمل. خصّْنا نقصو من الكلام ونزيدو في العمل”، مضيفا:
“علينا أن نحدد أهدافا معينة، وننكبّ على تنفيذها مع وضع سقف زمني واضح، ثم نحاسب أنفسنا”، قبل أن يختم بالقول: “هناك فوارق شاسعة بين العالم القروي والعالم الحضري يجب علينا أن نخجل منها”.
هسبريس