إصدار للشقاحين يحاكي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال

0 2

سنابل الأمل/ متابعات

 صدر عن دار البيروني، وبدعم من وزارة الثقافة، كتاب جديد للدكتورة ازدهار محمد الشقاحين بعنوان “اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند طلبة المرحلة الابتدائية: أسبابه، طرق تشخيصه، والحلول اللازمة”.

حيث يتناول الكتاب بشكل شامل هذا الاضطراب العصبي النمائي الذي يؤثر على الأطفال في مراحل نموهم المختلفة، ويسلط الضوء على أسبابه، أعراضه، أساليب تشخيصه، والإستراتيجيات العلاجية والتربوية المناسبة لمساعدتهم على تجاوز تحدياتهم.

وفي مقدمة الكتاب، توضح الدكتورة ازدهار الشقاحين أن اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه لدى الأطفال يُعدّ حالة عصبية تنشأ في مراحل نمو الطفل، تؤثر في نمو الدماغ وأدائه الوظيفي، مما يترتب عليه صعوبات معرفية وتواصلية وعاطفية. وتؤكد أن هذه الحالة قد تستمر حتى مرحلة البلوغ.

وتضيف المؤلفة أن هذا الاضطراب يتّسم بتداخل معقّد بين مجموعة من العوامل الوراثية، والعصبية البيولوجية، والبيئية. ويُوصَف بأنه اضطراب نمائي عصبي سلوكي، ومن أبرز أنواعه: اضطراب الانتباه المصحوب بفرط النشاط، وهو من الاضطرابات النفسية العصبية النمائية والسلوكية المعروفة في مختلف الثقافات والأقطار. ولا يقتصر ظهوره على مرحلة عمرية محددة، بل يشمل جميع الفئات العمرية.

وتشير الشقاحين إلى أن أعراض هذا الاضطراب تُكتشف غالبًا في مرحلة الطفولة أولًا، ثم يُلاحظ استمرارها لدى بعض البالغين. فقد أشار العالِم باركلي عام (1999) إلى أن نحو 70 % من الأطفال الذين يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه تستمر لديهم هذه الأعراض حتى مرحلة البلوغ، بل وحتى ما بعد البلوغ، إذا لم يتم علاجها.

وترى المؤلفة أن ما يميز تصنيف سيدمان وآخرين هو تحديدهم لثلاثة أنواع فرعية من اضطراب الانتباه المصحوب بفرط الحركة، وهي: اضطراب الانتباه المصحوب بفرط الحركة (ADHD).. اضطراب الانتباه المصحوب بفرط الحركة مع وجود صعوبات في التعلم. اضطراب الانتباه المصحوب بفرط الحركة مع وجود اضطرابات معرفية، حيث يعاني أفراد هذه الفئة من خلل وظيفي في عدد من العمليات المعرفية، نتيجة لاضطراب في بعض مناطق القشرة المخية، خصوصًا في الفص الجبهي وما قبل الجبهي.

وتضيف الشقاحين أن جوردن ستين يؤكّد ما جاء في تعريف باركلي، إذ يرى أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه يواجهون مشكلات تتعلق بالوظائف التنفيذية أثناء عملية التعلّم، وهو ما قد يُعيق نموهم الأكاديمي، ويجعلهم يعانون صعوبات في العمليات اللفظية المرتبطة باللغة (مشيرة عبد الحميد، 2015).

كما عرّف Seidman et al. (2004) اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه بأنه اضطراب سلوكي عصبي نمائي، يتميّز بعدة أعراض مترابطة، منها: ضعف القدرة على التركيز ومواصلة الانتباه، وارتفاع مستوى النشاط بدرجة غير مقبولة اجتماعيًا، مما ينعكس على شكل نشاط عضلي مفرط، وحركات سريعة تتسم بالقلق والعصبية. وأخيرًا، الاندفاعية، التي تظهر في صورة ضعف في التحكم الذاتي.

وتُبيّن المؤلفة أن يعقوب غسان (1995) أشار إلى أن نسبة انتشار اضطراب الانتباه المصحوب بفرط الحركة تتراوح بين

 3 % إلى 7 % من أطفال المرحلة الأساسية، وذلك بحسب طبيعة كل مجتمع. كما أوضح أن عدد المصابين بهذا الاضطراب في الولايات المتحدة يبلغ نحو خمسة ملايين طفل.

وتُشير الإحصاءات الأميركية إلى أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه يشكّلون ما نسبته 30 % إلى 70 % من مجمل الاضطرابات النفسية لدى الأطفال الذين يترددون على العيادات الخارجية والمستشفيات.

وعلى صعيد البيئة العربية، يُعد اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه من الاضطرابات واسعة الانتشار. فقد بيّنت دراسة أجراها عبد العزيز الشخص (1985) أن نسبة انتشار هذا الاضطراب في مصر تبلغ نحو5.71 % من الأطفال في مرحلتي الحضانة والمدرسة.

أما في السعودية، فقد أظهرت دراسة أجراها جمال الحامد (2002)، على عينة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (6-13) سنة، أن معدل انتشار الاضطراب يتراوح بين 12.6 إلى 16.7 %.

وتُضيف الشقاحين أنه، استنادًا إلى ما سبق، يتّضح أن اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه ينتشر بدرجة مرتفعة بين الأطفال مع مرور الوقت، مما يعكس الحجم الحقيقي لهذه المشكلة. وتبدو هذه القضية على قدر كبير من الأهمية، نظرًا للآثار السلبية المترتبة على هذا الاضطراب، والتي تظهر بشكل واضح في عجز في أداء الوظائف التنفيذية للدماغ.

وتشمل هذه الوظائف: كفّ الاستجابة (أي التحكم في الاندفاعية)، والتخطيط، والتنظيم، والذاكرة العاملة، وغيرها. وتُعدّ هذه الوظائف من العمليات العقلية العليا في الدماغ، وهي ضرورية للتفكير المنطقي، واتخاذ القرار، وحل المشكلات، والتنظيم السلوكي والانفعالي.

وتقول المؤلفة إن الآثار السلبية لهذا الاضطراب تظهر في ضعف القدرة على معالجة المعلومات، وضعف أداء الذاكرة العاملة بأنواعها (اللفظية والبصرية المكانية)، وعجز في مهارات الترميز في الذاكرة، ما يؤدي إلى صعوبات في القراءة، إضافة إلى عدم القدرة على كفّ الاستجابة (أي الاندفاعية).

كما تتجلى هذه الآثار في مشكلات انتباهية، مثل: صعوبة الاحتفاظ بالانتباه، والانتباه الانتقائي، وتنعكس جميع هذه المشكلات في تدنٍّ في مستوى التحصيل الدراسي وفشل أكاديمي.

ويصاحب هذا الاضطراب أيضًا عدد من المشكلات السلوكية، مثل: العدوانية، والعنف، والغضب الشديد، والسلوك الاجتماعي غير المناسب للموقف. ويتبع ذلك القلق، وتدني تقدير الذات، والإحباط، وضعف العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.

وتوضح الشقاحين أن التعامل مع الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتّت الانتباه يُعد تحديًا كبيرًا لأُسرهم، ولمعلميهم في المدرسة، وكذلك للأطفال أنفسهم. وهذا يشير إلى أن الاضطراب ذو طابع سلوكي واضح لدى الأطفال ذوي النشاط المفرط والاندفاعية، حيث لا يستطيعون التركيز في نشاط معين لأكثر من دقائق معدودة.وتشير أيضًا إلى أن نسبة الإصابة بين الذكور أعلى من الإناث، خاصة في البيئة المدرسية.

وتوضح الشقاحين أن التعامل مع الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتّت الانتباه يشكل تحديًا كبيرًا لأهاليهم، ولمدرسيهم في المدرسة، وكذلك للطفل نفسه. وهذا يدل على أن الاضطراب يُعتبر مشكلة سلوكية لدى الأطفال مفرطي النشاط والاندفاع، إذ لا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق معدودة. وتشير الإحصاءات إلى أن الذكور يصابون بهذه الحالة بنسبة أعلى من الإناث في المدارس.

كما تشير المؤلفة إلى وجود صعوبة في تحديد اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، نظرًا لتعدد النظريات حوله، مما أدى إلى اختلاف في التفسيرات لأسبابه. فمن هذه التفسيرات ما يُعزى إلى الجانب الفسيولوجي، ومنها ما يُعزى إلى الجانب الوراثي، ومنها ما يتعلق بالجوانب البيئية.

ولعلّ أكثر ما يحير الباحثين هو كيفية التخلص من الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب، التي تسبب إزعاجًا للطفل نفسه ومن حوله. إذ يعاني هؤلاء الأطفال صعوبة في تنفيذ خطط أدائهم الأكاديمي والسلوكي في حياتهم اليومية، مما يجعلهم أكثر عرضة للمشكلات السلوكية، والانفعالية، والاجتماعية، إضافة إلى اضطراب السلوك الذي يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع؛ إذ قد يؤدي إلى سلوك إجرامي أو معادٍ للمجتمع.

أما الاضطرابات الداخلية والانفعالية، مثل القلق والاكتئاب، فغالبًا ما يتم إغفالها رغم أهميتها الكبيرة في تقييم هذا الاضطراب.

ثم تتحدث المؤلفة عن التباين في أساليب التدخل المستخدمة مع هؤلاء الأطفال لتنظيم جوانب الخلل لديهم، كما أكدت دراسة Miller et al. (2013) التي أثبتت فاعلية التدريب على مهام الوظائف التنفيذية في زيادة القدرة على الانتباه. كما أشارت دراسة Tamm et al. (2015) إلى أهمية هذا النوع من التدخل.

ويتميز اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه بعدة أعراض، منها: قصور أو صعوبة في الانتباه، ونشاط زائد، ويتجلى ذلك في عدم إكمال المهام المطلوبة، ونسيان أداء الأنشطة اليومية، وفقدان الأدوات الشخصية، وتجنب أداء المهام التي تتطلب وقتًا طويلًا لإتمامها، وشرود الذهن، والتململ، وعدم الاستقرار في المكان لفترات طويلة، والتحدث بكثرة وبشكل مفرط، والتهور، والتسرع في ردود الأفعال أو اتخاذ القرارات.

وقد عرفه الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس الصادر عن جمعية الطب الأمريكية (DSM-IV) بأنه اضطراب يتميز بحركة دائمة للطفل، مع صعوبات في التركيز، وانخفاض في المهارات الاجتماعية، وممارسة سلوك عدواني. ويتم تشخيص هذا الاضطراب خلال فترة زمنية لا تقل عن ستة أشهر.

كما تشير المؤلفة إلى بعض السمات التي يميز بها عادة الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، والتي يمكن للمعلم أو الأهل ملاحظتها بدقة عند مراقبتهم في مواقف متنوعة ومتكررة، ومنها أن مركز تحكمهم خارجي، ونمط دافعيتهم خارجي، وأسلوب تعلمهم سطحي، وفاعلية الذات لديهم منخفضة، وقدراتهم التكيفية محدودة، إضافة إلى ضعف علاقاتهم الاجتماعية.

أما في خاتمة هذا الكتاب، فتقول الشقاحين إن هناك اختلافا حول العوامل المسببة لاضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، ودور العوامل الوراثية والجينية والعصبية في الإصابة بهذا الاضطراب. وعلى الرغم من ترجيح دور العوامل الوراثية والجينية كونها المسؤولة الرئيسية عن الإصابة، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية العوامل الأخرى في حدوثه.

وتشير المؤلفة إلى تعدد المصطلحات المستخدمة للإشارة إلى الوظائف التنفيذية، فمنها “العمليات التنفيذية” و”القدرات التنفيذية”. وقد استُخدم مصطلح “الوظائف التنفيذية” ليكون المصطلح الأعمّ، الذي يشمل المفهومين الآخرين، إذ تُعد الوظائف التنفيذية عمليات يؤديها الفص الجبهي الأمامي من الدماغ، كما تمثل قدرات يتمتع بها الفرد نتيجة عمل ذلك الفص.

وخلصت المؤلفة إلى ضرورة تنوّع الإستراتيجيات التدريسية والعلاجية لتشمل خصائص الأطفال ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، وكذلك معالجة قصور الوظائف التنفيذية. ويجب انتقاء الإستراتيجيات التي تتناسب مع أعمار الأطفال المختلفة، بهدف الوصول إلى أساليب تعليمية وعلاجية تحقق تحسّنًا في خصائصهم وسلوكهم. وتُعد هذه الاستراتيجيات من المصادر المهمة في إعداد الجلسات التدريبية المضمنة في البرنامج العلاجي، كما تساعد في تحديد أهداف كل جلسة ومحتواها، وفقًا للخطوط الإرشادية الخاصة بهذه الإستراتيجيات.

صوره لكتاب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند طلبة المرحلة الابتدائية: أسبابه، طرق تشخيصه، والحلول اللازمة”

 

جريدة الغد

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق