سنابل الأمل/خاص
بقلم: د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
وسط إيقاع الحياة المتسارع، وتزاحم المسؤوليات اليومية، يظل لفعل المعروف أثرٌ لا يُمحى، وبصمةٌ تتجاوز الزمان والمكان، لا يدرك قيمتها إلا من عاشها أو كان سببًا فيها.
إن من أكرم العطايا التي يمنّ الله تعالى بها على عباده أن يجعلهم محلًّا للرجاء، ووجهةً لطالبي العون، وأهلًا لأن يُطرق بابهم عند الحاجة، لا أن يطرقوا أبواب الناس. فحاجة الآخرين إليك نعمة تستوجب الشكر، ودليل على رصيد من الثقة والمواقف الطيبة التي تسبق الحضور وتبقى بعد الغياب.
الكلمة الطيبة قد تُحيي قلبًا، والابتسامة الصادقة قد تفتح أبواب الرجاء، والمعروف الصغير قد يُحدث تحوّلًا في حياة إنسان.
إنها أفعال بسيطة في ظاهرها، لكنها عظيمة في ميزان القيم والإنسانية، وعمق الأثر.
قال رسول الله ﷺ:
“خير الناس أنفعهم للناس”
حديث يختزل المعنى، ويؤكد أن قيمة الإنسان لا تُقاس بمكانته أو جاهه، بل بما يتركه من أثر طيب في حياة الآخرين.
المعروف لا يُؤجَّل، ولا يُشترط عليه الشكر، ولا يُقيَّد بظرف أو زمان. الأثر الجميل لا يحتاج إلى إعلان، لأنه يُحفر في القلوب ويُذكر عند الشدائد، ويظل شاهدًا على صدق صاحبه.
وفي زمن تزداد فيه الحاجة إلى الرحمة والتراحم، تأتي دعوة كل مصلح ومؤمن بواجبه المجتمعي:
اصنع المعروف، وازرع الأثر، وكن من أولئك الذين يُضيئون دروب الناس بطيب فعلهم ونقاء سريرتهم.
فما دام في العمر بقية، فلنغتنم فرص الخير، ولنجعل من أقوالنا وأفعالنا طريقًا إلى محبة الناس ورضا ربّ الناس.