فجوة التشخيص: تسعة من كل عشرة بالغين مصابين بالتوحد قد لا يحصلون على الدعم اللازم
سنابل الأمل / تحرير
كشفت دراسة حديثة عن فجوة مقلقة في تشخيص التوحد، حيث تشير التقديرات إلى أن الغالبية العظمى من البالغين المصابين بالتوحد، وخاصة كبار السن، قد لا يحصلون على التشخيص اللازم، مما يحرمهم من الدعم والخدمات الصحية الحيوية. هذه الدراسة، التي حللت بيانات السجلات الصحية، توصلت إلى أرقام صادمة تُظهر مدى انتشار ظاهرة نقص التشخيص.
أرقام صادمة وتأثيرات واسعة النطاق
قدّرت الدراسة أن 9 من كل 10 بالغين مصابين بالتوحد لم يتم تشخيص حالتهم بعد، وهو ما يُمثل نسبة 89.3% من البالغين في الفئة العمرية بين 40 و59 عامًا. وتزداد هذه النسبة بشكل كبير مع التقدم في العمر، لتصل إلى 96.5% لمن هم بين 60 و70 عامًا. هذه الأرقام تتناقض بشكل حاد مع معدل نقص التشخيص لدى الشباب دون 19 عامًا، والذي يبلغ 23.3% فقط.
يُشير الخبراء إلى أن هذا النقص الهائل في التشخيص له عواقب وخيمة، أهمها:
_ الحرمان من الدعم: يفقد البالغون غير المشخصين فرصة الحصول على الدعم الصحي والاجتماعي المناسب، مما يجعلهم أكثر عرضة لمشاكل مرتبطة بالعمر مثل العزلة الاجتماعية وتدهور الصحة.
_ تشويه فهمنا للتوحد: تؤكد الدراسة أن نقص التشخيص هذا يعني أن جزءًا كبيرًا من أبحاث التوحد قد أغفلت نسبة هائلة من السكان المصابين، مما قد يُشوّه فهمنا لكيفية تطور التوحد مع التقدم في السن ويخلق فجوات حرجة في السياسات والخدمات الصحية.
التحديات تختلف مع العمر
فهم احتياجات المصابين بالتوحد مع التقدم في السن يمثل مصدر قلق عالمي للصحة العامة. فمع مرور الوقت، تتغير طبيعة التحديات التي يواجهونها. فالمصابون بالتوحد في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية مثل مرض باركنسون، والتهاب المفاصل، وأمراض القلب، بالإضافة إلى زيادة خطر إيذاء النفس.
التفاوت بين الجنسين والتمويه الاجتماعي
سلّطت الدراسة الضوء أيضًا على وجود تفاوت في معدلات التشخيص بين الجنسين، حيث تُظهر النتائج أن معدل نقص التشخيص لدى الرجال أكبر من النساء في الفئة العمرية بين 40 و59 عامًا (91.5% للرجال مقابل 79.48% للنساء).
تُشير دراسات أخرى إلى أن تشخيص التوحد لدى الفتيات والنساء غالبًا ما يُغفل لأن أعراضهن تكون أقل وضوحًا من أعراض الأولاد، نظرًا لقدرتهن الأكبر على إخفاء سمات التوحد من خلال ما يُعرف بـ “التمويه الاجتماعي”. يشمل هذا السلوك محاكاة الإشارات الاجتماعية، وقمع السلوكيات التحفيزية الذاتية، وهو ما يُصعّب اكتشاف التوحد لديهن.
في الختام، تُعد هذه الدراسة بمثابة دعوة للاستيقاظ لتسليط الضوء على الفجوة الكبيرة في تشخيص التوحد لدى البالغين، مما يُبرز الحاجة الملحة إلى زيادة الوعي وتطوير آليات أفضل للكشف عن التوحد في مراحل متقدمة من العمر لضمان حصول جميع المصابين به على الدعم الذي يستحقونه.