تشريعات لا تلبي احتياجات 357 ألف شخص معوق في تونس
سنابل الأمل / متابعات
أحصت سلطات تونس في آخر تعداد سكاني 375,600 شخص معوق، ما يشكل 3,3% من مجموع سكان البلاد، من بين هؤلاء 1.2% لديهم إعاقات متعددة، كما أظهرت البيانات أن مؤشر الصعوبات التي يعاني منها المعوقون يصل إلى 8,9%، وهي صعوبات تتعلق أساساً بالحركة والرؤية.
وتؤكد البيانات التي كشفها معهد الإحصاء (حكومي) مواجهة هذه الفئة لصعوبات متعددة تعرقل اندماجهم المجتمعي نتيجة غياب البنية التحتية اللازمة لتسهيل الحركة والتنقل، ولا سيما كبار السن منهم. في حين تطالب منظمات مختصة بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة بإعادة النظر في السياسات الحكومية الخاصة بالتعامل مع المعوقين، وتقليص الصعوبات التي يتعرضون لها عبر تأهيل البنى التحتية، ومن بينها وسائل النقل، ما يسهل اندماجهم المجتمعي والاقتصادي.
وتقول الكاتبة العامة للمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة، بوراوية العقربي، لـ”العربي الجديد”، إن “مؤشر الصعوبات الذي نشره معهد الإحصاء بناء على نتائج التعداد العام للسكان، يظهر الأوضاع الصعبة التي يواجهها أصحاب الاحتياجات الخاصة، وأغلبها تتعلق بالحركة والرؤية، وبدرجة أقل صعوبات السمع والإدراك، كما أن مؤشر الصعوبات يزداد حدة لدى المعوقين من سكان الأرياف”.
ووفق البيانات الرسمية، يفوق عدد الحاصلين على بطاقات الإعاقة في الوسط الريفي نظراءهم في الوسط الحضري، إذ تصل النسبة في الريف إلى 2,1% من مجموع السكان، مقارنة مع 1,4% من سكان المدن والأوساط الحضرية. وتستند تونس منذ عام 2005، إلى قانون توجيهي لرعاية حقوق ذوي الإعاقة وضمانهم، إضافة إلى بنود الدستور، والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة.
وترى العقربي أن “واقع ذوي الإعاقة يخالف ما ينص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية، فهناك حواجز حقيقية تحول دون تأمين حقوقهم الأساسية، وأبرزها الصحة والتعليم والنقل، ولا يزال قانون 2005 يواجه صعوبات على مستوى التطبيق في ظل نقص الإمكانات المالية والأرقام الدقيقة حول وضعية المعوقين وتصنيفاتهم، بينما أي إصلاح يجب أن ينطلق من تشخيص دقيق لحاجيات هذه الفئة، وبمساهمة فعالة منها.
البيانات الحديثة بشأن العدد والتصنيف وخريطة الوجود الجغرافي يمكن أن تشكل قاعدة لبناء استراتيجية جديدة في التعامل مع المعوقين، وتوفير الرعاية لهم، والعمل على إيجاد ظروف حياة أفضل للأجيال الجديدة منهم”.
ويُعد من تجاوزوا الثمانين سنة الفئة الأوسع من بين أصحاب الإعاقات المتعددة، وتصل نسبتهم إلى 27,5% مقابل نسبة لا تتعدى 1,1% في الفئة العمرية ما بين 5 و14 سنة. وتقول العقربي إن “محدودية نسب المعوقين الأطفال توجب تحسين مناخات عيشهم، وتطوير نسب إدماجهم اجتماعياً”.
وفي بداية العام الحالي، قدم برلمانيون مقترحي قانونين لتنقيح القانون التوجيهي لسنة 2005، إلى جانب مقترح ثالث لتطوير لغة الإشارة وتعميمها لفائدة فاقدي السمع، وتضمنت مقترحات القوانين الثلاثة بنوداً تنص على تحفيز ودعم مبتكري الأجهزة الخاصة بذوي الإعاقة مادياً ولوجستياً، وتحسين الامتيازات التي تتوفر لحاملي بطاقة الإعاقة، ومن بينها الحصول على المساعدة القضائية المجانية، وتمكينهم من منحة مالية شهرية لا تقل عن 100 دولار، وتصل إلى 130 دولاراً للعاجزين عن العمل منهم.
كما تنص المقترحات على رفع حصة توظيف ذوي الإعاقة في القطاع الحكومي من 2 إلى 5% من مجموع الوظائف التي توفرها الدولة سنوياً، على أن تكون الأولوية لمن لديهم مؤهلات دون اعتبار للسن القانوني للتوظيف. وتنص القوانين المقترحة أيضاً على منح ذوي الإعاقة إعفاءات ضريبية شاملة على توريد الأجهزة والمركبات التي يمكن تفويض أحد أفراد العائلة لقيادتها في الحالات التي تتعذر فيها القيادة، على غرار فقدان البصر.
البرلمان التونسي يدرس امتيازات جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة
وفي مقابل الحرص البرلماني على تطوير التشريعات الخاصة بذوي الإعاقة، وإجراء تعديلات على القانون التوجيهي الساري، ترى الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق المعوقين أن القانون لم يعد صالحاً بعد 20 عاماً على إصداره، مطالبين بفتح حوار وطني حول وضعية المعوقين، تفضي إلى سن تشريعات جديدة أكثر ملائمة لاحتياجاتهم.
وترى بوراوية العقربي أن “تنقيح القانون لا يمكن أن يصوّب الأخطاء الأساسية في التعامل مع المعوقين، رغم كل محاولات الدمج التي سعت الدولة إلى القيام بها على مدار الـ20 سنة الماضية، وربما يتسبب في هدر حقوق أجيال جديدة من أصحاب الاحتياجات الخاصة، بينما يوفر التطور العلمي والرقمنة والذكاء الاصطناعي حلولاً مبتكرة للارتقاء بأوضاعهم”.