سنابل الأمل
قد تكونين واحدة من بين ملايين الأمهات اللاتي يهجسن بسلامة أطفالهن من مرض التوحّد وقد يتبادر السؤال الشائع: ما هو الفرق بين الطفل الطبيعي والمتوحّد؟
في هذا المقال نحاول أن نحدد الفرق بين الطفل الطبيعي وطفل التوحّد، ونتوقف مع أعراض وعلامات اضطراب التوحّد وطرق علاج التوحّد.
كيف يمكنني تمييز الطفل الطبيعي عن طفل التوحّد؟
يكمن الفرق بين الطفل الطبيعي وطفل التوحّد في طبيعة الانفعال البادي على كل منهما، ويُقصَد بالانفعال الاستجابة للمؤثرات من حوله. ففي الوقت الذي يتجاوب فيه الطفل الطبيعي مع من يناديه باسمه، فيلتفت إليه ويحاول التعاطي معه غضباً أو فرحاً أو انفعالاً، فإن طفل التوحّد لا يلتفت ولا يظهر استجابة مناسبة
يعتبر الاتصال البصري من أهم العلامات للطفل الطبيعي مقارنة بالطفل المتوحد، حيث يعاني أطفال التوحد من صعوبات في الاتصال البصري والتركيز بالنظر.
كما أن الطفل الطبيعي لا تظهر عليه علامات طفل التوحّد من حيث إعادة الحركات نفسها، والإمساك بمتلازمات لفظية وتكرارها طوال الوقت، بل يتصرف باعتيادية وطبيعية غير لافتة للنظر.
عدا عن كون طفل التوحّد يعاني عصبية لافتة تصل حد الغضب في حال حاول أحدهم تغيير الروتين اليومي له، فيما الطفل الطبيعي لا يعاني من هذه الحالة.
ولعل الملمح الأبرز لطفل التوحّد، بعكس الطفل الطبيعي، هو ميله نحو الانزواء والانعزال ورفضه التعاطي مع أقرانه بشكل لافت، حيث تعتبر صعوبات التفاعل الاجتماعي من العلامات المميزة للطفل المتوحد مقارنةً بالطفل الطبيعي.
بالإضافة لكون طفل التوحّد يعاني في مرات كثيرة من صعوبات في النطق، لكن هذا ليس مقياساً دقيقاً؛ إذ قد يصاب الطفل الطبيعي بصعوبات في النطق، لكن الحالة ذات خصوصية لدى طفل التوحّد، ويجب استشارة الطبيب لتقييمها وتشخيصها.
لا يبدي الطفل المتوحد اهتماماً كبيراً بالألعاب وخاصة الألعاب الجديدة، حيث يميل إلى التركيز على لعبة واحدة وتظهر عليه العدوانية في حال محاولة أخذها منها، فيما تلفت الألعاب الجديدة الطفل الطبيعي ويميل الأطفال لترك ألعابهم القديمة عند ظهور لعبة جديدة أو ملفتة أكثر.
وقد قدّمت الخبيرة التربوية في موقع حِلّوها 9 نقاط رئيسية تميّز طفل التوحد عن الطفل الطبيعي، في إجابتها على سؤال إحدى الأمهات عن الفرق بين الطفل الطبيعي والطفل المتوحّد، يمكنكم مراجعة الاستشارة الكاملة من خلال النقر على هذا الرابط.
ما هو تعريف مرض التوحّد؟
مرض التوحّد هو اضطراب في نمو الجهاز العصبي للإنسان، ينتج عنه خلل في نمو وتطور بعض القدرات العقلية على رأسها اللغة والمهارات الاجتماعية والقدرة على التخيل.
وعلى الرغم أن أسباب التوحد لا تزال مبهمة وغير مؤكدة، لكن الأطباء يرجحون أن العوامل الوراثية وظروف الحمل وما حول الولادة تلعب دوراً كبيراً في الإصابة باضطراب التوحد، مثل الولادة المبكرة ونقص الأوكسجين عند المولود، والاستعداد الوراثي.
يُسهم التشخيص المبكر للتوحّد في التخفيف من وطأته على حياة الطفل، ومن تأهيل طفل التوحد لينخرط في الحياة الطبيعية بشكل معقول إلى حد ما، إن أفلح الوالدان في الحصول على تشخيص مبكر، وليس التغاضي عن الأعراض واعتبار أن عمر الطفل هو الذي يجعله لا يتعاطى مع الانفعالات. وتشخيص التوحّد بالنسبة للطبيب ليس صعباً، بل بوسعه ربط الأعراض ببعضها بعضاً وإخضاع الطفل لفحوصات معينة من شأنها أن تشير للمرض، وبالتالي إرشاد الوالدين لكيفية العلاج، سواءً كان هذا من خلال الأدوية أو من خلال التأهيل أو الأمرين معاً، بالإضافة لإحالته لخبير نطق يساعده على الكلام بشكل أفضل. كما يقوم الوالدان حينها بإلحاقه بمدرسة خاصة بأطفال التوحّد؛ ذلك أنهم يتلقون نمط تعليم وتعامل متكيّف مع الحالة التي أصيبوا بها.
ما هي أعراض التوحد؟
تتعدّد أعراض التوحّد لدى الطفل من خلال أمور وسلوكيات عدة، وحده الطبيب القادر على حسمها بشكل نهائي؛ ذلك أنها قد تتشابك وتتقاطع مع أعراض اعتلالات أخرى قد تصيب الطفل. لذا، فإن كلمة الفصل في تشخيص التوحّد هي لدى الطبيب.
سينتبه المحيطون بالطفل لبعض أعراض التوحّد، التي من الممكن أن تؤخّذ بادئ الأمر كما لو كانت نوعاً من دلع الأطفال أو تذاكيهم على الوالدين، كمثل عدم الردّ عند ندائه باسمه، وكذلك عدم إبدائه أي انفعال في حال حاولت الوالدة إضحاكه أو التعاطي معه فرحاً أو حزناً.
فيما يلي بعض أعراض التوحّد عند الأطفال:
من أعراض التوحد الشائعة تأخر النطق وعدم القدرة على اكتساب المهارات اللغوية في الوقت المناسب وبالشكل الاعتيادي، لكن تأخر الكلام عند الأطفال من الحالات التي تقف خلفها أسباب كثير غير التوحد، لذلك على الأهل استشارة الطبيب المختص.
يعاني طفل التوحد من صعوبات اجتماعية واضحة تتجلى بانخفاض قدرته على بناء العلاقات مع أقرانه أو مع أقاربه، ويرفض العناق والتواصل باللمس أو حتى التواصل البصري.
عدم تفاعل الطفل المصاب بالتوحّد مع الأهل، بدءاً من عدم استجابته عند مناداته باسمه ومحاولة لفت نظره، وليس انتهاءً بمحاولة إضحاكه او استفزازه أو حمله على اللعب أو التفاعل مع أي أصوات.
الغضب والعصبية عند محاولة تغيير الروتين اليومي الذي اعتاد عليه الطفل المصاب بالتوحّد، من قبيل تغيير مكان ألعابه أو محاولة نقله لكرسي آخر اعتاد الجلوس عليه أو محاولة تبديل لعبة يمسك بها، وهكذا.
تكرار بعض الحركات الجسدية بشكل لافت، كمثل تحريك اليدين بطريقة دائرية أو أرجحة الرجلين بطريقة معينة قد تستمر لساعات متواصلة، من دون أن يتوقف الطفل عنها، ومن دون أن يصرف انتباهه أو انفعاله نحو شيء آخر.
بالإضافة لتكرار الطفل المصاب بالتوحّد بعض المصطلحات أو الكلمات بطريقة متكررة وملحوظة، من دون توقف، عوضاً عن تنويع كلماته وحركاته وانفعالاته.
بوسع من يحاول تأمل طفل التوحّد أن يجد فرقاً بين تصرفاته وبين تصرفات الطفل الطبيعي من حيث الحركة والانفعال والتفاعل مع الآخرين والعالم من حوله، لكن الطبيب هو من سيفصل في الأمر ويتأكد من تشخيصه من ناحية طبية.
كانت إحدى المتابعات لموقع حلوها قد تساءلت عن أعراض التوحّد لدى الأطفال؛ ذلك أنها خشيت من مشي ابنتها على أطراف الأصابع ومتابعتها المستمرة للتلفاز، فأجابتها خبيرة تربية الطفل في موقع حِلّوها أن الأمور الأخرى التي ذكرتها عن طفلتها، من قبيل التفاعل مع الآخرين، تلغي احتمالية الإصابة بالتوحّد، ناصحة إياها عدم ترك الطفلة أمام التلفاز فترات طويلة؛ لما قد يسهم فيه ذلك من انفصالها عن الواقع. (السؤال بالتفصيل على الرابط)
كيف أعرف أن طفلي مصاب بالتوحّد؟
بوسعك معرفة ما إذا كان طفلك مصاباً بالتوحّد من خلال مراقبة سلوكياته، وتحديداً تلك المرتبطة باستجابته للمؤثرات من حوله، والانفعالات. ولكن من يحسم إصابة طفلك بالتوحّد هو الطبيب المختص الذي بوسعه تقييم الأمر من حيث الفحوصات ومن حيث اختبار الطفل وبالاحتكام لأمور أخرى كثيرة من بينها سؤالك عن التاريخ العائلي في حال كان المرض موجوداً سابقاً، ومن خلال إشراف طبيب الأطفال والطبيب المختص بالأعصاب لدى الأطفال.
وقد أشارت إحدى المتواصلات مع موقع حلوها لكونها قلِقة من إصابة طفلها بالتوحّد؛ بسبب ضعف نموه اللغوي، متسائلة عما إذا كان هذا من أعراض التوحّد، لتجيبها الخبيرة بتربية الطفل في حِلّوها أن هذه ليست علامات التوحّد، لكون هنالك تفاعل بين الطفل وأقرانه، وإن كانت الحالة قد تشير لصعوبات في النطق وهو ما يمكن تداركه. (السؤال بالتفصيل على الرابط)
ونحن بدورنا ننصح جميع الأمهات بالابتعاد عن الخرافات المرتبطة بأعراض التوحد، واللجوء إلى الحل الأسهل والأكثر فائدة وهو مراجعة الطبيب المختص.
هل يمكن الشفاء من التوحّد؟
تتساءل أمهات وآباء عما إذا كان هنالك علاج للتوحّد لدى الطفل المصاب، والحقيقة هي أن التأهيل الذي يخضع له الطفل، والتشخيص المبكر للتوحّد لدى الطفل، يسهمان في محاولة جعل الطفل ينخرط بقدر المستطاع في المجتمع، لكن عليك ألا تنسى أن الطفل المصاب التوحّد هو طفل قد تعرّض جهازه العصبي لخلل ما منذ كان جنيناً، وبالتالي فإن العلاج ينصبّ على محاولة تخفيف أعراض التوحّد ومحاولة مساعدة الطفل المتوحّد للانخراط في المجتمع بقدر المستطاع.
الشفاء من التوحّد يكون من خلال تأهيل الطفل ليندمج ضمن المجتمع انفعالياً وتفاعلياً إلى حد ما، ويكون هذا من خلال تدريبه وتأهيله على أيدي خبراء ومختصين، بالإضافة لتقويم صعوبات النطق لديه، ويكون هذا على يد خبراء في تقويم النطق لدى الطفل.
حين تتضافر الجهود هذه كافة: العائلة والأطباء والكوادر المختصة بالتأهيل سواءً كان تأهيلاً على صعيد النطق أو الانخراط في المجتمع، فإن النتيجة ستكون إيجابية إلى حد كبير، كما ستساعد الطفل المصاب بالتوحّد على التعايش مع ظرفه الصحي، لا سيما إذا ما أودعته العائلة في مدرسة خاصة بالأطفال المصابين بالتوحّد، والتي سيجد ذاته فيها منخرطاً بين أقرانه الذين يعانون من حالات متشابهة، ويتلقون برنامجاً تعليمياً وعلاجياً وتأهيلياً على درجة جيدة ومشهود لها بالخبرة.
هذه العوامل كلها قد تسهم في مساعدة طفل التوحّد على التعايش مع حالته وقد تساعد والديه على التعايش مع حالته وتأهيله ليكون قادراً، إلى حد ما على خدمة نفسه، وتزجية وقته وتحقيق ولو حد معين من التفاعل بينه وبين المجتمع من حوله