سنابل الأمل/ متابعات
نجح مسلسل «حالة خاصة» الذى يعرض حاليا على منصة «وتش ات» فى لفت الانظار وجذب اهتمام المتابعين، خاصة الأمهات اللاتى لديهن اطفال مصابون بالتوحد مثل حالة بطل العمل «نديم» العبقرى الذى ينجح فى ان يصبح محامياً ناجحاً ومشهورا،ً وهى الشخصية التى يؤديها الفنان طه دسوقي، ونجح المسلسل فى إلقاء الضوء على مرضى التوحد وطبيعتهم الخاصة وكيفية التعامل معهم وقدراتهم الخاصة وما يستطيعون الوصول إليه
أيمن صبور بطل سباحة الباراليمبية والذى احتفل بخطبته مؤخرا واحد من هولاء الحالات الخاصة فهو حائز على العديد من البطولات والميداليات الذهبية، وتحكى والدته د.ايمان رشاد عن تجربتها معه قائلة: لاحظت منذ صغره اهتماماته الرياضية فبحثت وعرفت أن أصحاب التوحد يتفوقون فى الألعاب الفردية عن الجماعية، فتوجهت على الفور لتدريبات السباحة، وبعد 4 أشهر فقط من التدريب حصل أيمن على ميدالية فى أول بطولة، وتوالت البطولات فى عام 2013 حصل على 3 ميداليات ذهبية فى البطولة الإقليمية للعرب وشمال افريقيا وحقق فيها ارقاماً غير مسبوقة فى 23 دولة، وأيمن بطل الجمهورية وكأس مصر حتى عام 2024 وآخر إنجازاته حصوله على المركز الرابع على العالم فى الـ200 متر دولفين والـ 200 متر متنوع وهو الرابع على العالم فى تصنيفات الباراليمبياد المتخصصة للإعاقات الذهنية.
وتقول د.إيمان إنها لم تكن رحلة سهلة خاصة أن لديها ابنا آخر من ذوى التوحد وهو أمير الذى يبلغ 21 عاماً الآن.. ومن واقع تجربتها تؤكد أن ذوى التوحد مختلفون تماما فليست هناك حالة مثل الأخرى، صحيح أنه تجمعهم بعض الصفات ولكنهم يختلفون فى أشياء كثيرة..
وبالطبع ذوو التوحد يختلفون عن بعضهم فى استيعابهم، فى درجة مشاعرهم، فى قدرتهم على التعلم، فى انخراطهم فى المجتمع.. فمثلا ابنى أيمن يستطيع ان يقيم فى معسكر المنتخب للتدريبات لمدة 9 اشهر، يؤقلم نفسه ويغير طريقة نومه وطريقة أكله ونمط حياته ومن يتعامل معهم.. أما «أمير» فهو لا يتحمل الزحام ولا الاصوات العالية او الإضاءة العالية أو الظلام، فكل حالة توحد تحتاج الى تعامل مختلف.
وعن قصة خطبة أيمن تقول الأم: إن أيمن بدأ يهتم برحمة خطيبته وهو فى الصف الثالث الثانوى فهما فى نفس المرحلة ويدرسان فى معهد سياحة وفنادق، وهى تعانى من قصور ذهنى بسيط، وتتدرب على السباحة أيضا، وكنت مهتمة بتسليط الضوء على خطوبة أيمن ونشر الصور على مواقع التواصل لأعطى أملاً للأمهات اللاتى يعشن نفس التجربة مع ابناء مصابين بالتوحد بأن مجهودهن لن يضيع وأنهن قد تصلن الى هذه النقطة وترينه عريسا.
د. أحمد حسنى استشارى الصحة النفسية والتخاطب وصعوبات التعلم والتوحد يقول إن هناك نماذج كثيرة ناجحة من اصحاب التوحد فى أكثر من مجال سواء فى الرياضة او الدراسة او الحياة العملية، والتوحد هو نوع من الإعاقات التى يمكن ان يولد بها الطفل أو يولد طبيعياً ثم يصاب بالتوحد فى سن متأخرة حتى 9 سنوات، وله درجات وفى العموم يعيش المتوحد دائما داخل شرنقته لا يريد سماع الأصوات الكثيرة التى حوله،وينطوى على ذاته، وطقوسه الخاصة وروتينه اليومى الذى يريحه.
وتتنوع درجات التوحد من الشديد الى طيف التوحد او التوحد الراقى الذى يصل مثلا لأن يكون محامياً كما فى مسلسل «حالة خاصة».. فالمتوحد لديه ذاكرة خارقة بعضهم يكونون مهندسين يمكنهم أن يقوموا بأى عملية حسابية مهما كانت قوتها.. وهناك حالة تستطيع فك أى شفرة، وهناك من يعرف المدة التى تستغرقها كل طائرة للوصول الى بلد وهو لم ير الخريطة وهناك حالة تعرف التوقيت فى اى دولة.. فهو له قدرة خاصة تفوقنا كطبيعيين، له ذاكرة خارقة تتركز فى الذاكرة البصرية، فأعينهم مثل الكاميرا فمنهم من يتعلم القراءة وحده لأنه يسجل بالذاكرة البصرية كل الكلمات ويستطيع أن يقرأها.
وبعضهم لديه ذاكرة مكانية أيضا خارقة لدرجة أنه يذهب إلى المكان مرة واحدة فيحفظه بتفاصيله لكنه لا يتواصل اجتماعيا وهو نمطى ومباشر، لا يفهم النكتة، يريد أسئلة مباشرة. ولو تعلم المهارات الاجتماعية والتأهيل المهنى يكون بارعاً، وأنصح دائما اهالى المتوحد أن يؤهلوه لعمل روتينى كأن يفتحوا له مكتبة او يعمل «كاشير» بمعنى ما يعمله يكرره ويتبرمج عليه ويتدرب.
وتدريب المتوحد وتأهيله يحتاج من الأهل الى وعى بالحالة والبدء على الفور فى التدخل المبكر، فبعض الأهالى يرفض الاعتراف بمشكلة الابن ويصرون على دخوله مدرسة عادية فتتراجع قدراته. والمتوحد يقترب من الطبيعى بالتدريب الممنهج والتأهيل وتوسيع المدارك والمعرفة، أما الغلطة التى يرتكبها الكثير من الأهالى فهى الاهتمام الزائد بالتعليم على حساب تنمية المهارات والمعرفة، بينما ما يجب ان نهتم به هو تواصله اجتماعيا وطريقة كلامه وتصرفاته.. ولزيادة المعرفة لدى المتوحد على الأهل تقع مسئولية كبيرة خاصة فى السن الصغيرة، فعلى الأم التى تلازم الابن اغلب الوقت توجيه اسئلة كثيرة له وتكون غير مباشرة لبرمجة عقله للتفكير الطبيعى.
ولمساعدة الطفل أيضا هناك ممنوعات كالموبايل او ان نتركه يعيد مقاطع معينة او اعلانات يشاهد الكارتون الصامت او بلغات اخرى، فالاجهزة مثل الكمبيوتر والموبايل تشتت الانتباه والتركيز وتقلل التواصل البصرى وتقلل الكلام ايضا.. وننصح دائما بالابتعاد عن الحلويات والمواد الحافظة لأنها تعطى طاقة زائدة وتقلل الانتباه، وعلى الأم ان تحكى للطفل كل تفصيلة تقوم بها، وتتأكد انه ينظر فى عينيها وتلفت انتباهه بأن تمسك وجهه من تحت ذقنه، وتستخدم وسائل مختلفة للفت انتباهه مثل اللعب بالإضاءة او الليزر للتواصل البصرى وتعرفه على افراد العائلة وتعلمه كيف يعبر عن نفسه، وعندما يكبر لابد من التأهيل حسب قدراته والبحث عن الوظيفة المناسبة له والتأهيل لها فى سن مبكرة.
الاهرام