في الثاني من أبريل دوما أطفال يستحقون عنايتنا!

سنابل الأمل / متابعات

عبدالحليم البراك

تخيل عزيزي القارئ أنه يمكنك أن تسمع وقع أقدام الآخرين حولك كما لو كان ديناصورا (يخبط) قدميه بقوة على الأرض، أو أن أصوات المفاتيح تعطيك صوت احتكاك عظيم جدا لدرجة القشعريرة المستمرة في جسدك، أو أن أصوات الناس وهي تتكلم عبارة عن ضجيج مرتفع جدا لا ينقطع لدرجة أنه يخترق طبلة أذنك أو أن صوت التلفزيون العادي الذي يسمعه كل الناس هو صوت مرتفع لآخر درجة في ريموت التلفزيون مما لا يمكنك من الاستماع ولا الإنصات ولا الاستمتاع بأي شيء مع هذه الأصوات المزعجة وتخيل أيضا – وهي الطامة الكبرى – أن تجتمع هذه الأصوات مرة واحدة ودفعة واحدة في أذنيك مما يعني أنك قريب جدا من حد الانفجار وكل هذا يحدث طوال اليوم وبلا انقطاع أو انخفاض أو وقت للراحة، هذا ما يسمعه بعض أطفال التوحد الذين يعانون من انزعاج من الأصوات مما يضطرهم لوضع أصابعهم في أذانهم بشكل مستمر لتخفيف حدة الصوت ويضع لهم أولياء أمورهم سماعات الأذن التي تحجب الضوضاء لتقليل هذه الأصوات في آذانهم، وحتى – على سبيل التجربة فحسب – أن تتفهم هذه الحالة لطفل التوحد، جرب أن تستمع لأصوات مزعجة لمدة دقائق فقط لتشعر بمعاناة أطفال التوحد اليومية وطوال حياتهم لتدرك ما يشعرون فيه ونساعدهم في تجاوزها!
برغم أنه قد مضى الثاني من إبريل وهو يوم التوحد العالمي الذي أقرتهم الأمم المتحدة للتوعية بأطفال التوحد لكن لا يمنع من تكرار الحديث عن طفل التوحد، وشاءت الأمم المتحدة تسليط الضوء على الحاجة للمساعدة على تحسين نوعية حياة الذين يعانون من التوحد حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى كجزء لا يتجزأ من المجتمع، وأن يكف العالم عن اعتبار أطفال التوحد بأنهم مجانين أو مختلين بل اعتبارهم جزء من المجتمع وأن من مسؤولية المجتمع والناس ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص أن تسهم في تقبلهم ومنحهم الفرصة في التعايش مع الحياة اليومية للناس وأن يمنحوهم الفرصة للاستمتاع بالحياة اليومية شأنهم شأن كل أطفال العالم الأصحاء!
في عام 2018م نشرت إحصائية بأن بين كل 59 طفل يولد طفل توحد واحد، وكان يعتقد فيما مضى أن بين كل 100 ألف طفل يولد طفل توحدي واحد، ولكن تم تعديل هذه الإحصائية ليس لأن الإصابة بالتوحد زادت بل لازدياد اهتمام العالم بالإصابة وتعريفها والكشف المبكر لها وسرعة تشخيصها وتصنيفها فزادت نسبتها وهذا يدل على أن هذه الإصابة موجودة معنا بشكل أو بآخر لكن ولأنه طيف متنوع ومتعدد فإنه يتراوح بين إصابة بسيطة وتنتهي بإصابة شديدة تصل إلى حد الإعاقة!
يعاني طفل التوحد من حساسية عالية إما من الصوت أو الضوء أو الروائح وهو يرفض الصوت المرتفع (يمكننا تفهم ذلك لطفل التوحد) أو يتكلم بصوت مرتفع (يمكننا تفهم ذلك أيضا) أو يكره الضوء أو يحب أن تكون الغرف مضاءة دوما حتى أوقات النوم (يجب تفهم ذلك) لكن، والجيد والمفرح أيضا أنه يمكنه التأقلم مع أصواتنا ويمكنه خفض صوته أو سماع أصواتنا المزعجة، وكذلك تطوير مهاراته والتعامل مع الناس والتعايش معهم بنسب مختلفة وطرق مختلفة بحسب الإصابة وذلك عن طريق التدريب فهو يستجيب للتدريب بشكل ممتاز أحيانا أو بشكل جيد أحيانا أخرى، ولذلك جدير بنا أن نقف معهم ونحبهم ونمنحهم جزء من وقتنا للعناية بهم وأيضا جزء من اهتمامنا المادي والمعنوي لتطويرهم وكسب أفراد جدد للمجتمع يستحقون عنايتنا!

عبدالحليم البراك

صحيفة مكة

Halemalbaarrak@

Comments (0)
Add Comment