صعوبات التعلم أزمة في «قلب» التطور الأكاديمي

سنابل الأمل/ متابعات

وصف تربويون صعوبات التعلم بـ«أزمة قلبية» تواجه التطور الأكاديمي وتعد من أبرز التحديات التي تواجه النظام التعليمي، حيث يعاني بعض الطلبة مشكلات تؤثر على قدرتهم على التحصيل الأكاديمي وتنعكس سلباً على صحتهم النفسية، هذا الأمر يحتم على المدارس والجهات التعليمية تبني استراتيجيات متعددة تسعى إلى توفير بيئة تعليمية تتيح لهؤلاء الطلاب فرصاً أفضل للتعلم والتطور. وأكد عدد من التربويين لـ«البيان» على ضرورة دعم الطلبة ذوي صعوبات التعلم بأساليب تعليمية شاملة ومتنوعة، تتيح لهم التفاعل مع أقرانهم في بيئة مشجعة.

 

تؤكد مهرة المنصوري، مسؤولة وحدة الاتصال بالتكليف في مركز الشارقة لصعوبات التعلم، أن المركز يحرص على التعاون مع المؤسسات لتعزيز مصلحة الطلبة وذوي صعوبات التعلم، وذلك من خلال ورش ومبادرات تهدف إلى معالجة القضايا التي تواجه هذه الفئة. وأشارت إلى أن جلسة تأثير الصحة النفسية على التحصيل الدراسي التي نظمها المركز بالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب استعرضت العلاقة بين الصحة النفسية والأداء الأكاديمي وتأثير الحالة النفسية على قدرة الطلبة على التعلم.

 

وأضافت أن الجلسة قدمت استشارات علمية وطرحت استراتيجيات للوقاية من الاضطرابات النفسية وآليات دعم الطلبة وأولياء أمورهم، بهدف توفير دعم شامل يعزز من قدرتهم على التحصيل الأكاديمي.

 

وأكدت وسام الكيلاني، أخصائية نفسية في مركز الشارقة لصعوبات التعلم أن خطوات تشخيص صعوبات التعلم لدى الطلبة، تبدأ بجمع المعلومات من خلال الأخصائي الاجتماعي، الذي يجمع البيانات حول الطالب مثل التقييم المدرسي ورأي المعلم، لضمان تكوين صورة شاملة ودقيقة.

 

وأشارت إلى أن ولي الأمر يُدعى لحضور مقابلة يتم خلالها مراجعة كل ما يتعلق بتاريخ الطالب، بدءاً من فترة الحمل وصولاً إلى تطوره اللغوي والحركي، بهدف مقارنة نموه بأقرانه وتحديد ما إذا كان هناك تأخير أو اختلاف في تطوره.

 

وأضافت أن التشخيص الأكاديمي يبدأ بعد سن السادسة، مما يسمح بتقييم المؤشرات الأولية لتحديد ما إذا كانت مشاكل الطالب تصنَّف كصعوبات تعلم أو تنتمي لأسباب أخرى، مثل الإعاقات الحسية.

 

كما أوضحت أن التقييم يشمل قياس نسبة الذكاء، الأداء الأكاديمي، وكفاءة الحواس مثل البصر والسمع، لضمان أن الحواس سليمة ولا تشكل عائقاً.

 

وأكدت أن المركز يستعين بأخصائيي اللغة والنطق لتقييم المهارات اللغوية، وكذلك أخصائيي العلاج الوظيفي لتقييم المهارات الحركية الدقيقة، مما يتيح للطلبة الذين يعانون من صعوبات تعلم الحصول على دعم متعدد الجوانب.

وشددت الدكتورة أمل بالهول الفلاسي، مستشارة الشؤون المجتمعية في مؤسسة وطني الإمارات، على أن الجلسة ركزت على العوامل النفسية والاضطرابات المؤثرة في الأداء الأكاديمي للطلبة.

 

تقييم شامل

وأكدت أهمية إجراء تقييم شامل للطلبة يشمل التقييم النفسي والقدرات الذهنية، مشيرةً إلى أن هذا التقييم يجب أن يتطرق لمهارات مختلفة مثل الكفاءة اللغوية والقدرات الحسية، وأن إشراك الأخصائيين في عملية التقييم يُعد ضرورياً لتحديد أي إعاقات غير مرئية، مثل الإعاقات السمعية والبصرية، التي قد تمر من دون ملاحظة وتؤثر بشكل غير مباشر على تحصيل الطالب.

 

وأوضحت أن توفير دعم إضافي للأسر والمعلمين يعد من الخطوات الأساسية لضمان أن الطلبة يحصلون على بيئة تعليمية داعمة تسهم في وقايتهم من الاضطرابات النفسية وتعزز من قدرتهم على التحصيل الأكاديمي.

 

بدورها، شددت شما الكتبي، أخصائية نفسية إكلينيكية في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، على أهمية التركيز على حملات توعوية وتثقيفية لدى الطلبة، مشيرةً إلى أن الصحة النفسية تأتي في مقدمة الأولويات قبل التحصيل العلمي، وأنه لا يمكن تحقيق صحة جسدية متكاملة للطلبة بدون استقرار نفسي، من خلال العمل على تدريب الكوادر التعليمية لدعم الطلبة بأساليب تتماشى مع قدراتهم، بعيداً عن التقييم الموحد، ولفتت إلى أن تقييم الطالب يجب أن يأخذ بعين الاعتبار نقاط القوة وصعوبات التعلم، إذ قد يمتلك بعض الطلبة مواهب أو قدرات تفوق أقرانهم، ما يتطلب تعاملاً خاصاً لتعزيز هذه الجوانب.

 

وأضافت أن المؤسسة تتعامل مع الحالات المحولة من المدارس أو من أولياء الأمور من خلال جلسات علاجية متخصصة، تشمل العلاج السلوكي والعلاج الأسري، وإلى أهمية إعداد خطط علاجية تشمل المنزل والمدرسة لضمان استمرارية الدعم للطالب، مما يسهم في تعزيز قدراته وتطوير مهاراته الأكاديمية والاجتماعية، ويحقق له النجاح في بيئة تعليمية شاملة.

 

ضمان النجاح

واعتبر تربويون أن صعوبات التعلم من التحديات الجوهرية التي يواجهها الطلاب في النظام التعليمي، وتتطلب استراتيجيات دقيقة ومتكاملة من المدارس لضمان نجاحهم، لافتين إلى أن التعرف المبكر على هذه الصعوبات وتقديم الدعم اللازم يسهم بشكل كبير في تحقيق نتائج إيجابية، وتسعى المدارس من خلال برامجها إلى تقديم بيئة تعليمية شاملة تضمن نجاح جميع الطلاب، خاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات التعلم.

 

من جهته، قال محمد مطاوع، المدير التنفيذي للشركة القابضة للتعليم: يبدأ التعامل مع صعوبات التعلم بتشخيص دقيق، حيث يتم تقييم الطلاب من خلال الملاحظة المباشرة والاختبارات المعتمدة، وتقييم كل طالب بطريقة شاملة، تشمل الملاحظة والاختبارات، لضمان فهم دقيق لاحتياجاتهم التعليمية، حيث يساعد هذا التقييم في تطوير خطة تعليمية فردية تتناسب مع صعوبات كل طالب.

 

وذكر أن صعوبات التعلم تشمل مجموعة واسعة من التحديات، مثل عسر القراءة، وعسر الكتابة، وصعوبات في الرياضيات، لذا، فإن فهم كل حالة على حدة يعد خطوة حيوية في تقديم الدعم المناسب، مؤكداً على أهمية وجود استراتيجيات تعليمية مرنة لصعوبات التعلم تتناسب مع احتياجات كل طالب، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام أساليب تدريس متنوعة، مثل التعلم النشط والتفاعلي، مما يسهم في تعزيز قدرة الطلاب على التعلم.

 

دور الأسرة

وأكد الدكتور هادي فاروق فراج، متخصص في صعوبات التعلم ودعم أصحاب الهمم، أهمية تعاون المدرسة مع أولياء الأمور في توفير دعم شامل للطلبة الذين يعانون صعوبات التعلم، وذلك من خلال عقد اجتماعات دورية مع الأسر لمناقشة تقدم الطلاب وتحديد الاستراتيجيات المناسبة لمساعدتهم في المنزل، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعكس أهمية دور الأسرة كشريك أساسي في عملية التعليم.

 

وذكر أن المدرسة يتمثل دورها في توفير موارد إضافية، مثل طريقة تدريس تتضمن اللعب، والمجموعات الدراسية لمساعدة الطلاب على تعزيز مهاراتهم، إضافة إلى تشجيع الطلبة على استخدام التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتسهيل التعلم، مثل التطبيقات التعليمية والألعاب التفاعلية، التي تحفز الطلاب على المشاركة وتعلم مهارات جديدة بطريقة ممتعة.

 

ووجه بالتركيز على خلق بيئة تعليمية مشجعة، واستخدام استراتيجيات متعددة الحواس لجذب انتباه الطلاب وتعزيز فهمهم للمحتوى، والاستمرار في العمل على تحسين برامجها لتعزيز التعلم الشامل، مما يسهم في نجاح الطلاب ذوي صعوبات التعلم وتطور قدراتهم.

 

البيان

Comments (0)
Add Comment