باحث عماني كفيف يحصل على الدكتوراه بأطروحة حول “حماية الأعيان المدنية في النزاعات المسلحة”

 

سنابل الأمل/ متابعات

نال الباحث العماني الكفيف عيسى بن ربيع بن حمد الهاشمي -الموظف بوزارة الداخلية- درجة الدكتوراه بتقدير “مشرف جداً” من جامعة محمد الأول بالمملكة المغربية عن أطروحته بعنوان: “حماية الأعيان المدنية أثناء النزاعات المسلحة”، وقد قدمت هذه الدراسة المعمقة تحليلاً شاملاً للتداعيات القانونية المتعلقة بانتهاك هذه الحماية، مسلطة الضوء على المسؤولية المترتبة على هذه الانتهاكات وعلى عمليات إعادة الإعمار في مناطق النزاع.

 

وتكتسب هذه الأطروحة أهمية خاصة في ظل التحولات الجوهرية التي يشهدها مفهوم الحرب في القرن الحالي، وما ينتج عنها من تصاعد في وتيرة العنف وتدمير ممنهج للممتلكات المدنية والثقافية، هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على الإطار القانوني الدولي والإنساني الذي يسعى لحماية المدنيين وممتلكاتهم من ويلات الحروب، مع تقييم دقيق لفعالية آليات التطبيق والعقاب الدولية. وقد سعت الأطروحة إلى الإجابة عن إشكالية محورية تتمثل في إمكانية ضمان الحماية الدولية لحقوق الإنسان عبر التدخل العسكري، في ظل تعقيدات الاتفاق على طبيعة الحقوق المنتهكة وطرق التصدي لها. كما ناقشت الدراسة علاقة النظام الدولي بعد الحرب الباردة بالتدخل العسكري الإنساني، ومفهوم هذا التدخل وتوازنه الدقيق مع سيادة الدول، فضلاً عن تحليلات حول فعاليته كبديل للدبلوماسية والطابع الانتقائي لبعض التدخلات، واعتمدت الدراسة منهجية تكاملية مركبة، شملت المنهج التاريخي لدراسة تطور التدخل الدولي، ومنهج دراسة الحالة بتحليل نموذجين هامين في كوسوفو وتيمور الشرقية، إضافة إلى المنهج المقارن لتقديم رؤى شاملة.

 

تكونت الأطروحة من بابين رئيسيين، تناولا جوانب متعددة من المواضيع، حيث ركّز الباب الأول على التدابير الاحترازية لحماية الأعيان المدنية، ركز على أهمية الثقافة والدين في تعزيز السلام وكيف يمكن أن يؤديا، في المقابل، إلى تدمير متعمد للأعيان المدنية بهدف محو هوية الخصم. كما تناول هذا الباب مفهوم الأعيان المدنية والقواعد القانونية التي تحميها بموجب اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، بالإضافة إلى تحليل انتهاكات حماية الأعيان المدنية أثناء الاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق كدراسة حالة، بينما ناقش الباب الثاني إعادة الإعمار والمسؤولية القانونية المترتبة على انتهاك أحكام حماية الأعيان المدنية، تناول مفهوم جرائم الحرب والمسؤولية الدولية عن انتهاك حماية الأعيان المدنية، مع التركيز على التعويض عن الأضرار وإعادة الإعمار، كما بحث هذا الباب في المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد والدول، وتطرق إلى فروع إضافية تتعلق بالحماية الخاصة للمنشآت الصحية، والمواد الأساسية لبقاء المدنيين، والمنشآت الخطرة، والممتلكات الثقافية.

 

يذكر أن الأطروحة اختتمت بمجموعة من النتائج والتوصيات الهامة، مؤكدة على الحاجة الملحة لتعزيز فعالية آليات القانون الدولي الإنساني وتطبيقها الصارم لضمان حماية أفضل للأعيان المدنية أثناء النزاعات المسلحة، وهو ما يمثل خطوة أساسية نحو بناء عالم أكثر سلماً واستقراراً. تعد هذه الأطروحة إضافة قيمة للمكتبة القانونية، وتساهم في إثراء النقاش حول أحد أهم القضايا الملحة في القانون الدولي المعاصر.

Comments (0)
Add Comment