سنابل الأمل / متابعات
أصحاب إرادة وإصرار اختاروا أن يعيشوا حياتهم مثل بشر طبيعيين، خلقهم الله سبحانه مصابين بإعاقة في إحدى حواسهم وقد تكون أغلبها مصابة، ولكن هذا لم يعق وصولهم إلى أحلامهم وتحقيق النجاح، فإن كان الله قد أخذ منهم شيئا فإنه أعطاهم ما يساعدهم على إحراز أهدافهم، تحدوا الإعاقة فصارت أسماؤهم تلمع في السماء كالنجوم، لم يرضوا بأن يكون مرضهم أو إعاقتهم عائقا يحول بينهم وبين أحلامهم وطموحاتهم ،فقرروا أن يتخطوا كل الصعاب، إن قصص النجاح التي يحققها ذوو الهمم تحمل في طياتها رسائل عميقة تحث الفرد على عدم اليأس رغم الظروف والعقبات، وتجعله يعيد النظر في إمكانياته وقدراته، بل وتفرض حالة من التأمل في النعم التي يمتلكها.
أصحاب الهمم العالية الأقوياء
الكثير منا تنتابه حالة من الشفقة والحزن عند مشاهدة ذوي التحديات العقلية والحركية، وتنبع من داخله عبارات ومشاعر المواساة قد يظهرها في بعض الأحيان لأهالي تلك الحالات بالكلمة الطيبة أو الدعاء للتخفيف عنهم، وقد تكون تلك المواساة صامتة كامنة في داخله دون إظهارها، ليقول في قرارة نفسه “أعانهم الله على ما ابتلاهم به”، لكن الكثير لا يعلمون أن أباء وأمهات هذه الفئة ورغم الألم والمعاناة التي يعيشونها فهم يرون في أبنائهم التفاؤل والأمل والإيمان بالقدر المكتوب من الله تعالى، ويعلمون جيدا أن ابتلاء خالقهم، عز وجل، على قدر حبه لهم ويدركون أن أطفالهم ما هم إلا ملائكة بينهم لكنهم يعيشون في عالمهم الخاص بهم، تنظر إليهم وينظرون إليك بود مبتسمين لا تعرف سر ابتسامتهم ولا معناها، بالطبع يعرفون لماذا ابتسموا عندما تجالسهم، تجد البراءة والنقاء تملأ المكان وتشعر بارتياح كبير قد لا يشعر به مع الأصحاء لأنك تعلم أنك بين قلوب بيضاء لا تعرف حقدا أو كراهية، قلوب لا تعرف إلا الصدق والعفوية، نحن من يستحق الشفقة لا هم، ونحن من يحتاجهم لا هم من يحتاجوننا، نحن من يلهث في هذه الدنيا خلف الراحة والسعادة وهم من يمتلكونها، هم المتصالحون مع أنفسهم بطيبتهم وقلوبهم الطاهرة، هم أصحاب الهمم العالية الأقوياء، يكفيهم فخرا أنهم يبتسمون رغم الألم ونحن نبكي دون معاناة، يكفيهم أن سعادتنا بأيديهم ولا يبخلون علينا بها، ونحن نبخل عليهم بأبسط الأشياء، يكفيهم أنهم ينظرون إلينا بود وحب وننظر إليهم بإزدراء، نعم نحن المعاقون لا هم.
ذوو الهمم يحوّلون الصعوبات إلى قصص نجاح
بعض دروس الحياة نتعلمها من قصص الآخرين، نتذكر أن هناك أشخاصا قد ولدوا أقل حظا من الآخرين، ولكن هناك قصص تثبت أن الأشخاص الأقل حظا، سواء على الصعيد المادي أو المعنوي، تتولد منهم أفكار وقصص نجاح ملهمة، خاصة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كما يطلق عليهم ذوي القدرات الخاصة، وهذا لأنهم بالفعل ذوي قدرات عالية وعظيمة وتفوق الكثير من الأشخاص الأصحاء، تزخر الجزائر بالعديد من الطاقات الشبابية من أصحاب الهمم في مختلف المجالات، حيث يملك هؤلاء الشباب حب التحدي وعشق الإنجاز، ومن الطبيعي أن توجد بعض العوائق التي من شأنها أن تقف في وجوهمم، إلا أن أصحاب الهمم دائما ما يتحدون الصعوبات ويحولونها إلى فرص لتحقيق أحلامهم.
النابغة صالح حمداني الأول وطنيا ضمن فئة ذوي الهمم في شهادة البكالوريا
تسلح التلميذ “صالح حمداني” من بلدية الذرعان ولاية الطارف، وهو من فئة ذوي الهمم بالاجتهاد والمثابرة خلال اجتيازه لامتحان شهادة البكالوريا دورة جوان 2025، وهو ما مكنه من بلوغ النجاح والتفوق أيضا من خلال إحراز أعلى معدل وطنيا لدى فئة ذوي الهمم بمعدل 18.29، وفي تصريحه لوسائل الإعلام أثناء تكريمه من قبل والي ولاية الطارف، محمد مزيان، رفقة السلطات المدنية والعسكرية بمنزله العائلي المتواجد بمركز بلدية الذرعان ولاية الطارف، قال النابغة صالح حمداني الذي زاول دراسته بثانوية “علاقي صالح بن طلحي” بالبلدية ذاتها، شعبة تسيير واقتصاد، لقد التزمت الاجتهاد منذ صغري، مبرزا بأنه تحدى إعاقته الحركية التي شلكت حافزا بالنسبة له ليثبت بأنه يستحق النجاح رغم الظروف، وعرج في حديثه على العناية الكبيرة التي أولتها إياه أسرته والطاقم الإداري والتربوي للثانوية التي كان يدرس بها، حيث وفروا له كل أسباب النجاح والتفوق، وذكر في سياق حديثه بأنه تم تكريمه سنة 2022 من قبل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بعد نيله شهادة التعليم المتوسط بمعدل عال، وأضاف أنه يتمنى أن يواصل دراسته الجامعية في مجال إدارة الأعمال والتسيير والمانجمنت والتأسيس مستقبلا لمشروعه الخاص.
من جانبها، اعترفت والدة التلميذ المتفوق صالح حمداني، بأنها تعيش فرحة لا توصف، مردفة بالقول ابني يتميز بالطموح والذكاء، فيما قال والده لقد بذل ابني جهودا كبيرة لإحراز هذه النتيجة، ومن جانبنا لم ندخر أي جهد لمساعدته في كل شيء وتلبية جميع احتياجاته.
وخير مثال على تحدي أصحاب الهمم الشاب محمد البالغ من العمر 29 سنة، حيث يعاني من إعاقة جسدية وشلل دماغي بسبب خطأ طبي أثناء ولادته، إلا أن الشاب محمد لم يستسلم للإعاقة وتحدى جميع الصعوبات لكي يندمج مع المجتمع ويرسم لنفسه طريقا للوصول إلى ما يريد، يقول الشاب محمد إنه خلال دراسته لم يتعرض للمضايقات إلا عندما كان في المرحلة الابتدائية، موضحا أن التلاميذ في مرحلة الطفولة لا يعون كما يعي تلاميذ المتوسط والثانوي، حيث واجه الشاب محمد صعوبة في الاندماج مع التلاميذ في المراحل الدراسية، ولكنه تجاوزها بدعم من عائلته وأصدقائه، وبعدما أنهى المرحلة الثانوية وتحصل على شهادة البكالوريا التحق بالجامعة لإكمال دراسته الجامعية، ويضيف محمد أنه بعد إنهاء دراسته الجامعية التحق بالعمل بإحدى المؤسسات ولم تمنعه الإعاقة من تحقيق أحلامه وطموحاته، ولم تقف مسيرة محمد عند العمل فقط، بل إنه ناشط جمعوي في إحدى الجمعيات الخيرية التي تهتم بدعم أصحاب الهمم ومساعدتهم ماديا ومعنويا.
الشاب هشام لم تمنعه إعاقته من التفوق في دراسته
الشاب هشام، في عامه 20 سنة، مثال آخر لأصحاب الهمم العالية، يعاني هشام من إعاقة جسدية منذ الولادة لم تمنعه من تحقيق حلمه في التفوق في دراسته، بل بالعكس زادته إصرارا وعزيمة للوصول إلى أهدافه، يقول هشام أنه خلال دراسته في الابتدائي كان أول شخص يدخل المدرسة وبه إعاقة جسدية، حيث كان هناك تخوف من بعض المعلمين في طريقة التعامل معه إلا أن معلمته في الفصل كانت تعامله معاملة خاصة وتوفر له كل ما يحتاجه، نجح هشام في كل الأطوار الثلاثج بتفوق ونال شهادة البكالوريا بمعدل ممتاز، حيث يقول إنه اختار تخصص الإعلام الآلي، محققا بذلك أحد أحلامه التي عمل عليها تحت شعار “لا إعاقة مع الإرادة”.
الشابة شيماء تتحدى الإعاقة البصرية
الشابة شيماء قصة نجاح من ذوي الهمم، كان حلمها منذ صغرها أن تلتحق بالجامعة، حلم تحقق بعد الكثير والكثير من الصعوبات، ظلت تحلم وتعمل من أجل أن تحقق حلمها في إكمال دراستها، هي طالبة جامعية من ذوي الهمم ولدت غير مبصرة إلا أن الحلم والتحدي ساعدها على أن تكون مثال للطالبة المثابرة والناجحة، لم تفقد شيماء حلمها في أصعب اللحظات، حتى نجحت وتفوقت في دراستها وكانت ضمن الأوائل في تخرجها، تقول شيماء إن هذا النجاح الذي وصلت إليه سبقه المرور بالعديد من الصعوبات والمواقف التي جعلت لديها من التحدي ما دفعها للنجاح، وتضيف شيماء أن عائلتها كان لها دور كبير في الوصول إلى هذا النجاح، قائلة والدتي الغالية كانت الأم والأب بعد وفاة والدي، رحمه الله، وكانت الداعم الأكبر والأساسي لي، وأضافت شيماء أنها أصبحت شخصية يحتذى بها وقدوة للكثير من الشباب والفتيات في بلديتها، مضيفة أن الأساس في قصتها أنها وضعت لنفسها حلما وسعت من أجل تحقيقه، مشيرة إلى أنها كانت تجد كل الدعم من الأساتذة داخل الجامعة، الذين كانوا يدعمونها، تقول شيماء شكرا لكل من ساندني في تحقيق حلمي بإكمال دراستي الجامعية، وبعدها سأسعى للبحث عن منصب عمل يتماشى مع ظروفي الخاصة.
والي ولاية المدية يكرم النجباء من ذوي الهمم
أشرف والي ولاية المدية، جيلالي دومي، رفقة السيد رئيس المجلس الشعبي الولائي، على تنظيم حفل ولائي لتكريم التلاميذ المتفوقين في مختلف الامتحانات الرسمية، وخص الوالي في هذا الحفل التكريمي، تكريم أصحاب العزائم والهمم من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أكد على دعمه لهذه الفئة عبر فتح الأقسام الخاصة وتوفير كل الشروط اللائقة للمتمدرس بكل أريحية، موجها الشكر للأساتذة ومن خلالهم إلى كافة أعضاء الأسرة التربوية نظير جهودهم ومرافقتهم للتلاميذ، وهذا ما مكن من تحصيل هذه النتائج.
الحوار