سنابل الأمل/ خاص
بقلم: د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
حين تتزاحم الهموم، وتُرهق الأرواح بأعباء الحياة، تظلّ الابتسامة الصادقة أصدق ما يُعبّر عن جمال النفس ونقاء الروح. إنها رسالة نور في زمن العتمة، وهمسة طمأنينة وسط ضجيج القلق، وهدية لا تُشترى، بل تُمنح من القلب الصادق.
ابتسامتك السعيدة لا تُخفى، لأنها تنبع من أعماق قلبٍ مطمئن، موقن بأن بعد كل ضيقٍ فرجًا، وبعد كل عسرٍ يُسرًا، وأن الخير لا يموت، وإن تأخر مجيئه. إنها دليل على أنك تجاوزت الألم، وقرّرت ألّا تكون حبيسًا لحزنك، ولا أسيرًا لظروفك العابرة.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ﴾، فما كان اللين إلا في وجهٍ طَلْق، وحديثٍ طيّب، وابتسامة تُذيب جليد المسافات بين القلوب. وقال رسول الله ﷺ: “تبسُّمك في وجه أخيك صدقة.” تأمّل كيف جعلها النبي الكريم عملًا يُؤجر عليه العبد، مع أنها لا تكلّف شيئًا، لكنها تصنع أثرًا كبيرًا في كسر الجمود، وبناء جسور الألفة.
لقد رأينا في سِيَر الناجحين أن الابتسامة كانت سلاحهم الأول، يُقابلون بها الجهل بالحِلم، والغضب بالهدوء، واليأس بالأمل. فالابتسامة ليست مجرّد انحناءة شفاه، بل هي قرار بالتفاؤل، ورسالة بأن الحياة ـ رغم قسوتها ـ لا تزال تستحق أن نُقبل عليها بروحٍ مشرقة.
وفي زمنٍ كثرت فيه الوجوه العابسة، وتخشّبت فيه المشاعر، نحن أحوج ما نكون إلى من يُعيد للابتسامة معناها، ويغرسها في كل لقاء، وكل موقف، وكل زاوية من زوايا الحياة. فابتسم، لأنك بذلك تهب الآخرين طمأنينة، وتمنحهم أملًا، وتؤكّد أنك بخير… بل إنك بخيرٍ حقًّا.
ابتسامتك السعيدة لا تُخفى، فلا تبخل بها. فلعلها تكون سببًا في حياةٍ أجمل، لك ولغيرك، وفي نيل أجرٍ عظيم من ربّ العالمين.