طالبة مصرية ضحية جديدة.. كيف يمكن حماية التلاميذ من خطر التنمر؟

سنابل الأمل / متابعات

تتداول وسائل إعلام عربية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي قصصا مأساوية عن أطفال وتلاميذ تعرضوا للتنمر من أقرانهم، مما دفعهم إلى الانتحار أو إيذاء أنفسهم، بل إن بعضهم تعرض لأزمات قلبية أودت بحياتهم، كما حدث مع طالبة مصرية مؤخرا، والتي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها.فقد ذكر موقع “القاهرة 24” أن طالبة تدعى، رودينا، وتدرس في إحدى مدارس محافظات الجيزة توفيت إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة، عقب وقوعها ضحية للتنمر من قبل زميلاتها بالمدرسة، الأمر الذي تسبب لها في هبوط حاد بالدورة الدموية، خرت على إثره صريعة، ولفظت أنفاسها الأخيرة قبل نقلها إلى المستشفى.

وتلقت غرفة عمليات النجدة بالجيزة، إشارة من المستشفى تفيد باستقباله جثة إحدى الفتيات تبلغ من العمر 16 سنة، من دون إصابات ظاهرية، وبتوقيع الكشف الطبي عليها تبين أنها تعرضت لأزمة قلبية حادة، ولم يشتبه في وجود شبهة جنائية بالحادث.وبسؤال والدها عن ملابسات الحادث، قال إن ابنته طالبة الثانوي سقطت مغشيا عليها داخل شقتهم، بعد تعرضها لأزمة نفسية، بسبب مشادة كلامية حدثت بينها وبين زميلاتها بالمدرسة، وتوقفت عن الحركة والتنفس، فطلب سيارة الإسعاف ونقلها إلى المستشفى لكنها كانت قد فارقت الحياة قبل وصولهم.

●”تسلط الأقران”و”تسلط الأقران”

قس المدارس هو نوع من التنمر الذي يحدث في البيئات التعليمية. ولكي يصنف تنمرا يجب أن يستوفي عددا من المعايير وتشمل النية العدائية والتكرار والمضايقة والاستفزاز. 

ويعرف العالم النرويجي، دان ألويس، و الذي يعد الأب المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدارس ” التنمر المدرسي بأنه أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت”، وفقا لموقع “نيويوركر”.

ويضييف أنه  “يمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد والتوبيخ و الإغاظة والشتائم، وكما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل العبوس الشديد أو الإشارات غير اللائقة.

وبحسب خبراء فإنه يمكن أن يكون للتنمر المدرسي مجموعة واسعة من التأثيرات على الطلاب المتنمر عليهم منها الغضب والاكتئاب والتوتر والانتحار.كما يمكن أن يصاب الضحية باضطرابات اجتماعية مختلفة، أو تتوفر لديه فرصة أكبر للانخراط في الأنشطة الإجرامية.

وإذا اشتبه في أن الطفل تعرض للتنمر أو أصبح هو بنفسه متنمرًا على أقرانه، فهناك عدد من العلامات التحذيرية في سلوكه التي تدل على ذلك.

 ويهدف المُتنمر أو المتسلط في إلحاق الأذى بالآخرين نتيجة غياب المسؤولية وانعدام الوعي لديه، ويشعر كذلك بمتعة كبيرة عند إيذاء الآخرين ومشاهدتهم يتألمون ويتوسلون.

●آثار خطيرة

وفي حديثه إلى موقع الحرة عبر اتصال هاتفي، يرى الأخصائي النفسي المصري، الطبيب، باسم بدر حامد، أن وفاة الطالبة المراهقة، رودينا، بسكتة قلبية جراء تعرضها للتنمر رغم صغر سنها أمر وارد جدا.

وأوضح حامد أن الانفعالات النفسية الزائدة ومشاعر الغضب والقلق التي تفيض عن حمل الأعصاب تؤدي إلى ارتفاع منسوب الأدرينالين بشكل كبير لا يحتمله القلب مما قد يؤدي إلى حدوث الوفاة.

وشدد الطبيب على الطفل الذي يمارس التنمر على الآخرين بشكل واضح وعنيف هو بالأساس يعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية تحتاج إلى المعالجة والمراقبة من قبل الأهل لأنه معرض أيضا لأن يؤذي نفسه قبل أن يؤذي الآخرين.

وفيما إذا كان للتطور التكنولوجي وإقبال التلاميذ  على استعمال الهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل دور في استفحال ظاهرة التنمر المدرسي، يجيب حامد: “بالتأكيد فهي ساهمت في نشر الكثير من الأفكار العنيفة  والتأثير في سلوكيات الأطفال منذ الصغر لاسيما أولئك الذين لا يخضعون لرقابة وتوجيه من قبل الأهل  بطريقة صحيحة وواعية”.

وتابع: “إذا حلت تلك التقنيات مكان الأنشطة العلمية والثقافية والاجتماعية السلمية فإن الطفل الذي اعتاد على دخول مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة أشياء لا تليق بعمره وبراءته معرض للإصابات بسلوكيات نفسية سيئة، ولكن مع ذلك لا يمكن إلقاء اللوم كله على هذا الجانب، فهناك عوامل أخرى قد تلعب دورا هاما في تشكيل شخصية الطفل بشكل سلبي كالعنف المنزلي والتفكك الأسري”.

●”خطر الحماية المفرطة”

من جانبها توضح استشارية التوجيه الأسري، سوسن حمزة، أن هناك ثلاثة آليات يجب اتباعها لكي يتجنب الطفل آثار التنمر السلبية في حال تعرضه لها.وأوضحت في حديثها لموقع الحرة أن أول آلية تمكن في “التربية”، مضيفة:”لدينا مشكلتين في التربية داخل الأسرة، وأولها ما يمكن أن نطلق عليها (الحماية المفرطة)،  والتي زادت كثيرا في مجتمعاتنا العربية أخيرا، بحيث أن كثرة الاهتمام بالطفل والسعي لحمايته من أي شيء مهما كان بسيطا يخلق لدى الصغير شخصية هشة غير قادرة على مواجهة التنمر ومصاعب الحياة بشكل عام”.

وتابعت: “يجب ترك مساحة للأطفال للتعامل مع بعض المواقف والدفاع عن أنفهسم لأن أول مشكلة يعاني منها الصغار الذين يتعرضون للتنمر هو ضعف الشخصية لديهم وأنهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم”.

وأما المشكلة الثانية، بحسب حمزة، هو المفهوم الخاطئ عن الشخصية القيادية،”فالقائد يجب أن يتعلم الاحترام ويحظى بالأخلاق الحميدة حتى يكون قادرا على ممارسة دور قيادي إيجابي واتخاذ قرارت جيدة بنفسه.

وتزيد: “ولكن بعض الأهل ينمون الصفات السلبية والعدوانية لدى أطفالهم على أساس أنها من ضرورات القيادة وقوة الشخصية، وهذا بالتأكيد أمر خاطئ لأنه يخلق شخصية عدوانية تمارس التنمر على الآخرين”.

وبالنسبة للآلية الثانية فإنها تتعلق بوضع بمواجهة المدراس لظاهرة التنمر داخل أروقتها، وتضيف حمزة “أن المدارس تحاول التهرب من فكرة مواجهة التنمر، أو أن المشرفين والمعلمين في تلك المقار التربوية قد يخشون مواجهة أهالي الطلاب الذين يمارسون التنمر”.وأوضحت أن  “الآلية الثالثة هي وضع صيغة متكاملة لمواجهة التنمر بدءا من البيت حيث يجب على الطفل أن يعرف حقوقه وواجباته ويبلغ المسؤولين في المدرسة إذا تعرض للتنمر وأن يدافع عن نفسه، ووصولا إلى قيام  بالمدرسة بدورها في التوعية بالإضافة إلى السعي إلى مواجهة هذه الظاهرة عبر كافة أطياف المجتمع ومؤسساته”.

وأكدت حمزة أن “أهل التنمر يأخذون وضعية الدفاع ويرفضون أن فكرة ابنهم عنيف وفي المقابل ذوي الطلبة الذين يتعرضون للتنمر لا يملكون حلا سوى التجاهل والهروب من المواجهة، وبالتالي هذه يؤكد القاعدة التي(من أمن العقاب أساء الأدب)”.

وعن كيفية التعامل مع التنمر، تشير الموجهة الاستشارية إلى ضرورة عدم الطلب من الأطفال الرد على العنف بالعنف أو الإساءة بمثلها.

وضربت مثلا، قائلة: “على سبيل المثال فإن والد أحدهم قد يطلب من ابنه أن يضرب من يعتدي عليه، دون أن يعلم أن طفله قد يكون ضعيف البنية أو لا يملك التقنيات اللازمة للدفاع عن نفسه وضرب الآخرين، وبالتالي سوف يعود هذا الطفل إلى ابيه باكيا وعندها سوف يتعرض للتوبيخ الشديد من قبل والده مما يدفعه إلى عدم إخباره أهله بالعنف الذي سوف يتلقاه مستقبلا وبالتالي سوف تستفحل المشكلة ويسوء وضعه النفسي”.وأردفت: “أو ربما ينجح الطفل في الدفاع عن نفسه ويضرب خصمه، فهنا الطفل قد يصاب بالغرور ويعتقد أنه قد أصبح بطلا وبالتالي يتحول من ضحية إلى معتد، إن صح التعبير، ويبدأ ممارسة التنمر على الآخرين من أقرانه”.

وطالبت حمزة ذوي الأطفال:”أن يعلموا أولادهم الدفاع عن أنفهسم دون إساءة للآخرين، فوإذا جاء ابنك إلى البيت شاكيا من تعرضه لأذى جسدى أو لفظي من قبل أحد زملائه أو مجموعة منهم، كن معه ولا تكن عليه، و هدئ من روعه وأدخل الطمأنينة إلى قلبه ثم علمه جميع تقنيات مواجهة التنمر”.

وختمت بالقول: “رفض الأهل للتنمر الذي يتعرض له الطفل أما يجعله عرضة أكثر للعنف أو يصبح معتد ويستقوي على الآخرين لذلك يجب أن يمتصوا هذه الصدمة ويعلموا فلذات أكبادهم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة والعنيفة بطرق نفسية واجتماعية 

اطفال معاقينذوي الاعاقةكفيفمعاقين
Comments (0)
Add Comment