محمد الراشدي: الأولمبياد الخاص بوابة لدمج ذوي الإعاقة الذهنية في المجتمع وتمثيل سلطنة عمان عالميًا

سنابل الأمل/متابعات

أولًا، قد يختلط على الجمهور فهم معنى «الأولمبياد الخاص العماني»، فما هو هذا الكيان؟ وبماذا يُعنى؟ 

«الأولمبياد الخاص» بالمفهوم العالمي هو حركة عالمية تُعنى بذوي الإعاقة الذهنية من متلازمة داون والتوحد، وتنطلق هذه الحركة تحت شعار: «دعني أفوز.. فإن لم أستطع.. دعني أكون شجاعًا في المحاولة». انطلقت في مطلع الستينيات بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد أسستها الراحلة «يونيس كندي»، وتم تنظيم أول ألعاب عالمية صيفية بمدينة شيكاغو عام 1968، وفي عام 1977 تم تنظيم أول ألعاب عالمية شتوية للأولمبياد الخاص بكولورادو بمشاركة الآلاف من اللاعبين من ذوي الإعاقة الذهنية. وهذا اختصار لمعنى «الأولمبياد الخاص»، ومن هنا تم تأسيس هذا الكيان في سلطنة عمان ليكون مواكبًا للجهود العالمية في الأخذ بيد هذه الفئة واستثمار قدراتهم، وبوابةً لدمج ذوي الإعاقة الذهنية في المجتمع وتمثيل سلطنة عمان عالميًا.

قد يفهم البعض أن هذا الكيان مرتبط برياضة ذوي الإعاقة، ألا يتداخل مع «اللجنة البارالمبية العمانية»؟ كيف تشرح ذلك؟ 

نعم، هذا الكيان مرتبط برياضة الأشخاص ذوي الإعاقة كما ذكرت سابقًا، وبالتحديد الإعاقة الذهنية من المصابين بمتلازمة داون والتوحد، أما اللجنة البارالمبية العمانية فهي معنية بـ«الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية والشلل الدماغي والإعاقة البصرية»، ويمكن مشاركة ذوي الإعاقة الذهنية فئة صعوبات التعلم فقط.

نسمع عن المشاركات الدولية الكثيرة التي حقق فيها «الأولمبياد الخاص العماني» العديد من الميداليات في مختلف الألعاب، حدثنا عن أبرز المشاركات الدولية والإنجازات المحققة في تاريخ الأولمبياد. سجل «الأولمبياد العُماني الخاص» منذ نشأته العديد من المشاركات الدولية، ففي عام 1997 شارك في الإمارات في بطولة «الأولمبياد الخاص الخليجي الثانية» محققًا 5 ميداليات برونزية، وفي عام 1998 في قطر شارك في «الأولمبياد الخاص الخليجي الثالثة» محققًا ذهبية و5 فضيات وبرونزيتين، كما شارك في عام 2002 في بطولة «الألعاب الإقليمية الخامسة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، وتمثلت مشاركته في ألعاب القوى وكرة السلة وعاد بذهبية وفضية، وهكذا توالت المشاركات في تونس والإمارات وسوريا.

وفي عام 2013 استضافت سلطنة عمان «دورة الأولمبياد الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، وحققنا على أرضنا 10 ذهبيات و6 فضيات و5 برونزيات في رياضتي التنس الأرضي والبولينج.

كما يجدر الذكر أن سلطنة عمان شاركت في النسخة الأولى من «الأولمبياد الخاص الخليجي» عام 1993 قبل إنشاء الكيان، وذلك في البحرين.

إلى جانب العديد من المشاركات العالمية التي تعدَّت حدود الوطن العربي، منها «الألعاب العالمية الصيفية العاشرة للأولمبياد الخاص بأمريكا عام 1995»، وكذلك بطولات عالمية في الصين وإيرلندا واليونان وكوريا الجنوبية والنمسا، وفي كل بطولة عاد الأولمبياد العُماني الخاص بمجموعة من الميداليات.

ومن آخر المشاركات الدولية «الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية» في برلين عام 2023، حيث عدنا بحصاد وفير، وعلى سبيل التفصيل: ذهبية في رياضة الجولف، و3 فضيات وبرونزية واحدة في الفروسية، وذهبية وبرونزية في الريشة الطائرة، وذهبية وفضية في التنس الأرضي، وذهبية وفضية في السباحة، وذهبية وبرونزية في التزلج بالعجلات، و7 برونزيات في رفع الأثقال، وذهبية واحدة في كرة القدم، وفضية واحدة و4 برونزيات في ألعاب القوى، وبرونزية واحدة في الإبحار الشراعي، وفضية في تنس الطاولة، وذهبية وفضية في البولينج، بإجمالي 7 ذهبيات و5 فضيات و15 برونزية.

وفي عام 2024 أقيمت مجموعة من الفعاليات كذلك، منها استضافة المسابقة الخليجية لألعاب القوى للأولمبياد الخاص بمحافظة شمال الشرقية – إبراء 2024، خلال الفترة من 21 إلى 25 فبراير 2024م، والنتائج: 3 ذهبيات، و16 فضية، و17 برونزية.

والمشاركة في المسابقة الخليجية للريشة الطائرة للأولمبياد الخاص بدولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي، خلال الفترة من 9 إلى 13 مايو 2024م، والنتائج: ذهبيتان وفضية، وكذلك المشاركة في الألعاب الإقليمية السويسرية للأولمبياد الخاص خلال الفترة من 13 إلى 15 أغسطس 2024م، وحققنا ذهبية واحدة، وفضيتين، وبرونزيتين.

نجد أن الأولمبياد الخاص العماني يتمتع بالشمولية، بمعنى أنه كيان لا يركز على رياضة واحدة، كيف تساهمون في تطوير مهارات كل منتسب وفق مجاله الرياضي؟ 

تتميز جمعية الأولمبياد الخاص العماني عن باقي الجمعيات الخيرية، كونها تسهم في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية بالمجتمع المحيط بهم محليًا والمجتمع الخارجي إقليميا وعالميا. كما أنها تهتم بصحة اللاعبين الأبطال المنتمين للجمعية من خلال برامج صحية تعمل على معالجة المشكلات الصحية لدى اللاعبين وتأهيل المدربين الصحيين للتعامل مع هذه الفئة، وكذلك تنمية وتعزيز ثقتهم بأنفسهم من خلال البرامج والدورات والفعاليات التي يقدمها برنامج المبادرات للاعبين الصغار ولأسر اللاعبين والشباب غير المعاقين في المدارس، إضافة إلى برنامج القادة الخاص باللاعبين الكبار.

ثمة مبادرات لا تقتصر على الرياضات فحسب، بل تهيئة المنتسبين لمهارات أخرى مثل مواجهة الجمهور والتحدث وغيرها من المجالات، فما هي جهودكم في الجوانب الأخرى غير الرياضية؟ 

يتضمن برنامج المبادرات أحد أهم هذه المجالات وهو «اللاعبون القادة»، حيث يؤهل هذا البرنامج اللاعبين الأبطال للتحدث إلى الجمهور بمختلف مستوياتهم، وقد تم اختيار اللاعب القائد «مجاهد السرحني» متحدثًا رسميًا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للفترة من 2024 إلى 2027، ليكون أحد مرافقي رئيس الأولمبياد الخاص الدولي خلال الألعاب الإقليمية والعالمية خلال هذه الفترة.

كما أن هناك عددًا من اللاعبين القادة العمانيين من الجنسين شاركوا في برامج القادة على المستوى العالمي والإقليمي، وسوف يشارك منهم لاعب ولاعبة في برنامج القادة الذي سينظم بالتزامن مع مسابقة الفروسية الإقليمية للأولمبياد الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي ستستضيفها مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 24 إلى 28 أغسطس الجاري.

عودًا إلى المشاركات الدولية، فلا بد أن يستقطب «الأولمبياد الخاص العماني» المواهب وأصحاب المهارات، حدثنا عن دوركم في الكشف عن تلك المواهب؟ 

منذ أن تولينا رئاسة مجلس الإدارة، كان هدفنا اللاعبين وأسرهم ومن يكون سندًا لهم مثل المدربين والمتطوعين. حيث بدأنا في عمل فرق عمل في جميع المحافظات لتسهيل العمل من حيث التواصل وتنظيم الفعاليات واستقطاب لاعبين مجيدين في مختلف المجالات الرياضية والاجتماعية، وتم استقطاب عدد من الكوادر الصحية للمشاركة في البرنامج الصحي، الذي يعد من البرامج المهمة في عملية التدريب الرياضي، وقد تم اختيار أحد الكوادر ليكون محاضرًا على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال اللياقة البدنية «العلاج الطبيعي»، ونعمل على تنظيم دورات في المحافظات لاكتشاف لاعبين لبرامج القادة، وتأهيل بعض أولياء الأمور على كيفية التعامل مع أبنائهم، إضافة إلى إلحاق المدربين في دورات خارجية لصقل مهاراتهم للمشاركة في التدريب المستمر والبطولات الخليجية والإقليمية والعالمية.

ماذا عن تعاونكم مع المؤسسات الأخرى مثل الأندية الرياضية، والمدارس، ومراكز تأهيل ذوي الإعاقة مثل مراكز الوفاء؟ 

ثمة تعاون كبير من جميع الجهات، بداية من وزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب في تذليل جميع العقبات التي تواجهنا نحن مجلس الإدارة، فجميع المرافق الرياضية يتم توفيرها لتنظيم الفعاليات بكل أريحية ومرونة من خلال التواصل مع المسؤولين. كذلك الأندية الرياضية توفر القاعات والملاعب، وما يخص مراكز التأهيل فهي شريك للأولمبياد الخاص العماني، حيث إن أغلب اللاعبين من مراكز التأهيل الحكومية كمراكز الوفاء لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، والمراكز الخاصة والجمعيات الأهلية المنتشرة في محافظات سلطنة عمان، إضافة إلى مدارس الدمج التابعة لوزارة التربية والتعليم.

كما تم توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة، ومن أهمها مع جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، ومستشفى كيمز، والمركز العماني للتأهيل، ومكتب أحمد العبري للمحاماة والاستشارات القانونية، و(مركز واحد وسبعين خطوة) للرعاية الصحية والمنزلية، ومركز الأمل للسمع والنطق، والنادي العماني للبصريات، وشركة الأدوات الطبية المتقدمة، ومن أهم الداعمين: الشركة العمانية الهندية للسماد الطبيعي وبنك العز الإسلامي.

ماذا عن الأنشطة الداخلية التي يتبناها الأولمبياد الخاص العماني بشكل عام؟ وما هي برامجكم السنوية؟ 

يعمل الأولمبياد الخاص العماني على تنظيم الفعاليات الرياضية المختلفة خاصة الألعاب المعتمدة من الأولمبياد الخاص الدولي، إضافة إلى تنظيم الفحوصات الصحية للاعبين بالتوازي مع الأنشطة الرياضية، كما أن هناك برنامجًا مستمرًا للمبادرات من خلال تنظيم الدورات التدريبية للاعبين القادة والأسر.

حدثنا عن خططكم القادمة بالنسبة للبرامج الداخلية أو المشاركات الدولية؟

نحاول جاهدين دعم الفرق الرياضية واللاعبين خاصة على الاستمرار في التدريب في جميع المحافظات، حيث حصل الأولمبياد الخاص العماني على دعم من بنك العز الإسلامي للتدريب المستمر، ويخدم خمسة ألعاب حاليًا وهي: ألعاب القوى بمحافظة الداخلية، والسباحة في محافظتي مسقط وشمال الباطنة، والتنس الأرضي في مسقط، والفروسية في جنوب الباطنة، ويستعد فريق الفروسية حاليًا للمشاركة في مسابقة الفروسية الإقليمية للأولمبياد الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي ستستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة بمدينة العين خلال الفترة من 24 إلى 28 أغسطس 2025.

هل تشعرون أن جهود الأولمبياد الخاص العماني تُقابل بالاهتمام الكافي من الجهات الرسمية والمجتمع؟ وما أبرز العراقيل التي تقف أمامكم؟ 

هناك اهتمام من جميع القطاعات الحكومية والخاصة، ولكن ما زال لا يرقى إلى مستوى طموحنا كمجلس إدارة، إضافة إلى نقص بعض الكوادر في مجلس الإدارة وأعضاء الأولمبياد الخاص العماني، حيث إننا نحتاج إلى لجان فاعلة في جانب التسويق والإعلام. إضافة إلى ذلك، هذا القطاع يحتاج إلى دعم كبير من شركات القطاع الخاص.

محمد بن سالم الراشدي، رئيس مجلس إدارة الأولمبياد الخاص العُماني، ختم حديثه بالقول: نشكر كل الجهود التي تقدم من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية، ونطلب منهم أن يقفوا معنا معنويًا وماديًا كلٌّ قدر استطاعته وبالحدود المسموحة. وهنا نثمّن ونشكر جريدة «عُمان» على مبادرتها الطبية للتطرق إلى موضوعات الأولمبياد الخاص العماني واهتمامها بمثل هذه القضايا التي تمس شريحة كبيرة من المجتمع، ألا وهي الأشخاص ذوو الإعاقة بشكل عام وذوو الإعاقة الفكرية بشكل خاص، وهذا ما عوّدونا عليه دائمًا.

 

Comments (0)
Add Comment