سنابل الأمل / متابعات
أمس عشت واحدة من أجمل اللحظات في حياتي، لحظة ستبقى محفورة في الذاكرة ما حييت. أكثر من عشرين عامًا وأنا أتابع المباريات من المدرجات في ملاعب المملكة والخليج، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا تمامًا.
من خلال مبادرة مجتمعية مميزة أطلقها نادي الاتفاق، دخلنا نحن مجموعة من ذوي الإعاقة تجاوز عددنا 21 شخصًا من فئات مختلفة الحركية، البصرية، السمعية وغيرها مع لاعبي الأهلي والاتفاق عبر الممر المؤدي إلى أرضية الملعب.
تجربة الدخول لم تكن عادية. أصوات الجماهير ومرافقة اللاعبين وكل التفاصيل جعلتنا نعيش شعورًا جديدًا مليئًا بالفخر والسعادة. لحظة عزف النشيد الوطني على أرض الملعب كانت من أعمق اللحظات التي مررت بها، شعرت أنني جزء من المشهد، لا مجرد متابع من بعيد.
هذه المبادرة لم تكن مجرد مرور عابر بجانب اللاعبين، بل كانت رسالة عميقة: أن ذوي الإعاقة هم جزء من المجتمع، وأن مكانهم ليس على الهامش بل في قلب الحدث. المشاركة رفعت معنوياتنا، عززت ثقتنا بأنفسنا، وأكدت أن الرياضة يمكن أن تكون جسرًا حقيقيًا للدمج المجتمعي وتحسين الصحة النفسية.
وفي الختام، رسالتي: على الأندية والاتحاد السعودي لكرة القدم أن يستمروا في إطلاق مثل هذه المبادرات، وألّا تكون مجرد تجربة عابرة، بل جزءًا ثابتًا من هوية ملاعبنا. من المهم أن تُجهّز المرافق والمنشآت الرياضية بشكل كامل لتكون بيئة شاملة تستوعب الجميع، بحيث يجد ذوو الإعاقة مكانهم الطبيعي بين الجماهير وعلى أرضية الملاعب دون أي عوائق.
إن وجود هذه الفئة في قلب الأحداث الرياضية لا يقتصر على تحقيق أمنية شخصية أو تجربة خاصة، بل هو رسالة توعوية للمجتمع بأسره: هذه الفئة موجودة، حاضرة، وقادرة على المشاركة الفاعلة متى ما أُتيحت لها الفرصة. دمجهم في الرياضة يعزز من ثقتهم بأنفسهم، ويرفع من وعي المجتمع بحقوقهم، وتماشي معى رؤية المملكة 2030.
إن الرياضة لغة عالمية، ومن حق كل فرد أن يكون جزءًا منها، لا متفرجًا فقط، بل مشاركًا وشريكًا في صناعة المشهد. حين نفتح أبواب الملاعب لذوي الإعاقة، فإننا لا نمنحهم تجربة فريدة فحسب، بل نمنح أنفسنا مجتمعًا أكثر وعيًا، أكثر شمولًا، وأكثر قوة.