سنابل الأمل / متابعات
يقول الخبر الشائع، مؤخرا: «فاز فريق من طلاب هندسة القاهرة بالمركز الأول على مستوى إفريقيا، والشرق الأوسط، متقدمين على 259 مشروعًا من 14 دولة، فى مسابقة (تصور المستقبل)».
أما التفاصيل التى تبعث على مزيد من الفخر، فهى أن الطلبة الخمسة من قسم «الهندسة الطبية»، عبدالرحمن غيطانى، وأمجد عبدالحكيم، ومحمود على، وعمر عبدالناصر، وزياد الفيومى، ابتكروا نظامًا بـ«الذكاء الاصطناعى»، لرصد أعراض «التوحد» عند الأطفال، ومساعدة الأهالى والأطباء على الاكتشاف المبكر للمرض.
فى مزيد من تفاصيل الرحلة، التى انتهت بإنجاز المشروع، وفوزه، أوضح المهندس زياد الفيومى: «بدأنا، كالمعتاد، بالبحث عن فكرة لمشروع التخرج، تعكس ما تعلمناه حول الذكاء الاصطناعى، وتخدم المجتمع، ووجدنا أنفسنا متفقين على محاولة مساعدة مرضى التوحد، وذويهم».
وأضاف: «اكتشفنا أن البيانات، والإحصائيات المحلية فى هذا الشأن شحيحة للغاية، وأكثر الأبحاث فى هذا المجال غربية، تتناول مزيجًا من المعاناتين النفسية، والمادية لمريض التوحد وأهله، فضلًا عن المتاعب فى تحديد أعراضه، أو كيفية اكتشافه مبكرًا».
وللتغلب على النقص، ورأب الصدع، قرر الفيومى، وزملاؤه بدء زيارات ميدانية من «مركز التوحد»، فى «مستشفى العباسية للأمراض النفسية»، وهناك اطلعوا على الصعوبات، التى يواجهها القائمون على المركز، فى متابعة حالة الطفل المريض، وتحتاج لدقة عالية، لأن الملاحظات، عادة، تقديرية، مع غياب نظام يقيس الأعراض، ويقدم تقارير كمية.
ثم توجه الطلبة الخمسة إلى «مستشفى الصحة النفسية ومعالجة الإدمان» بـ«قصر العينى»، سعيًا وراء المزيد من البيانات والملاحظات.
استغرق الأمر ستة أشهر من المراجعات، والموافقات، لكن النتيجة كانت ثمينة، فلأول مرة، يستطيع فريق طلابى، بناء قاعدة بيانات مصرية فى هذا المجال، تحت إشراف الدكتور محمد على رشدى، والدكتورة إيمان نبيل مرزبان، من قسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات.
تقدم الطلبة إلى برنامج «إيتاك إيتيدا»، التابع لـ«وزارة الاتصالات»، بغرض تحصيل دعم، لينالوا 30 ألف جنيه، مكنهم من شراء أجهزة متقدمة، لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعى.
وعن هذه المرحلة، قال الفيومى: «الأجهزة غيرت كل شيء، فبعد عملنا بأقل قدر من الإمكانات، تحققت لنا قفزة كبيرة، وبلغنا نتائج قوية».
تقدم الفريق بالمشروع فى يناير 2025 لمسابقة «ديل تكنولوجى»، إحدى أبرز المسابقات الإقليمية فى الابتكار، ليفوز متفوقًا على أكثر من 250 مشروعًا مقدمًا من دول الشرق الأوسط، وإفريقيا، وتركيا. لكن الفوز، ونيل التقدير الإقليمى ليسا النهاية، فشباب «هندسة القاهرة» يسعون إلى تطوير مشروعهم إلى منصة تفاعلية، ترتبط بوزارة الصحة، لتسهيل الاكتشاف المبكر للتوحد، ودعم رحلة العلاج للأسر المصرية.
يوضح الدكتور محمد رشدى أن أهمية المشروع تكمن فى كونه نواة لحلول مجتمعية، قابلة للتطبيق، لكنه لا يشخص التوحد، بقدر ما يلتقط الأنماط الحركية، والسلوكية المبكرة، فيساعد الأطباء، والأهالى على التدخل فى الوقت المناسب.
وأضاف: «تخيل أن حضانة، مجهزة بكاميرات عادية، يمكنها استخدام البرنامج، لمتابعة سلوك الأطفال، وإصدار تقارير تساعد فى الاكتشاف المبكر».
أما الدكتورة إيمان مرزبان فأشارت إلى تغلب الطلبة على محدودية البيانات المحلية، بنيل موافقة من لجنة أخلاقيات البحث بـ«قصر العينى» لجمع بيانات مصرية، مع الالتزام الصارم بالسرية، والخصوصية، لعلها تكون بداية لنهاية ندرة هذه المعلومات.