أول امرأة تترأس مجلس إدارة «الاتحاد البحريني لرياضات الصم».. رسالة تجسد قدرة المرأة البحرينية على تجاوز الإعاقات

سنابل الأمل / متابعات

يواجه‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬تحديات‭ ‬كثيرة،‭ ‬البعض‭ ‬يستسلم‭ ‬لها‭ ‬ويخضع‭ ‬أمامها،‭ ‬ويقف‭ ‬أمامها‭ ‬مكبل‭ ‬الأيدي‭. ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬تعجز‭ ‬التحديات‭ ‬عن‭ ‬إيقاف‭ ‬طموحاته،‭ ‬بل‭ ‬يتخذ‭ ‬منها‭ ‬فرصة‭ ‬لإثبات‭ ‬الذات،‭ ‬ودافعا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإنجازات،‭ ‬ووسيلة‭ ‬ينقش‭ ‬بها‭ ‬إرادة‭ ‬حية‭ ‬لتجاوز‭ ‬العثرات‭. ‬

 

من‭ ‬النماذج‭ ‬الملهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان،‭ ‬مريم‭ ‬فؤاد‭ ‬شهاب،‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬إعاقتها‭ ‬السمعية‭ ‬بإرادة‭ ‬لا‭ ‬تلين،‭ ‬وتخطت‭ ‬عالم‭ ‬الصمت‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬أقرانها،‭ ‬رافضة‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الإشارة‭ ‬لغتها،‭ ‬والسكون‭ ‬عالمها‭. ‬

 

قصة‭ ‬مريم‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬بمشكلة‭ ‬في‭ ‬السمع،‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حكاية‭ ‬تحكى‭ ‬أو‭ ‬قصة‭ ‬تروى،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬درس‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬لتجاوز‭ ‬الصعاب،‭ ‬وأنموذج‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬بالبنان‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬وفي‭ ‬الصبر‭ ‬ومواجهة‭ ‬الصعوبات،‭ ‬وعوض‭ ‬لغة‭ ‬الإشارة،‭ ‬أتقنت‭ ‬مريم‭ ‬لغة‭ ‬الشفاه،‭ ‬وصارت‭ ‬تتواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬بالنطق‭ ‬الفصيح‭ ‬كأي‭ ‬شخص‭ ‬آخر،‭ ‬حتى‭ ‬وصفها‭ ‬والدها‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬ألَّفه‭ ‬بشأنها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬معجزتي‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وأستاذتي‮»‬‭. ‬

 

كبرت‭ ‬مريم،‭ ‬وأنهت‭ ‬دراستها‭ ‬الجامعية‭ ‬وتوظفت‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬وتزوجت،‭ ‬وهي‭ ‬اليوم‭ ‬أم‭ ‬وزوجة‭ ‬وعنصر‭ ‬فاعل‭ ‬وملهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وأبت‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬تسخر‭ ‬تجربتها‭ ‬الشخصية‭ ‬لخدمة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬قوقعة‭ ‬الاستسلام‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬الأمل‭ ‬والإنجاز‭. ‬

 

وتُوجت‭ ‬جهودها‭ ‬هذه‭ ‬بثقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات،‭ ‬ففي‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للرياضة‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الأولمبية‭ ‬البحرينية،‭ ‬قرار‭ ‬رقم‭ (‬23‭) ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬بإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم،‭ ‬والمفاجأة‭ ‬أن‭ ‬مريم‭ ‬شهاب‭ ‬أصبحت‭ ‬بموجب‭ ‬القرار‭ ‬رئيسا‭ ‬لمجلس‭ ‬الإدارة،‭ ‬لتكون‭ ‬بذلك‭ ‬أول‭ ‬امرأة‭ ‬تترأس‭ ‬اتحاد‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬مثَّل‭ ‬لها‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬تدعم‭ ‬طموحاتها‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬بالمملكة‭.‬

 

‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬وقفة‭ ‬مع‭ ‬مريم‭ ‬شهاب‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الاتحاد،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬شامل‭ ‬حول‭ ‬واقع‭ ‬رياضة‭ ‬المعاقين‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬ورياضات‭ ‬الصم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وطموحات‭ ‬وتحديات‭ ‬الاتحاد‭ ‬وهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭. ‬

 

‮«‬أنتِ‭ ‬أول‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬تحتل‭ ‬هذا‭ ‬المنصب،‭ ‬ماذا‭ ‬يمثل‭ ‬لك‭ ‬ذلك؟‮»‬

 

كان‭ ‬هذا‭ ‬انطلاقة‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وعليه‭ ‬أجابت‭ ‬بقولها‭:‬

 

‭-‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬لقب‭ ‬أو‭ ‬منصب‭ ‬إداري،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬وثقة‭ ‬غالية‭ ‬أعتز‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬وطني‭ ‬ومجتمعي‭. ‬فكوني‭ ‬أول‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬تتولى‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬يجعلني‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬أحمل‭ ‬رسالة‭ ‬مضاعفة،‭ ‬رسالة‭ ‬لإثبات‭ ‬قدرة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬إعاقتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬للقيادة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يعتبرها‭ ‬البعض‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬أو‭ ‬صعبة‭ ‬التحدي‭.‬

 

وهي‭ ‬فرصة‭ ‬لأن‭ ‬أتقدم‭ ‬بخالص‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان‭ ‬إلى‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للرياضة‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الأولمبية‭ ‬البحرينية،‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬أعتز‭ ‬بها‭ ‬وتكليفي‭ ‬برئاسة‭ ‬الاتحاد‭. ‬

 

فهذا‭ ‬التكليف‭ ‬يمثل‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬لأفتح‭ ‬أبوابًا‭ ‬جديدة‭ ‬أمام‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وأمام‭ ‬المرأة‭ ‬الصماء‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لأثبت‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬والعزيمة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬حدودًا‭. ‬فأنا‭ ‬محاطة‭ ‬بفريق‭ ‬من‭ ‬الصم،‭ ‬رجالًا‭ ‬ونساءً،‭ ‬وكلهم‭ ‬يعطونني‭ ‬دافعًا‭ ‬يوميًا‭ ‬للاستمرار‭. ‬وكل‭ ‬نجاح‭ ‬يحققونه‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬فخر‭ ‬وسعادة‭ ‬لي‭. ‬

 

إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التكليف‭ ‬يمكنني‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬خبراتي‭ ‬وشغفي‭ ‬لخدمة‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭.‬

 

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬يضم‭ ‬اليوم‭ ‬أول‭ ‬لجنة‭ ‬نسائية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ووجودنا‭ ‬معًا‭ ‬يعكس‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تؤمن‭ ‬بقدرات‭ ‬جميع‭ ‬أبنائها‭ ‬وبناتها‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭.‬

 

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬رسالتي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬نموذجًا‭ ‬لكل‭ ‬فتاة‭ ‬بحرينية‭ ‬لا‭ ‬تضع‭ ‬سقفًا‭ ‬لطموحها،‭ ‬وتثق‭ ‬بأن‭ ‬القيادة‭ ‬والإبداع‭ ‬ليست‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬أحد‭. ‬وأسعى‭ ‬بكل‭ ‬جهدي‭ ‬أن‭ ‬أجعل‭ ‬من‭ ‬تجربتي‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬بل‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬عربية‭ ‬تواجه‭ ‬التحديات‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬ذاتها‭.‬

 

طموحات‭ ‬ومسؤوليات

{ وما‭ ‬الأدوار‭ ‬والأهداف‭ ‬المنوطة‭ ‬بالاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬اتحاد‭ ‬حديث‭ ‬نسبيا؟‭ ‬

 

‭-‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬حرص‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المظلة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تحتضن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويؤمِّن‭ ‬لهم‭ ‬بيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬لممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬بما‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬قدراتهم‭ ‬واحتياجاتهم‭. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬الاتحاد‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬تنظيم‭ ‬البطولات‭ ‬أو‭ ‬المشاركات،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬تشمل‭ ‬التدريب،‭ ‬التأهيل،‭ ‬الدمج‭ ‬المجتمعي،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الرياضيين‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحافل‭.‬

 

ومن‭ ‬هنا،‭ ‬عمل‭ ‬الاتحاد‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬أساسية،‭ ‬أبرزها‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬التدريبية‭ ‬المحلية،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬بطولات‭ ‬إقليمية‭ ‬حقق‭ ‬فيها‭ ‬لاعبونا‭ ‬حضورًا‭ ‬مميزًا‭. ‬واليوم،‭ ‬نحن‭ ‬نسعى‭ ‬بخطوات‭ ‬واضحة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ (‬ICSD‭)‬،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬للصم‭ (‬DIFA‭)‬،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الآسيوي‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ (‬APDSC‭)‬،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬اتحادات‭ ‬متخصصة‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للشطرنج‭ ‬والبولينغ‭.‬

 

وهذه‭ ‬العضويات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أسماء‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬بوابة‭ ‬تفتح‭ ‬أمام‭ ‬لاعبينا‭ ‬آفاقًا‭ ‬أوسع‭ ‬للتألق‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬القاري‭ ‬والعالمي،‭ ‬وتمثل‭ ‬خطوة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لوضع‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬الدولية‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭. ‬

 

{ عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬ما‭ ‬أبرز‭ ‬الرياضات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬ممارستها‭ ‬والتميز‭ ‬فيها؟

 

‭-‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬واسعة‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬الرياضات‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬السامعون‭. ‬فهم‭ ‬يمارسون‭ ‬كل‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬والشعبية‭ ‬تقريبًا،‭ ‬مثل‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة،‭ ‬ألعاب‭ ‬القوى،‭ ‬السباحة،‭ ‬البولينغ،‭ ‬والشطرنج،‭ ‬وغيرها‭. ‬ما‭ ‬يميزهم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرياضات،‭ ‬بل‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يخوضون‭ ‬بها‭ ‬المنافسة،‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬فيهم‭ ‬عزيمة‭ ‬استثنائية‭ ‬وانضباطًا‭ ‬عاليًا‭ ‬يجعلهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬مشرفة‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭.‬

 

كما‭ ‬أن‭ ‬فئة‭ ‬الصم‭ ‬لديها‭ ‬بطولات‭ ‬دولية‭ ‬كبرى،‭ ‬صيفية‭ ‬وشتوية،‭ ‬تشمل‭ ‬كلا‭ ‬الجنسين‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬ليست‭ ‬نشاطًا‭ ‬ثانويًا،‭ ‬بل‭ ‬مجالًا‭ ‬مفتوحًا‭ ‬للتميز‭ ‬العالمي‭. ‬

 

{ ما‭ ‬الذي‭ ‬تتطلبه‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمتطلبات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأشخاص‭ ‬الآخرين؟

 

‭-‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬تتطلب‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬بعض‭ ‬التهيئة‭ ‬الخاصة‭ ‬لتتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬اللاعبين،‭ ‬فالاعتماد‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬الوسائل‭ ‬البصرية‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬السمعية،‭ ‬مثل‭ ‬استخدام‭ ‬الرايات‭ ‬أو‭ ‬الإضاءات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الصافرات‭. ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مدربين‭ ‬يجيدون‭ ‬لغة‭ ‬الإشارة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لديهم‭ ‬وعي‭ ‬كامل‭ ‬باحتياجات‭ ‬اللاعبين‭ ‬الصم‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬معهم‭ ‬بشكل‭ ‬فعّال‭.‬

 

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تحتاج‭ ‬هذه‭ ‬الرياضات‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬إداري‭ ‬وإعلامي‭ ‬خاص‭ ‬يعكس‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬ويشجع‭ ‬على‭ ‬اندماج‭ ‬اللاعبين‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭. ‬هذه‭ ‬التسهيلات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬كماليات،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عوامل‭ ‬أساسية‭ ‬لخلق‭ ‬بيئة‭ ‬عادلة‭ ‬ومشجعة‭ ‬تُمكّن‭ ‬لاعبينا‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭.‬

 

الاندماج‭ ‬أفضل‭ ‬مقياس

{ أنتِ‭ ‬معروفة‭ ‬بتحديك‭ ‬الصعاب‭ ‬وتجاوز‭ ‬إعاقة‭ ‬السمع‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدراسي‭ ‬والعملي،‭ ‬ولكن‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعلك‭ ‬تتجهين‭ ‬إلى‭ ‬المجال‭ ‬الرياضي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬مجالا‭ ‬مختلفا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما؟

 

‭-‬تجربتي‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬تحديات‭ ‬السمع‭ ‬كانت‭ ‬مدرسة‭ ‬حياتية‭ ‬حقيقية،‭ ‬علمتني‭ ‬أن‭ ‬الصعوبات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬دافع،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬عائقًا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جسرًا‭ ‬نحو‭ ‬التميز‭. ‬الرياضة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬لغة‭ ‬عالمية‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الكلام،‭ ‬بل‭ ‬تُفهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجهد‭ ‬والإنجاز‭. ‬هذه‭ ‬الطبيعة‭ ‬العالمية‭ ‬للرياضة‭ ‬جعلتني‭ ‬أؤمن‭ ‬أنها‭ ‬الأداة‭ ‬المثالية‭ ‬لتمكين‭ ‬فئة‭ ‬الصم،‭ ‬لأنها‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬قدراتهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعيقهم‭ ‬مشكلة‭ ‬التواصل‭.‬

 

وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬اختياري‭ ‬لهذا‭ ‬المجال‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إيماني‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬نشاط‭ ‬بدني،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬لبناء‭ ‬شخصية‭ ‬قوية،‭ ‬وغرس‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬وفتح‭ ‬أبواب‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الطموح‭ ‬والتألق‭. ‬

 

{ بعد‭ ‬توليك‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬لمريم‭ ‬شهاب‭ ‬أن‭ ‬تضيفه‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬البحرين؟

 

‭-‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شرفت‭ ‬بتولي‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وضعت‭ ‬أمامي‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬منصة‭ ‬للتمكين‭ ‬الحقيقي،‭ ‬لا‭ ‬مجرد‭ ‬جهة‭ ‬تنظيمية‭. ‬أطمح‭ ‬أن‭ ‬أرتقي‭ ‬بالرياضة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصم‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬يجعلها‭ ‬نموذجًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬عدة‭ ‬خطوات‭ ‬متكاملة‭:‬

 

أولًا‭: ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬التدريبية‭ ‬والبدنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬مدربين‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الصم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إعداد‭ ‬معسكرات‭ ‬محلية‭ ‬وخارجية‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬اللاعبين‭.‬

 

ثانيًا‭: ‬توسيع‭ ‬المشاركات‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬مستضيفين‭ ‬لبطولات‭ ‬عالمية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين،‭ ‬وهذا‭ ‬حلم‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭.‬

 

ثالثًا‭: ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الاتحادات‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والدولية‭ ‬لخلق‭ ‬شبكة‭ ‬دعم‭ ‬وتبادل‭ ‬خبرات‭.‬

 

رابعًا‭: ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بأهمية‭ ‬هذه‭ ‬الرياضات،‭ ‬لأن‭ ‬نجاحنا‭ ‬لا‭ ‬يقاس‭ ‬فقط‭ ‬بالميداليات،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬بمدى‭ ‬اندماج‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وشعورهم‭ ‬بالفخر‭ ‬والاعتزاز‭.‬

 

هدفي‭ ‬الأكبر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاتحاد‭ ‬جسرًا‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬قدرات‭ ‬الصم‭ ‬وطموحاتهم،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬بحيث‭ ‬نخلق‭ ‬بيئة‭ ‬متكاملة‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬النجاح‭ ‬والتألق‭.‬

 

{ لا‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬الطموحات‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬بصراحة‭.. ‬هل‭ ‬لديكم‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬كفاءات‭ ‬وأبطال‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬التميز‭ ‬وتحقيق‭ ‬بطولات؟

 

‭-‬نعم،‭ ‬وبكل‭ ‬ثقة‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬لدينا‭ ‬كفاءات‭ ‬بحرينية‭ ‬متميزة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإداري‭ ‬أو‭ ‬الرياضي‭. ‬لدينا‭ ‬أعضاء‭ ‬وموظفون‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬يمتلكون‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الصم‭ ‬ويمثلون‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬نجاحنا‭ ‬التنظيمي‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬اللاعبين،‭ ‬فقد‭ ‬أثبت‭ ‬الرياضيون‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬محليًّا‭ ‬وخليجيًّا،‭ ‬بل‭ ‬تركوا‭ ‬بصمة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مشاركة‭.‬

 

والجميل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬عزيمة‭ ‬مضاعفة،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬إعاقتهم‭ ‬حاجزًا،‭ ‬بل‭ ‬دافعًا‭ ‬ليبرهنوا‭ ‬أنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭. ‬ومع‭ ‬الدعم‭ ‬المناسب‭ ‬والتدريب‭ ‬المستمر‭ ‬والفرص‭ ‬العادلة،‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أننا‭ ‬سنشهد‭ ‬أبطالًا‭ ‬بحرينيين‭ ‬يرفعون‭ ‬علم‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬البطولات‭ ‬العالمية،‭ ‬ويكونون‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لفئة‭ ‬الصم،‭ ‬بل‭ ‬لجميع‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭.‬

 

الوعي‭ ‬ونقص‭ ‬الكفاءات

{ ذكرت‭ ‬في‭ ‬مقابلات‭ ‬سابقة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬هي‭ ‬نقص‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬ونقص‭ ‬الكفاءات‭ ‬المتخصصة‭.. ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬رأيك؟

 

‭-‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬واقعية‭ ‬فعلًا،‭ ‬لكن‭ ‬بالإرادة‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزها‭. ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حملات‭ ‬إعلامية‭ ‬منظمة‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬وقصص‭ ‬النجاح‭ ‬الملهمة‭ ‬فيها‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكفاءات‭ ‬المتخصصة،‭ ‬فنحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬كوادر‭ ‬وطنية‭ ‬من‭ ‬الحكام‭ ‬والمدربين‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الاتحادات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وإيفادهم‭ ‬إلى‭ ‬الدورات‭ ‬الدولية‭ ‬لاكتساب‭ ‬الخبرة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تخريج‭ ‬مدربين‭ ‬مؤهلين‭ ‬لخدمة‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭.‬

 

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬المالية،‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬رياضية‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفر‭ ‬المقر‭ ‬والمنشآت‭ ‬الرياضية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالاتحاد‭ ‬لإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الاتحاد،‭ ‬مما‭ ‬سيؤثر‭ ‬إيجابا‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

 

‮«‬نحن‭ ‬قادرون‮»‬

{‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي،‭ ‬البعض‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬والبطولات‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬أمر‭ ‬ثانوي‭ ‬أو‭ ‬ترف،‭ ‬وهناك‭ ‬أولويات‭ ‬أهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬ذلك؟

 

‭-‬أختلف‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭. ‬فالرياضة‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬ليست‭ ‬ترفًا‭ ‬ولا‭ ‬أمرًا‭ ‬ثانويًا،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬أساسية‭ ‬للتمكين‭ ‬والاندماج‭. ‬فهي‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حديثي‭ ‬تبني‭ ‬الصحة‭ ‬الجسدية،‭ ‬وتغرس‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬وتفتح‭ ‬أبوابًا‭ ‬للتواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭.‬

 

وعندما‭ ‬يحقق‭ ‬لاعب‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬إنجازًا،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يرفع‭ ‬فقط‭ ‬اسم‭ ‬بلده،‭ ‬بل‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬أمل‭ ‬وإلهام‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬الرياضة‭ ‬تمنح‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬فرصة‭ ‬ليقولوا‭ ‬للعالم‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬قادرون‮»‬‭.‬

 

وهنا‭ ‬فإن‭ ‬رسالتي‭ ‬للمجتمع‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الشفقة،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الإيمان‭ ‬بقدراتهم‭. ‬الرياضة‭ ‬لهم‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬نشاط‭ ‬ترفيهي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬وصناعة‭ ‬مستقبل،‭ ‬وهي‭ ‬انعكاس‭ ‬لرقي‭ ‬وتحضر‭ ‬المجتمع‭.‬

 

{ لنعد‭ ‬قليلا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬أثار‭ ‬حل‭ ‬نادي‭ ‬الصم‭ ‬بعض‭ ‬اللغط‭ ‬والآراء‭ ‬المتفاوتة،‭ ‬في‭ ‬رأيك،‭ ‬ما‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬رياضات‭ ‬الصم؟‭ ‬

 

‭-‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬النادي‭ ‬جاء‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬ودراسة‭ ‬ومنهجية‭ ‬لما‭ ‬تتطلبه‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الهيكلة‭ ‬والتنظيم‭ ‬والعمل‭ ‬الإداري‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬يؤتي‭ ‬أول‭ ‬ثماره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعطاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬العضوية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬وكذلك‭ ‬عضويته‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الآسيوي‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬للصم‭ ‬وقبول‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬بطولة‭ ‬دولية‭ ‬للصم‭ ‬والتي‭ ‬سوف‭ ‬تنظم‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر،‭ ‬وكذلك‭ ‬حضور‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصم‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يعقد‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬البطولة‭.‬

 

ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬أؤكد‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لرياضات‭ ‬الصم‭ ‬يسعى‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬إطار‭ ‬أكثر‭ ‬تنظيمًا‭ ‬وشمولية،‭ ‬يعزز‭ ‬مشاركة‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ويوفر‭ ‬لهم‭ ‬صوتًا‭ ‬موحدًا‭ ‬ومؤثرًا،‭ ‬يضمن‭ ‬تمثيلهم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭. ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬ليست‭ ‬نهاية،‭ ‬بل‭ ‬بداية‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬واستقرارًا‭ ‬لمجتمع‭ ‬الصم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

 

{ في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬الاتحاد‭ ‬دعما‭ ‬مجتمعيا‭ ‬وإداريا‭ ‬وماليا‭ ‬كبيرا‭. ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الداعمين؟‭ ‬وما‭ ‬رسالتك‭ ‬للمؤسسات‭ ‬والجهات‭ ‬المختلفة؟

 

‭-‬بفضل‭ ‬الله،‭ ‬الدعم‭ ‬الأكبر‭ ‬يأتي‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬التي‭ ‬تولي‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬عناية‭ ‬خاصة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحضارية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬اللجنة‭ ‬الأولمبية‭ ‬البحرينية،‭ ‬والهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للرياضة،‭ ‬واللجنة‭ ‬البارالمبية،‭ ‬فكلهم‭ ‬شركاؤنا‭ ‬الأساسيون‭ ‬في‭ ‬النجاح‭.‬

 

لكننا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬ليشمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬والقطاع‭ ‬الأهلي،‭ ‬لأن‭ ‬المسؤولية‭ ‬المجتمعية‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭. ‬رسالتي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬رياضات‭ ‬الصم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬واجبًا‭ ‬وطنيًا،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬فرصة‭ ‬لإبراز‭ ‬التزامهم‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية‭. ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬يعني‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني،‭ ‬وهذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابًا‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله‭.‬

 

{ اسمحي‭ ‬لي‭ ‬بسؤال‭ ‬أخير،‭ ‬أنت‭ ‬تعملين‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لديك‭ ‬شغف‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭.. ‬كيف‭ ‬توفقين‭ ‬بين‭ ‬الجانبين؟‭ ‬وهل‭ ‬تفكرين‭ ‬في‭ ‬التفرغ‭ ‬والانتقال‭ ‬الكامل‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬إلى‭ ‬آخر؟

 

‭-‬خلال‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬اكتسبت‭ ‬مهارات‭ ‬إدارية‭ ‬وتنظيمية‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا،‭ ‬وهذا‭ ‬منحني‭ ‬أساسًا‭ ‬قويًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المشاريع‭ ‬وتنظيم‭ ‬الفرق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أفادني‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬عملي‭ ‬مع‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭.‬

 

لكن‭ ‬بصراحة،‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬حاليًا‭ ‬قد‭ ‬اكتفيت‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬مهني،‭ ‬وأتطلع‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وتطوير‭ ‬البرامج‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬قدراتهم‭ ‬ومواهبهم‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الرياضية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والثقافية‭. ‬فأنا‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬ودعمهم،‭ ‬مستثمرة‭ ‬ما‭ ‬أمتلكه‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬شخصية‭ ‬وطموحات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

 

لذلك‭ ‬فإنني‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أتمكن‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬بالكامل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬لأنه‭ ‬شغفي‭ ‬يمنحني‭ ‬فرصة‭ ‬لإحداث‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬وإيجابي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وأنا‭ ‬واثقة‭ ‬أن‭ ‬قيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬تؤمن‭ ‬بالكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬وتدعمني‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬ما‭ ‬يمنحني‭ ‬دافعًا‭ ‬إضافيًّا‭ ‬لأرتقي‭ ‬أكثر‭ ‬وأسهم‭ ‬بفاعلية‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬المهمة‭

 

 

Comments (0)
Add Comment