اقتصاد الرعاية وحقوق المسنين وذوي الإعاقة|هيئة الأمم المتحدة للمرأة: 15% من سكان العالم سيكونون من المسنين بحلول 2050.. ومنظمة المرأة العربية تؤكد النساء هن من يقع عليهن العبء الأكبر لأعمال الرعاية

سنابل الأمل / متابعات

ناقشت ورشة العمل الإقليمية لمنظمة المرأة العربية “حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية” والتي عقدتها منظمة المرأة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على مدار ثلاثة أيام في العاصمة اللبنانية بيروت واختتمت أمس 9 أكتوبر فعّالياتها، كما شارك في الافتتاح المحامية نتالي زعرور أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية، ممثلة للسيدة نعمت عون اللبنانية الأولى ورئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.

 

100 مليون شخص مسنين بحلول 2050

وفي هذا السياق أوضح رودريغو مونتيرو كانو، ممثل المكتب الإقليمي في الدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إن الورشة تأتي ضمن إطار العمل الذي تأسس في المؤتمر رفيع المستوى الذي عقد بالعاصمة الأردنية عمَّان في فبراير2025، وشارك فيه أكثر من 80 شخصًا من المسؤولين رفيعي المستوي ومتخذي القرار في الدول العربية بهدف وضع خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، مضيفًا أن الورشة الأولى في هذا السياق قد عقدت ببيروت في ابريل وتناولت موضوع الحضانات.

 

 

وأكد “رودريغو” أن درجة تقدم أي مجتمع لا تقاس بالغنى أو القوة وإنما بالطريقة التي يعامل بها ذوي الإعاقة وكبار السن ، وإلى أن مدى يستطيع المجتمع أن يوفر لهؤلاء الأشخاص العيش بكرامة واحترام، بما يمكنهم من أن يكونوا مستقلين ومندمجين في المجتمع.

 

وأضاف ممثل المكتب الإقليمي في الدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أنه مع حلول عام 2050، سيكون هناك أكثر من 100 مليون شخص مسن في العالم، أي 15% من سكان العالم ككل سيكونون من المسنين، لهذا السبب فإن البلدان والمجتمعات يجب أن تستعد للاستجابة لتوفير احتياجاتهم بما يشمل الخدمات الصحية وتوفير المأوى وغيرها.

 

النساء يتحملن العبء الأكبر لأعمال الرعاية

وفي نفس السياق وجهت الأستاذة الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية كل الشكر والتقدير للجهات الشريكة والمتعاونة مع المنظمة في عقد ورشة العمل، كما وجهت شكرًا خاصا لفخامة السيدة نعمت عون اللبنانية الأولى وللجمهورية اللبنانية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة.

 

ولفتت “الدكتورة فاديا ” إلى أن موضوع الورشة على درجة كبيرة من الأهمية وأن الورشة تعمد إلى مقاربته بطريقة تطرح الإشكاليات الرئيسية على بساط البحث والنقاش، وعلى رأس هذه الإشكالات أن النساء هن من يقع عليهن العبء الأكبر لأعمال الرعاية بوجه عام مما يؤثر سلبًا على قدرتهن على المشاركة الفاعلة في المجال العام وفي سوق العمل، ولفتت إلى أن أعمال الرعاية يُنظر إليها نظرة دونية، وهي في كثير من الأحيان غير مدفوعة الأجر.

 

 

وأكدت “المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية ” على ضرورة النظر لاقتصاد الرعاية من زاوية تصحيح الاختلال في العلاقة بين الرجل والمرأة في الأسرة، والعمل على تحقيق التوازن وتوزيع الأعباء بشكل عادل، وذلك من خلال إعادة النظر للرعاية بوصفها مهمة رفيعة ومعتبرة وغير دونية، وبوصفها خدمات لها قيمة اقتصادية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة.

 

وأشارت سيادتها إلى أن المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة هم كأي إنسان لهم حقوق يجب أن تحترم، ومن واجب الدولة أن تحرص على تعزيز قدراتهم وتوفير الوسائل التي تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم والاندماج الفاعل في المجتمع.

 

 

وأكدت على ضرورة الاهتمام بمقدمي خدمات الرعاية، خاصة غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة، وأن تكون هناك نظرة استراتيجية تقارب وضع هذه الفئات من خلال نظرة عامة للمجتمع المحيط وإلى الأسرة وإلى البيئة الحاضنة للمسن/ة أو لذوي/ذوات الإعاقة.

 

الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية

ولفتت إلى أن القضايا المرتبطة بتعزيز اقتصاد الرعاية أكبر من أن يتحملها طرف واحد سواء أكان أسرة أو جمعية أو مجتمع محلي أو القطاع الخاص أو الأهلي، إنما يجب أن يكون هناك عمل تشاركي تقوده الحكومات باسم شعبها ومجتمعها.

 

سياسات عامة وقيم إنسانية

وحثت “المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية ”على أن تستند صياغة السياسات العامة في هذا المجال إلى حوار مجتمعي تقوده الحكومات وتشترك فيه كل الأطراف ذات الصلة بما فيها الفئات المستهدفة من المسنين وذوي الإعاقة.

 

وعلى صعيد آخر دعت سيادتها إلى العمل على تحويل القيم المجتمعية إلى قيم إنسانية وقالت : “الزمن الحالي هو زمن ليبرالي متوحش لا يرى قيمة إلا للإنتاج والكسب ولا يرى هناك حقوق إلا بقدر ما يكون من قوة، وهذا الأمر يخالف حضاراتنا لأن هذه الحضارات قائمة على احترام حقوق الإنسان والمحافظة على كرامة الإنسان وحمايته، فيجب العمل من عمق المجتمعات العربية -من خلال التربية والثقافة والإعلام- لإعادة الغلبة إلى القيم الإنسانية على حساب القوة وذلك لكي ننسجم مع حضاراتنا”.

 

 

وأوضحت سيادتها أنه يجب البدء من مرحلة الطفولة لتربية النشء على قيمة التعاطف الإنساني الذي يجسد ما يربط الإنسان بأخيه الإنسان، والعمل على إعادة قيمة التكافل إلى المجتمعات، مشيرة إلى أن هذه القيمة موجودة في جميع الأديان السماوية والحضارات عبر تجليات ومفاهيم مختلفة.

 

أهمية الاستراتيجية الوطنية للدول

وأكدت المحامية نتالي زعرور أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، أن اقتصاد الرعاية يُشكّل أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والعمل اللائق، كما يُسهم بشكل مباشر في تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء.

 

وأضافت أن الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان وخطة عمل الهيئة الوطنية للسنوات الثلاث المقبلة تتضمن محاور خاصة تُعنى بالرعاية وإدماج كبار السن وذوي الإعاقة.

 

كما أبرزت قيام لبنان في أبريل 2025 بالتوقيع على وثيقة إبرام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها.

 

وأطلقت زارة الشؤون الاجتماعية خطة العمل التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لكبار السن ، وتعمل حالياً على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مسار وطني متكامل يعزّز الرعاية والحماية الاجتماعية.

 

الاقتصاد الرعائي بصيص أمل لذوي الاعاقة

فيما أكد الدكتور نواف كبارة، رئيس التحالف الدولي للإعاقة على أهمية الورشة في سياق الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية والعالم بشكل عام. واعتبر أن تناول موضوع الاقتصاد الرعائي هو بصيص أمل للكثير من الفئات الاجتماعية التي تتولى تقديم الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة ولكبار السن ولكنها مع ذلك تفتقر إلى الدعم المجتمعي لها في أداء هذه المهمة.

 

 

وأوضح “رئيس التحالف الدولي للإعاقة ” أن الفكر الدولي انتقل من تبني المنظومة الفكرية القائمة على الرعاية عند التعاطي مع قضية الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن ، إلى المنظومة الفكرية القائمة على الحقوق والإدماج.

 

ولفت إلى تأثير السياقات الصعبة التي تعايشها المنطقة العربية على الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، بما في ذلك الحروب والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وغيرها، وهي السياقات التي تفرض على تلك الفئات تحديات أكبر في ظل غياب الحماية الكافية .

 

مشاركات دولية وقضايا مهمة

شارك في ورشة العمل خبراء وخبيرات من عدة دول عربية هي: الأردن، وتونس، والسودان، والعراق، وعمان، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، واليمن، كما شارك ممثلو وممثلات الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك بموضوع الورشة.

 

وتوزعت أعمال الورشة على إحدى عشرة جلسة عمل تناولت أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وأوضاع المسنين في المنطقة العربية من سائر الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية..الخ واستعرضت وجهات النظر وخبرات الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك خبرات ورؤى المنظمات الدولية والإقليمية .

 

 

وتطرق الحضور إلى عدة قضايا مهمة منها أهمية توفير البيانات الدقيقة والمصنفة حسب الجنس عن أوضاع المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة واقترحوا انشاء قاعدة بيانات عربية حول أوضاع هاتين الفئتين، كما شددوا على أهمية استمرار عملية تبادل التجارب العربية في هذا المجال من خلال تواصل اللقاءات واقتراح البعض توثيق التجارب والممارسات الناجحة على المستوى العربي.

 

واقترحوا انشاء منصة الكترونية مخصصة لتبادل الخبرات العربية حول حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. كما تم اقتراح تطوير دليل اجرائي موحد حول العمل في مجال الرعاية والخدمات المقدمة للمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة ينص على معايير الجودة الواجب الالتزام بها.

 

ولفتوا إلى أهمية تعزيز الخدمات القائمة على الرقمنة مثل البطاقات الصحية الذكية والتعريف بالتجارب الناجحة في هذا المجال. وأكد المشاركون كذلك على أهمية الاستثمار في تأهيل مقدمي الرعاية وتخصيص دورات تدريبية لهذا الغرض.

 

البوابة

 

Comments (0)
Add Comment