سنابل الأمل / متابعات
يتكون الجسم من «كتل بناء» تسمى «الجينات» و«الكروموسومات» التي يكون عددها 46 عند الإنسان الطبيعي، وفي بعض الحالات يتعرض بعض الأجنة إلى اضطراب جيني، يحدث أثناء الحمل نتيجة خلل في انقسام «الكروموسوم 21»، ما يؤدي إلى الإصابة ب «متلازمة داون»؛ حيث يمتلك المُصاب نسخة إضافية كاملة أو جزئية من نفس الكروموسوم، وتقدر الإحصاءات ولادة ما يقرب من 3000 الى 5000 من الأطفال الذين يعانون هذا الاضطراب الجيني الذي يتسبب في تغيير تطور جسم الطفل وعقله وبالتالي يعاني تحديات ذهنية وبدنية تستمر مدى الحياة، وفي السطور القادمة يتحدث مجموعة من الخبراء والاختصاصيين عن هذا المرض وكيفية إداراته.
تقول د. دينا صالح استشارية مخ وأعصاب الأطفال، إن متلازمة داون اضطراب جيني يحدث نتيجة خلل في انقسام الكروموسوم 21، ما يؤدي إلى امتلاك الجنين نسخة إضافية كاملة أو جزئية من هذا الكروموسوم، وهناك 3 أنواع من هذه الإصابة:
1- عندما يفشل زوج كروموسومات رقم 21 في الحيوان المنوي أو البويضة في الانفصال، ومع تطور الجنين يستمر نسخه في كل خلية من خلايا الجنين وتنمو معه، وتُعد هذه الحالة الأكثر انتشاراً.
2- متلازمة داون متعدّدة الخلايا وهو نوع أقل شيوعاً بين الأطفال، وفي هذا النوع تكون بعض الخلايا طبيعية وتحتوي على 46 كروموسوماً (23 زوجاً طبيعياً دون كروموسوم زائد)، والبعض الآخر يحتوي على نسخة إضافية من كروموسوم رقم 21، فيكون مجموع الكوروموسومات 47.
3- انفصال جزئي أو كامل لكروموسوم 21 الإضافي؛ بحيث يكون الزوج رقم 21 من الكروموسومات طبيعياً، ولكن هناك نسخة جزئية أو إضافية منه، وتكون مرتبطة بأحد الكروموسومات الأخرى ضمن نواة الخلية.
وتوكد د.صالح أن معظم حالات متلازمة داون لا تكون مرضاً وراثياً، ولكن في نحو 4 % تكون نتيجة حمل الأب أو الأم مرض التبدل الصبغي، وهناك بعض العلامات الجسدية التي تميز الطفل المصاب بمتلازمة داون، مثل: صغر الأذن، ضعف في العضلات، ما ينتج عنه صعوبة التحكم في الرأس، ومرونة المفاصل، بروز اللسان، امتلاك عيون تتخذ الشكل اللوزي، وتسطّح الوجه وتحديداً في منطقة الأنف، إضافة إلى قصر الرقبة والقامة، وصغر حجم الرأس، وبعضهم يمتلكون أيدي وأقداماً صغيرة، وربما يُلاحظ قصر الأصابع انحناء الخنصر نحو الإبهام، كما يعانون تأخر النمو البدني وعيوباً خلقية بالقلب، ومشكلات ذهنية وإدراكية، كتأخر الكلام، ضعف التركيز، بطء التعلم، وتطوير اللغة.
عوامل الخطورة
تقول د. شيفا هاريكيشنان استشارية أمراض النساء والتوليد: إن متلازمة داون هي أكثر حالات الكروموسومات شيوعاً؛ حيث يبلغ معدل الإصابة بها نحو واحد من كل 700 طفل، ويُعد الحمل بعد تجاوز عمر ال35 هو أكثر العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة؛ حيث يُصاب أطفال هؤلاء الأمهات بنسبة 1 من كل 350، ويرتفع المعدل لدى الحوامل في سن الأربعين ويكون 1 من كل 100، وعند بلوغ 45 عاماً يُصاب جنين من كل 50.
وتشير د.هاريكشنان أن هناك إجراءات لتشخيص الجنين المُصاب بمتلازمة داون أثناء فترة الحمل، كاختبارات المسح إذا كانت المرأة معرضة لخطر الإصابة، ويبدأ في الثلث الأول من الحمل خلال الأسبوع 12 و13 + 6 أيام، ويتضمن التصوير بالموجات فوق الصوتية؛ حيث يقوم الطبيب بملاحظة وقياس الطبقة تحت الجلد لجمع السوائل أسفل عنق الطفل ما يسمى «شفافية نوتشال»، وملاحظة عظم أنف الطفل، وإجراء اختبارين للدم من الأم (بلازما البروتين A المرتبط بالحمل وموجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية بيتا)، كما يتم احتساب المخاطر باستخدام هذه النتائج وسن الحامل، وتصل دقة هذا الاختبار لحوالي 80 إلى 85%.
وتضيف: يتم عمل «الاختبار الثلاثي» من الفترة من الأسبوع 16 إلى 18 من الحمل، وهو قياس كمية المواد المختلفة في دم الأم (فحص مصل الأم ألفا فيتوبروتين وموجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية بيتا ومترافق الأوستريول) ويكون دقيقاً بنسبة 65%، كما يُعد الاختبار الرباعي اختباراً ثلاثياً إضافة إلى قياس هرمون آخر يسمى «إينهيبين A» وحساب معدل الخطورة مع احتساب عمر الأم أيضاً.
تلفت د. هاريكشنان إلى أن اختبار فحص موسع قبل الولادة؛ حيث يتم اكتشاف الحمض النووي للجنين من دم الأم بدقة 95 إلى 98%، وهناك أيضاً الاختبارات التشخيصية التداخلية مثل: تحليل السائل الأمنيوسي المحيط بالطفل، وأخذ عينات الزغابات المشيمية (تحليل الأنسجة من المشيمة والتي تشكل فيما بعد الولادة أو المشيمة)، وترتبط كل من هذه الإجراءات مع ما يقرب من خطر 1% لفقدان الجنين.
أمراض ومضاعفات
يرى د. وليد دندن أخصائي طب الأطفال، أن المصاب بمتلازمة داون لديه تأخر عن بقية الأطفال بنفس المرحلة العمرية، وخاصة في الحركة والجلوس والمشي، ونقص في الذكاء والمهارات العقلية واللغوية والتفاعل الاجتماعي والقدرة على التعلم، كما يعاني مضاعفات متعددة، كتشوهات القلب الولادية، وأمراض الجهاز التنفسي، توقف التنفس والشخير أثناء النوم وزيادة الإصابة بالربو، والبدانة ومشكلات في الجهاز الهضمي كالإسهال والإمساك سوء الهضم، وضعف الجهاز المناعي، وزيادة خطورة الإصابة بسرطان الدم، واضطرابات الغدد الصماء كالغدة الدرقية وازدياد نسبة مرض السكري، بالإضافة إلى اختلال الهرمونات التناسلية، ضعف النظر والحول، التهابات الأذن المتكررة، وفقدان السمع، والأمراض الجلدية.
يشير د.دندن إلى أن تقديم الرعاية الخاصة لطفل متلازمة داون يعد حجر الأساس في المعالجة، وهو عمل مشترك من قبل اختصاصات متعددة تشمل: طبيب الأطفال العام، أخصائي أمراض الجهاز هضمي، الغدد الصماء، أخصائي الأعصاب، الأنف والأذن والحنجرة، طبيب السمعيات، وطبيب العيون، كما تلعب برامج التدخل المبكر دوراً محورياً في إدارة الحالات، حيث يجب أن تتم متابعة المصاب من قبل أخصائي العلاج الطبيعي، والنطق، المعالج الاجتماعي، معلمين مختصين في تنمية المهارات الحركية والحسية والتفاعل اللغوي والاجتماعي وتطوير مهارات الاعتماد على الذات.
كروموسوم 21
يتكون جسم الإنسان من العديد من الأنسجة، ويضم النسيج الواحد عدة خلايا، وتوجد بها نواة تحتوي على مجموعة من الكروموسومات، يكون عددها الطبيعي 46 كروسوماً، 23 من الأم ومثلها من الأب، وتتمثل وظيفتها في أنها تحمل الصفات الوراثية للأشخاص، ولكن في بعض الحالات يحدث خلل في مرحلة تكون الجنين، ويتواجد كرموسوم زائد رقم 21؛ لذلك يطلق على متلازمة داون (تراي سومي 21)، وهي عبارة عن طفرة أو ما يسمى بالتشوه الخلقي، وتصيب هذه المشكلة نحو 1 من كل 800 مولود، وتتفاوت نسبة الإصابة تفاوتاً طردياً مع عمر الأم، ففي حين يبلغ خطر حمل جنين مصاب بهذه المتلازمة نحو 1 في الألف عندما تكون الأم في بداية العشرينات من عمرها، ويرتفع إلى 3% إذا كانت السيدة الحامل في منتصف الأربعينات.
الخليج