متحدو الإعاقة والفن.. ما مدى شمولية المشهد الثقافي الألماني؟

0 7

سنابل الأمل .. DW

 

يشهد عالم الفن بشكل متزايد دخول الفنانين ذوي الإعاقة الذين أبهروا العالم. لقد تأخرت ألمانيا لفترة طويلة في هذا المجال، لكن البلاد تشهد تطورات كثيرة ومشجعة في محاولة للحاق بباقي دول العالم. فما أبرز هذه التطورات؟

يسلط الفيلم الروائي الطويل “ماذا نريد” والذي اُنتج عام 2022، الضوء على الحياة الجنسية لأشخاص من ذوي الإعاقة.
يشهد عالم الفن بشكل متزايد دخول الفنانين ذوي الإعاقة الذين أبهروا العالم. لقد تأخرت ألمانيا لفترة طويلة في هذا المجال، لكن البلاد تشهد تطورات كثيرة ومشجعة في محاولة للحاق بباقي دول العالم. فما أبرز هذه التطورات؟

تتباين الإعاقات ما بين إعاقات نفسية وجسدية فيما أبهر العالم الكثير من متحدي الإعاقة سطروا أسماءهم بأحرف من ذهب في السينما، والتلفزيون، والرسم وغيرها.

يعد نجم مسلسل “صراع العروش” الأكثر انتشارا عالميا، بيتر دينكلاج المثال الأبرز على هذا حيث أبهر العالم رغم إصابته بمرض الودانة أو التقزم وهو اضطراب وراثي يؤثر على نمو العظام.

 

وليس دينكلاج الوحيد في هذا الصدد فأيقونة موسيقى البوب بيلي إيليش حققت نجاحا كبيرا واكتسحت جوائز غرامي عام 2020 رغم إصابتها بمتلازمة “توريت” وهي عبارة عن خلل عصبي وراثي يتسبب في حركات عصبية لا إرادية.

وتضم القائمة الكثير من ممثلين وفنانين ومشاهير لم تكن الإعاقة عائقا أمام شهرتهم فيما تقبلهم الجمهور وباتت أعمالهم تكتسب زخما يوما بعد يوم.

 

الشمولية الثقافية في ألمانيا

ولم تكن ألمانيا غائبة عن هذا الأمر إذ طرأ على عالم الثقافة الكثير من المتغيرات الإيجابية، وفقا لما ذكرته غوتا شوبرت، مديرة أحد مشاريع جمعية “يوكريا” المعنية بالفنانين والفنانات من متحدي الإعاقة في البلدان الناطقة باللغة الألمانية.

وفي مقابلة مع DW، قالت إن “التنوع في يومنا هذا لم يعد يقتصر على الأشخاص الذين ينحدرون من أصول مهاجرة أو من ذوي توجهات جنسية مختلفة بل يشمل أيضا الأشخاص من متحدي الإعاقة.”

وأضافت “أنه جرى في الماضي نسيان الأشخاص من ذوي الإعاقة أو تجاهلهم لفترة طويلة جدا في ألمانيا”، عازيا ذلك بشكل جزئي إلى أن جُلّ برامج التمويل الاتحادية للمؤسسات الثقافية ركز على مدار سنوات على مجموعات مجتمعية أخرى.

لكنها قالت إن الأمر قد تغير، موضحة “أصبح الأشخاص من متحدي الإعاقة في جوهر قضايا التنوع خلال العام أو العامين الماضيين”.

 

المسارح هي البداية

وشددت على أن هذا التوجه بات جليا من خلال الدعم المالي المقدم من مؤسسات فيدرالية مثل “المؤسسة الثقافية الاتحادية الألمانية”، مضيفة “باتت هيئات عدة تدرك أنه يمكنها تأمين الدعم المالي إذا قامت بتوظيف أشخاص من متحدي الإعاقة أو تعزيز انخراطهم”.

 

واستشهدت في ذلك بتدشين المؤسسة برنامجا جديدا يحمل اسم “بك” يهدف إلى إطلاق مشاريع فنية تضم فنانين وفنانات من متحدي الإعاقة، مضيفة “هذا البرنامج كان من الصعب تدشينه قبل ثماني أو عشر سنوات”.

ولا يتوقف الأمر على المؤسسة الثقافية الاتحادية الألمانية بل انضمت العديد من المؤسسات الثقافية الأخرى التي باتت تطلق مبادرات ترمي إلى إشراك أشخاص من متحدي الإعاقة خاصة في قطاع المسرح.

وفي ذلك، قالت شوبرت إن مسرح “كاماشبيلا” في مدينة ميونيخ يضم ستة أشخاص من متحدي الإعاقة فيما تظهر مسارح أخرى الكثير من الاهتمام لاستقطاب أشخاص من متحدي الإعاقة سواء لتوظيفهم بشكل دائم أو دمجهم في المجموعات الفنية.

 

 

تطورات في مجال السينما

ولم تكن صناعة السينما غائبة عن ذلك إذ اولى القائمون على هذا القطاع اهتماما كبيرا بالتنوع والشمولية حيث بدأت شركات سينمائية ألمانيا مثل “يو إف أيه” في توظيف ممثلين وممثلات من متحدي الإعاقة.

ويأتي ذلك اتساقا مع لوائح الاتحاد الأوروبي التي تنص على أنه “عندما تبحث شركات الإنتاج (الألمانية) عن ممثلات وممثلين للقيام بأدوار شخص على كرسي متحرك من أصول مهاجرة أو شخص مصاب بمرض هشاشة العظام، فإنه يتعين عدم محاولة اختيار ممثلين من غير ذوي الاحتياجات الخاصة”.

واستلهمت شركات الإنتاج الألمانية بما قامت به هوليوود حيث أوكلت أدوار البطولة لأشخاص من متحدي الإعاقة مثل بيتر دينكلاج والممثل “ار. جي. ميت” المصاب بشلل دماغي والذي لعب أحد أدوار البطولة في المسلسل التلفزيوني “بريكينغ باد” الذي حقق نجاحا هائلا في كل أنحاء العالم.

بدورها، قالت غوتا شوبرت إن هؤلاء الفنانين باتوا قدوة ليس فقط لبراعتهم الفنية وإنما أيضا لأنهم يتحدثون عن إعاقتهم بشكل صريح، مضيفة “هذا الانفتاح خلق تأثيرا إيجابيا على تعزيز قبول المجتمع بشكل عام للأشخاص من متحدي الإعاقة”.

 

معرض للفنانين المعاقين ذهنيا

وبعيدا عن مجال المسرح والسينما، قامت متاحف عدة بأدوار كبيرة في مساعي تعزيز انخراط الفنانين والفنانات من متحدي الإعاقة.

وفي هذا الإطار، جاء معرض “الفن والأبجدية” الذي نُظم في قاعة الفنون بمدينة هامبورغ الألمانية عام 2017 والذي أفسح المجال لفنانين من أمثال هارالد ستوفرز وهو رسام ألماني ناجح يعاني من إعاقة ذهنية.

 

وقد حظي ذلك بإشادة من شوبرت، قائلة “لقد استطاع هذا الرسام تصميم غرفة كاملة في المعرض رغم أن يجيد فقط العمل بالكتابة”.

يشار إلى أنه جرى إنشاء جائزة خاصة في ألمانيا عام 2000 للأشخاص من ذوي الإعاقات الإدراكية الذين يبدعون في مجال الفن فيما تمنح مؤسسة Augustinum “جائزة التميز” كل ثلاث سنوات لفنانين أوروبيين من ذوي الإعاقة الذهنية.

 

بعض العراقيل

ورغم هذا التقدم الكبير، إلا أن هناك بعض العراقيل ما زالت تقف عائقا أمام اندماج الفنانين والفنانات من متحدي الإعاقة.

وفي ذلك، قالت شوبرت إن “الإعاقة كانت لسنوات قليلة ماضية وراء استعباد بعض من متحدي الإعاقة من الانضمام إلى مدارس الدراما”، لكنها أضافت أن العديد من المدارس المسرحية والدرامية باتت الآن أكثر انفتاحا.

وعن مقارنتها بين ألمانيا بباقي دول العالم المتقدمة، قالت شوبرت أن أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي مازال متخلفا عن الركب.

 

سنابل الأمل .. DW

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق