سنابل الأمل/ متابعات
اليوم الوطني؛ مناسبة للتأمل في معاني البناء الوحدوي لهذا الكيان الشامخ الذي شيده الملك الموّحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله و رجاله الأوفياء الذين استجابوا له و آزروه و نصروه و أمنوا بما يدعوهم إليه من خير و صلاح حال؛ كيف و هم قد عاشوا الفرق بين الحالتين ( من الفرقة إلى الوحدة ) و ( من التناحر الى التلاحم ) و ( من الخوف و الجوع الى الأمن والإطعام ).
و قد كانوا شواهد حق على تلك النقلة النوعية و عاشوا التطورات السريعة العالمية ؛ فهم لم يكونوا بمعزل عن العالم الذي كانوا من أهم مكوناته وأعظم ادواته في بدايات القرن الماضي والذي شهد تحولات فكرية خطيرة و سياسية و عسكرية و حروب من نمط جديد ليست بالتقليدية بل هي حروب مباشرة استبدلت بالحرب الباردة, فتلاشت بسببها دول من الخريطة و تشكلت دول أخرى و تفككت تكتلات وانحلت تحالفات و نشأت أخرى.
وفي تلك الظروف الصعبة تمكن الملك المؤسس و رجاله المخلصون من لم الشتات ؛ بجمع القرى المتناثرة و القبائل المتناحرة الى تكوين نسيج قوي جميل متلاحم و جسداً واحداً يتداعى لاعضائه و مجتمع تجمعهم كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) لتكون هوية وطن و شعار شعب ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ً ما ألفت بين قلوبهم ).
و قد بادر بعض الشرفاء المخلصون من أهل الحل و العقد ؛ بمقترح توحيد البلاد تحت مسمى ( المملكة العربية السعودية ) بدلاً من ( سلطنة نجد و مملكة الحجاز و ملحقاتها ) و تخليد لذلك اليوم المجي د23 سبتمبر من كل عام و تذكيراً لمن لم يعش تلك الحقبتين بما ذاقوه الأسلاف و أكتووا بناره في سبيل بناء هذا البلد المعطاء الذي لم يعد يجهل مقامه و لا يجحد فضله أحد في الشرق و لا في الغرب في صناعة الاستقرار و السلام العالميين و خلق التوازن الاقتصادي العالمي و دفع عجلة النماء و البناء مع الإعتزاز بالهوية الإسلامية و العربية و الوطنية و طباعنا الأصيلة التي تناقلتها الأجيال عبر الدماء الأصيلة وتوارثوها من الجينات الكريمة
و ما تربى عليه الشعب السعودي الكريم من القيم و الشيم المحمودة المشهودة من خصال المروءة من الشجاعة و الكرم و الحلم و الأنفة وحماية الجار و إكرام الضيف و إيتاء ذي القربى و حمل الكَل و إغاثة الملهوف وفك العاني و الغيرة على الأعراض و إنظار المعسر و نصرة المظلوم و النصح لمن استنصح والحياء عن كل ما لايليق والقيام بما يمليه العقل والفطرة السليمة من أخلاق العرب وجاء الدين الإسلامي ليتمم لهم مكارمها ويثبت ما حاربه دعاة الحضارة الزائفة في الشرق و الغرب مدعين أنه لا رقي و لا تقدم إلا بالإنسلاخ من الفطرة السليمة.
وقد أثبتت النتائج بالاستقراء لما آلت إليه تلك الحضارات السابقة ممن كانوا قبلنا و أنها كانت بداية نهاياتهم وانهيار مجتمعاتهم و زوال حضاراتهم والتي أصبحت أثرًا بعد عين و حبراً على ورق وتمزقت وأصبحت أحاديث لمن بعدهم فأين هم .
وقد كان لاختيار هذا الشعار الموفق (عزنا بطبعنا ) في اليوم الوطني المجيد 95 ؛ رسالة للعالم أجمع بأن السعودي والسعودية وصلوا لأعلى الإنجازات الوطنية والعربية والعالمية وعلى أعلى الأصعدة السياسية والتفوق العلمي ؛ وقد حافظوا على هويتهم ولم ينسلخوا من قيمهم ولا أخلاقهم بل كانوا أنموذجاً عالمياً يحتذى به و تجربة ناجحة أبهرت العالم .