حسام سدودي.. المحامي الذي صمد حين انهار كل شيء

0 2

سنابل الأمل / متابعات

كان حسام سدودي، 38 عامًا، يمثل نموذجًا استثنائيًا للإرادة والتحدي، أول محامٍ من ذوي الإعاقة الحركية يترافع أمام القضاء الفلسطيني باستخدام كرسي متحرك.

رجلٌ لم يقف عجزه الجسدي يومًا عائقًا في طريق حلمه، بل جعله جسرًا للنجاح.

بدأت قصة حسام الاستثنائية عندما قرر، وهو في عمر الثالثة والعشرين، أن يكمل تعليمه الأساسي، حصل على الصف الثالث ثم التاسع الأساسي، ثم شهادة الثانوية العامة، كل ذلك خلال ثلاث سنوات فقط، بين 2010 و2013.

وفي العام ذاته، التحق بكلية الحقوق، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: أن يصبح محاميًا.

ورغم تحديات الواقع وقيود الإعاقة، تمكّن من اجتياز التدريب المهني، وخاض معارك قانونية كأي محامٍ آخر، رفع قضايا، وترافع في المحاكم، وحقق إنجازات مهنية مشرّفة جعلته مصدر فخر لمجتمعه وعائلته.

“كانت سيارتي قدمي”… ثم جاءت الحرب

لكن كل شيء تغيّر فجأة في أكتوبر 2023، عندما اندلعت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

في الأيام الأولى من الحرب، كان حسام يقيم في منطقة حدودية شرقي القطاع، وعندما اشتد القصف، اضطر للهروب مع زوجته وطفلته الصغيرة، تاركًا خلفه منزله الذي دُمّر بالكامل، بكل ما يحتويه، بما في ذلك سيارته الكهربائية التي كانت وسيلته الوحيدة للتنقل.

“كانت سيارتي قدمي التي أتنقّل بها إلى المحاكم وإلى أي مكان، لو كنت تمكّنت من إخراجها، ربما استطعت إنقاذ نفسي وعائلتي بشكل أفضل”، يقول حسام بأسى ل”شبكة مصدر الإخبارية”.

لم ينجُ حسام فقط من القصف، بل بدأت معاناته الحقيقية بعده، فقد مكان سكنه، وفقد مصدر دخله، والأهم فقد وسيلة حركته.

نزح أكثر من عشر مرات من منطقة إلى أخرى، هاربًا من قذائف الطائرات والمدفعيات، يحمل زوجته وابنته، ويتنقل بصعوبة بالغة، حتى استقر به المطاف في خيمة نزوح تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

معاناة مضاعفة: “حتى الماء أصبح معركة”

في ظل تدمير البنية التحتية، أصبحت الحياة اليومية لحسام وعائلته شبه مستحيلة. يقول: “أصبحت عاجزًا عن جلب الماء. زوجتي وابنتي تقفان في طوابير طويلة من أجل ملء قالونين من المياه، لاستخدامهم في الشرب والطبخ والتنظيف أما أنا، فبالكاد أستطيع أن أتحرّك مترًا أو مترين خارج الخيمة”.

هذه ليست مجرد تفاصيل حياتية، بل معاناة مضاعفة لرجل فقد كل شيء: منزله، عمله، كرامته كربّ أسرة قادر، وحتى كرامته كإنسان يريد فقط أن يتحرك بحرية.

“بعدما كنت إنسانًا منتجًا، قادرًا على إعالة أسرتي، أصبحت عاجزًا عن تلبية أدنى احتياجاتنا اليومية”، يضيف حسام، بنبرة يملؤها الحزن والقهر.

“ما أحتاجه بسيط.. لكنه مصيري”

رغم كل هذه الظروف، لا يزال لدى حسام أمل في أن يعود إلى عمله وحياته الطبيعية. ما يحتاجه الآن، كما يقول، هو:

كرسي كهربائي متحرك يساعده على التنقل.

مأوى آمن يضمن له الحد الأدنى من الكرامة والخصوصية، دعم مالي أو فرص عمل تمكنه من إعالة أسرته مجددًا رعاية صحية وتأهيلية ليستعيد جزءًا من استقراره البدني والنفسي.

 

وفي نهاية حديثه، يناشد حسام كل الجهات الإنسانية والمعنية بحقوق ذوي الإعاقة وحقوق الإنسان: “أنا لا أطلب الكثير، فقط أريد أن أعيش بكرامة، أن أتنقل، أن أعمل، أن أربي ابنتي، وأكون سندًا لها كما كنت قبل الحرب، فالحرب سرقت كل شيء، لكن الإرادة لم تمت”.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق