التقييم بعد ارتداء السماعات.. أزمة تفسير «المادة 4» تهدد حقوق ذوي الإعاقة
سنابل الأمل / متابعات
تخيّل أن تبدأ يومك وأنت غير قادر على سماع ما يكفي لتندمج مع العالم؛ أن تنظر إلى شفاه الناس قبل أن تفهم كلماتهم، وأن تبذل جهدًا مضاعفًا في كل محادثة لتصل إلى ما يصل إليه الآخرون بسهولة؛ تخيّل أنك تحلم فقط بأن تعيش حياة طبيعية، وأن يكون حقك في السمع ليس سببًا لحرمانك من حقوق أساسية.
هذه ليست مجرد صورة افتراضية؛ بل واقع يعيشه آلاف المواطنين من ذوي الإعاقة السمعية ممن يواجهون صعوبة في الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، بسبب تفسير المادة (4) من اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018، والتي تُعرِّف الإعاقة السمعية بأنها: حفقدان كلي أو جزئي لحاسة السمع إلى الحد الذي يؤثر على الأداء اليومي بعد استخدام الوسائل المعينة».
◄ معاناة تبدأ من التقييم لا من الإعاقة
يرى ذوو الإعاقة السمعية أن هذا التفسير يُلغي جوهر الإعاقة الأساسية، لأنه يقيس السمع بعد ارتداء السماعات أو القوقعة، رغم أنها أجهزة مساعدة لا تعالج الضعف الحقيقي؛ فالشخص الذي يرتدي سماعة قد يسمع جزءًا من الأصوات، لكنه يظل يعاني في التواصل اليومي، وفي العمل، وفي مواقف الحياة الاعتيادية.
ومع ذلك، يتم تقييم الكثير من الحالات وكأن الإعاقة اختفت لمجرد استخدام وسيلة مساعدة، وهو ما دفع مجموعة من المواطنين لتقديم مطالب بتعديل المادة وإعادة تقييم الحالات المتضررة.
◄ علاج مؤقت
وقال مصطفى طه، خبير التدريب والتوعية في مجال الإعاقة وأحد ذوي الإعاقة السمعية لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن الاعتماد على نتائج التقييم بعد استخدام السماعات أو القوقعة لا يعكس الواقع الحقيقي.
وأضاف أن الأجهزة المعينة مثل السماعات أو القوقعة ليست علاجًا كاملًا، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها لتحديد مدى الإعاقة، وعند تلف المعينات يجد بعض الأشخاص صعوبة في شرائها مرة أخرى.
وتابع: «الاعتماد على نتائج التقييم بعد استخدام الأجهزة المعينة يحرم آلاف الأشخاص من حقوقهم في الخدمات والعمل والدعم».
◄ تطبيق القانون بروح العدالة
وأشار إلى أن الحل يكمن في إعادة التقييم العلمي المحايد باستخدام أجهزة متقدمة مثل ABR، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستعيد الحقوق إلى أصحابها وتضمن تطبيق القانون بروح العدالة.
وأكد ممثلو ذوي الإعاقة السمعية ضرورة إعادة الحق في التظلم لجميع الأشخاص الذين رُفضت طلباتهم في السابق، موضحين أن التظلمات القديمة لم تأخذ في الاعتبار «الحالة الأساسية» للشخص قبل ارتداء السماعات أو القوقعة، وهو ما تسبب في ضياع حقوق مستحقة لعدد كبير من المواطنين.
وطالب المتضررون بأن تتم مراجعة جميع هذه الملفات وفق تقييم عادل يعتمد على الفحوصات الدقيقة، بما يتفق مع المعايير العلمية والإنسانية.
◄ بطاقات الخدمات المتكاملة
ورغم هذه التحديات، يؤكد ذوو الإعاقة السمعية تقديرهم لحرص الدولة المصرية على دعم وتمكين ذوي الهمم، من خلال التشريعات المتقدمة، وبطاقات الخدمات المتكاملة، وبرامج الدمج المجتمعي التي استهدفت تحسين جودة حياة هذه الفئة.
وأكدوا أن مطالبهم اليوم ليست اعتراضًا على جهود الدولة، بل نداء لإنصافهم من خلال معالجة خلل واحد فقط في آلية التقييم، حتى لا يقع المواطن بين ضعفه السمعي من جهة، وتعسر الإجراءات من جهة أخرى.
