سنابل الأمل- التحرير
مرة و أنا في العيادة دخلت لي طفلة عندها ٨ سنين تكشف. طفلة جميلة جدا زي القمر و بمنتهي الهدوء و الثبات راحت قعدت علي كرسي الكشف، و كان معاها والدها راجل ثلاثيني محترم.
بحب دائما أسأل الطفل و أسيبه يعبر عن شكوته، قالت لي بمنتهي الاقتضاب انها وقعت علي قلم رصاص و خبطت عينها اليمين جامد، سألتها انتي كنتي بتجري بيه ووقعتي عليه ولا ايه؟
خاصة اننا بنشوف الحوادث دي كتير، البنت سكتت و ما قالتش كلمة زيادة
في حاجة مش مريحاني في القصة من نظرات البنت وأبوها
قولت أكشف و أشوف الموضوع ايه
البنت عينيها من برة زي القمر، و ما فيش آثار احمرار ولا جروح ولا حاجة، بس المفاجأة: البنت مش شايفة بعينها اليمين غير النور بالعافية، حتي مش قادرة تعد صوابعي علي بعد ربع متر.
فحصت لها قاع العين، لقيت عندها التهاب عنيف في العصب البصري للأسف، نتيجة لخبطة جامدة جدا.
فهمت الأب الحالة و اديتها كورتيزون عشان علاج التهاب العصب، و للأسف الحالات دي بيكون صعب جدا ان النظر يرجع تاني زي الأول
عشان الضرر اللي حصل في العصب البصري بيكون عنيف جدا، لكن بنعمل اللي علينا و كله علي الله.
الأب و هو ماشي راح مطلع البنت برة في استراحة المرضي و دخل لي تاني، قالي يا دكتور البنت ما وقعتش علي القلم ولا حاجة
دي كانت بتذاكر و أمها مسكتها من شعرها عشان تخبط راسها في المكتب و البنت ماسكة القلم فدخل جامد في عينها.. أنا صُدمت، بس طبعا كنت مستشعر من نظرات البنت و أبوها ان البنت ما كانتش عايزة تقول الحقيقة.
أبوها استطرد و قال ان البنت ما كانتش عايزة تقول لحد ان مامتها ضربتها
عشان خايفة علي سمعة مامتها و بتحبها، و مش عايزة الدكتور يفتكر ان مامتها ست وحشة.
البنت دي بتابع معايا لغاية دلوقتي و كبرت و بقى عندها ١٣ سنة، و للأسف العين اليمين مش بتشوف بيها عشان عندها ضمور كامل في العصب البصري بسبب الضربة.
علي فكرة الأم جت معاها مرة تكشف بعد سنتين من الحادثة و كانت عينيها في الأرض من اللي حصل.
مهما كنت متعصب من طفلك، إياك تمد ايدك علي وشه، ممكن تجيب له عاهة مستديمة تندم عليها العمر كله. احنا كدكاترة عيون بنشوف ضربات كتيرة في العين في الأطفال
و زملائي ممكن يحكوا قصص كتيرة مشابهة و أكتر كمان.. و في ضربات بتعدي ، و للأسف في ضربات كتيرة ما بتعديش..
ربنا يحفظ الجميع
….
بقلم الدكتور محمد أحمد المصري استشاري جراحات الشبكية
