رياضات ذوي الإعاقة في سلطنة عمان تحقق إنجازات كبيرة في المحافل الدولية ” تقرير “
سنابل الأمل .. عمان
استطلاع – مريم البلوشية
حققت رياضات ذوي الإعاقة في سلطنة عمان إنجازات كبيرة في المحافل الدولية ووضعت لها أثرا عميقا بين دول العالم، وقبل أسابيع قليلة خرج الأولمبياد الخاص العماني من دورة الألعاب الصيفية العالمية ببرلين متوجا بـ٣٠ ميدالية ملونة توزعت على 7 ميداليات ذهبية و8 ميداليات فضية و15 ميدالية برونزية، ولمع محمد المشايخي بالذهب في دورة الألعاب البارالمبية التي استضافتها العاصمة اليابانية طوكيو 2021، ولضمان تحقيق المزيد من النجاحات والفرص لفئة ذوي الإعاقة أصبحت الحاجة ملحة لإشهار كيان رياضي رسمي يعني برياضات الأشخاص ذوي الإعاقة ليعمل جنبا إلى جنب مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب واللجان الرياضية المعنية بذوي الإعاقة.
“عمان الرياضي” حاور عدة شخصيات مناط لها أدوار ومسؤوليات لتعزيز وتمكين فئة ذوي الإعاقة رياضيا ودمجهم مع المجتمع، وللوقوف على أبرز التحديات التي تواجه هذه الفئة في القطاع الرياضي والبحث عن أنجع المبادرات والبرامج لتحقيق منظومة رياضية خاصة بهم تتيح لهم الفرص لمُمارسة أنشطتهم الرياضية الترويحية والعلاجية وتكون متنفسًا لهم للإبداع واستنهاض هممهم الكامنة لتسجيل حضور بارز في المحافل الرياضية الدولية.
دور اللجنة البارالمبية العمانية
وفي هذا الجانب قال الدكتور منصور بن سلطان الطوقي رئيس اللجنة البارالمبية العمانية: تبنت رؤية عمان 2040 مرتكزات عديدة توضح كيفية التعامل مع فئة ذوي الإعاقة، كما دعت الرؤية إلى توفير حياة كريمة ومستدامة لجميع أفراد المجتمع وحرصت الرؤية على كفل كافة حقوقهم، ومن ضمن هذه الحقوق حق الترفيه وحق ممارسة النشاط الرياضي، ويعتبر القطاع الرياضي جزءا أساسيا في عملية الاندماج الاجتماعي، كما أن الرياضة لها تأثير كبير على فئة ذوي الإعاقة من خلال إكسابهم المزيد من الثقة وتجعلهم في حالة نشاط وفعالية في المجتمع وتقربهم من الأسوياء ويعبرون من خلالها عن حبهم للوطن ومساهمتهم في دفع عجلة التنمية، وفي الجانب الآخر القطاع الرياضي يعتبر علاجا لفئة ذوي الإعاقة في الكثير من الأحيان وتساعدهم على مواجهة الحياة بصعوباتها وتحدياتها المختلفة، غير أنها وسيلة ترفيه متاحة لهم، فجميع هذه المفاهيم لو تم تعريفها بالطريقة الصحيحة للمجتمع سترفع نسبة الوعي المجتمعي بحقوق فئة ذوي الإعاقة.
وأضاف الطوقي: دور الأسرة الحيوي في هذا الجانب يتمثل في تذليل الصعاب النفسية والاجتماعية والصحية التي تواجه فئة ذوي الإعاقة وتحويلها من تحديات إلى فرص وتشجيع أبنائهم للمشاركة في بناء الوطن سواء كان في القطاعات الرياضية أو غيرها وعدم منعهم من المحاولة والتجربة بذريعة الخوف عليهم بل البحث عن طرق لكسر حاجز الخوف لديهم واكتشاف مواهبهم وقدراتهم واستغلالها واستثمارها في المسار الصحيح، والأهم من ذلك معاملتهم معاملة الأشخاص الأسوياء وأنهم قادرون على ممارسة حياتهم بكل سهولة.
وأكد الطوقي أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب لها دور محوري في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة رياضيا، وتقدم الوزارة الدعم من خلال دائرة الرياضات النوعية حيث تقوم هذه الدائرة بشكل سنوي ببرامج مختلفة لنشر الوعي الرياضي لدى المعاقين وتعمل على دمجهم مع الأسوياء في المجتمع، ولكن المطلوب من الوزارة خلال المرحلة القادمة بث برنامج تلفزيوني له علاقة برياضات ذوي الإعاقة واستحداث معارض رياضية تستهدف هذه الفئة ومواكبة الذكاء الاصطناعي في القطاع الرياضي لتسهيل عملية تمكين فئة ذوي الإعاقة رياضيا، بالإضافة إلى تدشين حملة وطنية للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة واستخدام الرياضة كوسيلة في إظهار هذه الحقوق، كما أن من الضروري تجهيز وتأهيل المرافق الرياضية بما يتناسب مع شتى أنواع الإعاقات.
وتابع الطوقي حديثه بالقول: أما دور الوزارة من خلال اللجنة البارالمبية العمانية فيتمحور حول إعداد المنتخبات والفرق الرياضية للمشاركات الخارجية وتنظيم المسابقات والبطولات المحلية لفئة ذوي الإعاقة ولدينا 6 ألعاب تستهدف هذه الفئة منها ألعاب القوى ورفع الأثقال والإبحار الشراعي وكرة السلة وكرة الهدف وكرة القدم للمكفوفين، ونأمل أن تعمل اللجنة على تبني المزيد من الرياضات وتنويعها في الأعوام القادمة لإتاحة الفرصة لكل ذي إعاقة لممارسة الرياضة المفضلة لديه وتتناسب مع قدارته وشغفه، كما تقوم اللجنة بإعداد القيادات من المدربين والفنيين والإداريين والحكام لإدارة المنظومة الرياضية لفئة ذوي الإعاقة، ولدى اللجنة البارالمبية العمانية توجه لاستضافة البطولات الأولمبية في سلطنة عمان، وتتعاون بشكل مستمر مع الوزارة لجعل المنشآت الرياضية بيئة جاذبة لفئة ذوي الإعاقة، وبلا شك أن هذه الفئة حققت العديد من النجاحات والإنجازات في المحافل الدولية، ومثال على ذلك أن أول ميدالية أولمبية حققها محمد المشايخي في أولمبياد طوكيو 2021م، ونناشد القطاع الخاص للمساهمة في دعم هذه الفئة من خلال تنفيذ البرامج الرياضية المتنوعة لها وتقديم الرعاية للبطولات والمسابقات الخاصة بهم لتحقيق مؤشرات رعاية دولية جديدة واستثمار المسؤولية الاجتماعية لتنمية رياضة ذوي الإعاقة.
تعزيز دور الأشخاص ذوي الإعاقة
بينما أكد محمد بن سالم الراشدي رئيس مجلس إدارة الأولمبياد الخاص العُماني أن الخطوة الأولى لتعزيز دور الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع رياضيا زيادة توعية وتثقيف المجتمع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وأنواع الإعاقات وقدراتهم واحتياجاتهم، كما أنه يجب تثقيف وتوعية الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم، وفيما يخص الأسرة فدورها مفصلي، فأما أن تكون داعمة لابنها من ذوي الإعاقة أو أن يكون أحد الأدوات التي تأخذه لانتكاسة فتسوء حالته.
وأشار الراشدي إلى أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب تقع على عاتقها أدوار متعددة في نشر الوعي للأسر وأبنائهم من ذوي الإعاقة، منها مشاركة الأسرة وتشجيعها على التواجد مع الأبناء خلال الفعاليات الرياضية أوالتدريب أو حتى خلال المشاركات الرياضية الدولية، كما يحدث خلال مشاركات الأولمبياد الخاص العماني، حيث إن دور الأسرة معزز ومشجع للأبطال على أداء أفضل ما لديهم من قدرات، وهذا الدور المهم اتضح جليا في المشاركة الأخيرة للأولمبياد الخاص العماني في الألعاب العالمية الصيفية للأولمبياد الخاص “برلين 2023” حيث رافق عدد من أولياء الأمور أبناءهم إلى برلين، فالدعم النفسي والمعنوي لهذه الفئة مهم جدا وأثره العميق ظهر في النتائج التي حققها لاعبو الأولمبياد الخاص العماني، حيث خرج الأولمبياد من دورة الألعاب الصيفية العالمية متوجا بـ٣٠ ميدالية ملونة توزعت على 7 ميداليات ذهبية و8 ميداليات فضية و15 ميدالية برونزية.
وفي ما يخص البرامج التي تقدمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب لفئة ذوي الإعاقة قال الراشدي: مع الأسف تعتبر برامج محدودة المكان والزمان بمعنى أنها تحتاج إلى زيادة عددية وأن يتم تفعيلها في جميع محافظات السلطنة وتقام بجدول زمني يستمر لفترة طويلة وألا تقتصر على محافظة مسقط فقط.
وأوضح أن الملتقى الأول للأشخاص لذوي الإعاقة “الدمج والتمكين” شهد العديد من حلقات العمل والورش التي بحثت مواءمة قطاع الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم. وقال: بشكل عام، الملتقى أكثر من رائع وأتاح الفرصة للجميع، وإلى ما يحتاجه الطرف الأول من الآخر، والخلاصة هل ستفي القطاعات المختلفة الحكومية والخاصة والأهلية المشاركة في الملتقى بما تطلبه رؤية عمان 2040 بنسبة 50% على الأقل خلال الأعوام الثلاثة القادمة، ولماذا الأعوام الثلاثة، لأنه في نظري أننا تأخرنا وقصرنا كثيرا في تحقيق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في سلطنة عمان في جوانب مختلفة.
إشهار اتحاد رياضي
أما زيانة بنت عبدالله اليعربية مديرة دائرة الأنشطة النوعية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب فقالت: كما نعلم جميعا أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة يسهم في تحقيق رفاه مجتمعاتهم، وتمتعهم بصورة كاملة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية ومشاركتهم الكاملة التي ستفضي إلى زيادة الشعور بالانتماء وتسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويكمن تعزيز الدور عن طريق توفير كافة الوسائل التي تساعدهم في أداء دورهم بداية من اكتشاف الإعاقة منذ الصغر وكيفية تأهليهم وتدريبهم وطرق العلاج الصحيحة التي تسهم في تخفيف وطأة الإعاقة، ثانيا، تمكينهم دراسيا حتى المستوى الأكاديمي الذي يكفل حصولهم على التعليم الذي يؤهلهم للانخراط في العمل للمساهمة في بناء الوطن، وتبدأ التوعية منذ المراحل الدراسية الأولى من خلال إدراج مادة الإعاقة بالمناهج للتعريف بنوع الإعاقات المختلفة ورياضاتهم لتثقيف ونشر التوعية، وتعزيز الوعى المجتمعي من خلال دمجهم في كافة المجالات وإشراكهم في جميع الفعاليات أيضا، من خلال حملات التوعية المستمرة بأهمية إيلاء الأشخاص ذوى الإعاقة وأنهم متى ما توفرت لهم وسائل التمكين والدمج سيصبح لهم أداور مثلهم مثل الأسوياء، ولوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة دور كبير في نشر التوعية وتسليط الضوء عليها.
وتابعت: دور الأسرة أساسي ومتى ما كان الوعى لديها بضرورة توفير وسائل والبحث عن الخدمات التي تقدمها سلطنة عمان للأشخاص ذوي الإعاقة وذلك للاستفادة منها، أما دور وزارة الثقافة والرياضة والشباب فتمثل في إنشاء قسم يعنى بالأشخاص ذوى الإعاقة وأيضا إشهار اللجنة البارالمبية ولجنة الصم اللتان تعنيان بالرياضات المختلفة التي تمثلهم خارجيا والأيام المفتوحة التي تعد متنفسا لهم، كما أن القسم قد قام بتنفيذ ورش توعية لأسر ذوي الإعاقة في مختلف المجالات وتأكيد أهمية دمجهم وإخراجهم من عزلتهم لأن الرياضة جزء مهم من العلاج، كما أنه تم تسليط الضوء على رياضة البوتشيا ورياضة الكرة الطائرة جلوسا بهدف نشرها وبالتالي إيجاد حراك رياضي تنافسي بين الجهات التي تعنى بهم، ومن الأدوار التي يقوم بها القسم أيضا محو أمية لغة الإشارة بهدف نشر ثقافة لغة الإشارة وتعليم أساسيات هذه اللغة، كما أن القسم ينفذ سنويا ورشا في فنيات العمل الرياضي مع الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف تأهيل الكوادر العاملة مع الأشخاص ذوى الإعاقة وتعليمهم أساسيات العمل الرياضي وفنيات التعامل وكيفية إعداد برامج خاصه لهم، بالإضافة إلى أن الوزارة توفر جميع مرافقها وبالمجان وتوفر المعدات والأجهزة والفنيين لهذه الفئة.
وقالت اليعربية في حديثها: أسهم الملتقى الأول للأشخاص لذوي الإعاقة “الدمج والتمكين” في تسليط الضوء على قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وتوجيه الجهات إلى تبني مبادرات وبرامج تعنى بهم وتوجيه القطاع الخاص لقضاياهم وأهم التحديات التي تواجههم وقد أسهم القطاع الخاص بدوره في إيجاد برامج تدريبية وفرصا وظيفية خلال الملتقى، وفيما يخص الجانب الرياضي فالفرص متاحة سواء كانت للتوظيف أو القضايا الاجتماعية وتم في المختبرات مناقشة القضايا الرياضية، وكل ما تم عرضه من تحديات تمت مناقشته في مختبرات تحديث استراتيجية الرياضة العمانية والمبادرات التي طرحت ومنها إشهار اتحاد رياضي للأشخاص ذوي الإعاقة وتأهيل الكوادر العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة وضرورة تضمين المناهج أنواع الإعاقات والرياضات كجزء تثقيفي، وأيضا تخصيص موازنات لعمل برامج وأنشطة وأيام أولمبية، وإنشاء مراكز لتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المجمعات، وبالتأكيد توافق الجميع على رفع مستوى ممارسه الأنشطة الرياضية للترفيه والصحة والمنافسة وطنيا ودوليا ويندرج هذا ضمن مشروع الوطني لإدماج رياضي ذوي الإعاقة.
دعوة للقطاع الخاص
بينما قال أحمد بن محمد الجابري رئيس الجمعية العمانية لمتلازمة داون: يمكن تعزيز دور الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع من خلال إظهارهم وإشراكهم في جميع مجالات الحياة والفعاليات الاجتماعية والرياضية والمنتديات والندوات العلمية والفكرية وهكذا سيتم توعية المجتمع خلال حضورهم لهذه المناسبات، ودور الأسرة مهم حيث يجب عليهم إخراجهم من قوقعتهم وإشراكهم في كل هذه الفعاليات والحديث عنهم في كل الاجتماعات، أما دور وزارة الثقافة والرياضة والشباب فيتضح في إتاحة الفرصة للمشاركة في مختلف الرياضات كل حسب مقدرته وميوله والاهتمام بمواهبهم وتنميتها وصقلها وتطويرها وذلك لأن الرياضة تزيد من إدراكية الجسم وتنمي الفكر وتحقق التوازن والسيطرة الجسدية والعصبية، وما زلنا ننتظر مخرجات الملتقى الأول للأشخاص ذوي الإعاقة “الدمج والتمكين” باستبشارات الخير والشغف ونرجو أن يكون للقطاع الخاص بصمة واضحة ملموسة لهذه الفئة في كل الجوانب التأهيلية والرياضية.