حمد الصالحي يكتب: أصوات لم تُسمع.. ذوي الإعاقة بين التقدم والتحديات
سنابل الأمل / متابعات*
“إذا أردنا أن نعرف قيمة المجتمع، فلننظر إلى كيفية تعامله مع الأضعف بين أفراده.” هذا الاقتباس، الذي يُعزى إلى مهاتما غاندي، يقدم لنا منظورًا حول الأسس التي ينبغي أن تبنى عليها مجتمعاتنا. في عالم يسعى باستمرار للتقدم والنمو، يمكن أن نغفل أحيانًا عن أولئك الذين قد يواجهون تحديات خاصة – ذوي الإعاقة. ومع ذلك، فإن الطريقة التي نتعامل بها مع هذه التحديات والفرص التي نقدمها لهؤلاء الأفراد تكشف حقًا عن طبيعتنا كمجتمع. في سلطنة عمان، يتم النظر في هذه التحديات بعمق، ولكن هل نحن حقًا على الطريق الصحيح؟
سلطنة عمان، المعروفة بثرائها التاريخي وتقاليدها العريقة، لها رؤية واضحة نحو تحقيق التنمية المستدامة وضمان حياة كريمة لجميع المواطنين. وفي هذا السياق، فإن الاهتمام بذوي الإعاقة يعتبر جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها الوطنية؛ فقد قامت السلطنة بإصدار مجموعة من التشريعات التي تضمن حقوق ذوي الإعاقة وتشجع على دمجهم في المجتمع. كما تم تأسيس مدارس خاصة لذوي الإعاقة وتوفير البرامج التعليمية المناسبة لاحتياجاتهم. وتم تنظيم العديد من الحملات التوعوية لزيادة الوعي بحقوق وقدرات ذوي الإعاقة.
بينما تبذل سلطنة عمان جهودًا كبيرة لدمج ودعم ذوي الإعاقة، لا يزال هناك تحديات تحتاج إلى مزيد من الجهد والتركيز.
أولا، تعد البنية التحتية عاملا أساسيا يسهم في جودة حياة الأفراد. ولكن، عندما يتعلق الأمر بذوي الإعاقة، فإن البنية التحتية الملائمة تأخذ أهمية خاصة في تسهيل حياتهم اليومية وضمان حقوقهم.
أحد التحديات التي قد يواجهها ذوو الإعاقة في سلطنة عمان هو قلة وسائل المواصلات المُجهزة لهم. فالباصات ووسائل النقل العامة لا تحتوي دائمًا على التجهيزات اللازمة لاستيعاب الكراسي المتحركة أو الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية.
إضافة إلى ذلك، ورغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك مرافق عامة ومبانٍ حكومية لا تحتوي على مداخل مناسبة لذوي الإعاقة أو مصاعد خاصة بهم.
كما أن الطرق والممرات والأماكن العامة ليست مجهزة بطريقة تضمن سهولة الوصول والتنقل لذوي الإعاقة، مثل وجود ممرات خاصة للكراسي المتحركة أو إشارات صوتية لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.
إن التركيز على تطوير وتحسين البنية التحتية بما يتوافق مع احتياجات ذوي الإعاقة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل يُسهم أيضًا في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المساواة والعدالة في المجتمع.
ثانيا، تلعب التوعية المجتمعية والثقافة السائدة دورًا حيويًا في تشكيل تجربة ذوي الإعاقة وتفاعلهم مع المجتمع الذي يعيشون فيه. وبالرغم من التقدم المحرز، فإن التصورات السلبية والأحكام المسبقة لا تزال تشكل تحديًا لذوي الإعاقة في معظم المجتمعات، بما في ذلك سلطنة عمان.
قد ينظر بعض أفراد المجتمع إلى ذوي الإعاقة على أنهم أشخاص غير قادرين على العمل أو المشاركة بشكل فعال في المجتمع، مما يعيق فرصهم ويحد من تقديرهم. في الواقع يفتقر الجيل الجديد من الشباب إلى التعليم اللازم حول القضايا المتعلقة بالإعاقة، مما يؤدي إلى عدم الوعي وتكرار الأحكام المسبقة. ونتيجة لذلك، فإن الاندماج الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة المجتمعية قد يكون محدودًا بسبب النظرات المسبقة أو نقص الوعي، مما يجعل من الصعب لذوي الإعاقة بناء علاقات اجتماعية قوية.
إذا أرادت سلطنة عمان أو أي مجتمع آخر تحقيق تكامل حقيقي لذوي الإعاقة، فإن العمل على تغيير التصورات المجتمعية وزيادة التوعية الجماعية يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الوطنية.
ختاما، يقف الإنسان بجانب الإنسان، متساويين في الحقوق والفرص، بغض النظر عن الظروف التي وُلِدوا فيها. لنتذكر دائمًا أن مقياس حضارتنا ليس فقط فيما نبنيه من أبراج ومدن، ولكن أكثر من ذلك، في كيفية تعاملنا مع أولئك الذين يحتاجون إلى يد ممدودة، وتوجيه، وفهم. فلتكن قصصهم وتجاربهم دعوة لنا جميعًا للتفكير، والتأمل، والعمل من أجل مستقبل أكثر شمولية وعدالة.
*حمد الصالحي
المسار