مصر تُدرج لغة الإشارة لأول مرة في المراحل التعليمية المختلفة

0 9

سنابل الأمل/ متابعه

تعتزم مصر تدريس لغة الإشارة في عموم المدارس لأول مرة في تاريخها، بناء على توصية من البرلمان بأن يتم تعميم دراسة لغة الصم والبكم لجميع الطلاب، في مراحل التعليم قبل الجامعي لإدماجهم في المجتمع، ويتم تطبيق ذلك خلال عامين.

وتقرر أن يكون تدريس لغة الإشارة في صورة كتيبات صغيرة توضح للطلاب الأصحاء والمعلمين كيفية التعامل مع الصم وضعاف السمع لتسهيل التواصل معهم.

وأعلن وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي أخيرا مراجعة مناهج أصحاب القدرات الخاصة وتطويرها وتطويعها لخدمتهم، بما يتناغم مع مبادرة رفقاء “قادرون باختلاف” التي يرعاها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

تضمنت توصيات وردت إلى وزارة التعليم من متخصصين في ملف ذوي الهمم أو ذوي الاحتياجات الخاصة ضرورة إدراج لغة الإشارة في المدارس، والعمل على دمج الصم وضعاف السمع من خلال برامج تدريس تشمل الأصحاء.

وقال رئيس الإدارة المركزية للمناهج بوزارة التعليم أكرم حسن لـ”العرب” إن تدريس لغة الإشارة في المدارس سوف يشمل كل الصفوف الدراسية دون اقتصارها على فئة طلابية بعينها، واصفا ذلك بـ”الحق الإنساني” للصم.

وأضاف أن الاهتمام بتدريس لغة الإشارة في المؤسسات التعليمية للأصحاء يعزز عملية الدمج ويسهل التواصل مع هذه الفئة ويزيل الحواجز مع أقرانهم.

وتوجد في مصر مدارس تستقبل طلاب الصم وضعاف السمع، يدرسون مناهج بطريقة خاصة من خلال لغة الإشارة، لكن لا تزال قواميس اللغة في هذه المدارس تقليدية ولا توفر سبل التعايش اليومي لهم.

ويعاني عدد كبير من الأصحاء في مصر صعوبات بالغة في التواصل مع الفئة التي تتعامل بلغة الإشارة جرّاء إهمال المؤسسات التعليمية لتلك اللغة، وأصبح من يريد التمكن فيها عليه أن يلجأ إلى المراكز المتخصصة في ترجمة وتعليم الإشارة.

وأوضح حسن أن تدريس لغة الإشارة في المدارس سوف يكون بشكل مبسط وسهل دون تعقيد، فالمهم إزالة الحواجز بين الأصحاء والصم وضعاف السمع عبر تعليم الإشارات والمصطلحات التي يتم التعامل بها في الحياة اليومية.

وتصطدم الفكرة بتحديات بالغة التعقيد، منها غياب المعلمين المؤهلين لتدريس لغة الإشارة، وارتفاع عدد المدارس في مصر إلى 60 ألف مدرسة، تحتضن 26 مليون طالب، أي أن الأزمة ليست في إقرار المناهج فقط.وتضمن المقترح البرلماني الذي وافقت عليه وزارة التعليم بشأن تدريس لغة الإشارة تدريب معلم من كل فصل على مستوى المدارس لتولي مهمة تدريس الإشارات والمصطلحات لطلاب الفصل المعني به.

ومن المقرر أن تتضمن تلك الإشارات التعليمية آلية التواصل مع الصم والبكم وقراءة مشاعرهم وفهم التعبير عن حاجاتهم المختلفة وكيفية التقارب معهم فكريا وسبل إدراك إحساسهم بالخوف والسعادة والحزن.

ويرى مؤيدون للخطوة، وأغلبهم من أرباب الأسر الذين لديهم أبناء من المصابين بالصمم، أن تعليم لغة الإشارة للملايين من الطلاب يسهل نشرها مجتمعيا، ويُشعر صاحب الإعاقة أنه ليس وحيدا أو معزولا والجميع يفهمه.ولن تكون لغة الإشارة في المدارس مادة أساسية لها تقييم وامتحانات تقليدية، لكنها توعوية وثقافية في المقام الأول، على أن يتم التوسع في تدريسها تدريجيا، وضم الإشارات والرموز والمصطلحات حسب كل مرحلة عمرية.

ووفق المخطط لن يكون تدريس لغة الإشارة قاصرا على حركة اليدين، بل سيمتد إلى التعريف بتعابير الوجه وحركة الشفاه وحركة الجسد والحروف الأبجدية عند الصم وضعاف السمع وإلى ماذا ترمز وتعبر كبديل عن النطق.

وسوف يكون ضمن المنهج وعلى مراحل متفاوتة، التواصل الشفهي مع الصم وضعاف السمع، واستخدام الإشارات اليدوية والتلميح، والتهجئة بالأصابع، ونبرة الصوت، والاستعانة بخبراء في لغة الإشارة لتدريب المعلمين.

ويحظى ذوو الهمم أو “القادرون باختلاف” كما يطلق عليهم في مصر الآن بدعم رئاسي وحكومي كبير، ويداوم الرئيس السيسي على حضور الاحتفالات والفعاليات الخاصة بهم، وإصدار قرارات كثيرة لدمجهم في كثير من المناسبات، وتخصيص برامج تتناول مشاكلهم وهمومهم، والتوسع في الأعمال الدرامية التي تتطرق إليهم.

وتساهم وزارة التضامن الاجتماعي في توفير مترجمي لغة الإشارة بالجامعات، وتتحمل تكلفة المترجمين للطلاب منذ التحاق الصم وضعاف السمع حتى تخرجهم، لتسهيل التواصل مع أقرانهم واستيعاب المحتوى الدراسي.

وأطلقت وزارة الأوقاف مؤخرا أول صفحة دينية بلغة الإشارة لتقوم ببث ترجمة خطبة الجمعة وبعض الفيديوهات التثقيفية من خلال لغة الإشارة، وتتلقى استفساراتهم وتجيب عليها بالإشارات الخاصة بهم.

ويؤكد متخصصون في احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة أن أيّ تحرك حكومي لدمج الصم وضعاف السمع في المجتمع يجب أن يبدأ من المؤسسات التعليمية، لكن لا يجب التعاطي مع تدريس لغة الإشارة كأنه حل لكل مشكلات هذه الفئة، لأن ذلك ينطوي على توظيف سياسي لظروف هذه الفئة.

ويعتقد هؤلاء المتخصصون أن احتياجات ذوي الهمم مرتبطة بتحسين مستواهم المعيشي والاجتماعي، وإتاحة فرص التوظيف أمامهم دون أن تؤثر اللغة على تمكينهم وظيفيا واقتصاديا، وهذا دور الحكومة قبل المجتمع.

ونادرا ما ينجح الصم وضعاف السمع في الوصول إلى وظيفة حكومية أو حتى في القطاع الخاص، ما يضاعف من معاناتهم وعزلتهم، ويفرض القيام بالمزيد من الجهود لتكريس دمجهم عبر نشر لغتهم ورفع الضغوط النفسية عنهم بالتمكين الكلّي.

المصدر_أحمد حافظ_العرب

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق