التوحد الافتراضي واستخدام الأطفال المفرط للشاشات
سنابل الأمل/ متابعات
أعرب أخصائيون في الإمارات عن مخاوفهم بشأن تأثير التعرض المفرط للتكنولوجيا الرقمية على نمو الأطفال.
مع قضاء الأطفال أوقات طويلة أمام الشاشات أكثر من أي وقت مضى، ظهر مصطلح جديد مثير للجدل يعرف بـ”التوحد الافتراضي”. يسعى المتخصصون الطبيون إلى تحديد ما إذا كان التعرض المفرط للشاشات يمكن أن يتسبب في ظهور أعراض مشابهة للتوحد لدى الأطفال الصغار.
وأعرب أخصائيون في الإمارات عن مخاوفهم بشأن التأثيرات السلبية المحتملة للإفراط في استخدام الأجهزة الرقمية على نمو الأطفال.
وعرّفت “بشرى خان”، المعالجة النفسية الشاملة لدى “ويلث”، التوحد الافتراضي بأنه “مصطلح يستخدمه بعض الخبراء لوصف سلوكيات تشبه التوحد تتطور لدى الأطفال الصغار الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات مثل الأجهزة اللوحية والهواتف أو التلفاز، خاصة خلال سنواتهم المبكرة الحرجة”. وأوضحت أنه على عكس التوحد التقليدي، الذي يُعتقد أنه جيني وتطوري عصبي، يرتبط التوحد الافتراضي بعوامل بيئية، خاصة نقص التفاعل مع العالم الحقيقي.
وقال الدكتور “ألكسندر ماشادو”، أخصائي علم النفس العصبي السريري في عيادة “ميدكير كامالي”، إن المصطلح يشير إلى تأثير الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الرقمية على سلوك الأطفال ونموهم.
ورغم أن الأبحاث تشير إلى وجود علاقة بين الاستخدام المكثف للشاشات والسلوكيات المشابهة للتوحد، حذرت “خان” من أن “العلاقة لا تعني بالضرورة أن أحدهما يتسبب في الآخر”.
الدكتور الكسندر ماشادو
وتشمل هذه السلوكيات، مثل تأخر الكلام وضعف التواصل البصري، أعراضاً قد تشبه التوحد، لكنها لا تشير دائماً إلى اضطراب طيف التوحد.
وأكد “ماشادو” هذا قائلاً: “لا توجد حتى الآن أدلة علمية قاطعة تثبت وجود صلة مباشرة بين وقت الشاشة المفرط وتطور أعراض مشابهة للتوحد لدى الأطفال”.
ولا يزال النقاش مستمراً حول ما إذا كان وقت الشاشة يمكن أن يسبب مثل هذه الأعراض، حيث يدعو خبراء مثل “ماشادو” إلى إجراء المزيد من الأبحاث.
من هم الأكثر عرضة للخطر؟
وأكدت “بشرى خان” أن الأطفال دون سن الثالثة هم الأكثر عرضة للإصابة بأعراض التوحد الافتراضي. وأوضحت: “هذه الفترة حاسمة لنمو الدماغ وتعلم المهارات الاجتماعية واللغوية. إن الإفراط في استخدام الشاشات يمكن أن يتداخل مع تطور هذه المهارات الأساسية”.
بشرى خان
ومن ناحية أخرى، أشار “ماشادو” إلى أن الأطفال في سن ما قبل المدرسة وفي سن المدرسة هم الأكثر عرضة للخطر. وقال: “يمكن أن يؤدي التعرض المتزايد للتكنولوجيا الرقمية لدى هذه الفئات إلى صعوبات في الانتباه والذاكرة والمهارات الاجتماعية.”
وبحسب خان، فإن الإفراط في استخدام الشاشات قد “يؤثر على نمو الدماغ من خلال التأثير على المناطق المسؤولة عن الانتباه واللغة والمهارات الاجتماعية”. وقد يعاني الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات من تأخر في الكلام وقلة فترات الانتباه وصعوبة في التفاعلات الاجتماعية في العالم الحقيقي.
وأضاف “ماشادو” أن الأنشطة البدنية، مثل فنون الدفاع عن النفس، يمكن أن تساعد في التخفيف من هذه الآثار. وقال: “الجيو جيتسو… يوفر شكلاً من أشكال التمارين البدنية التي تعزز الصحة والرفاهية… و يساهم بشكل إيجابي في النمو العام للطفل”.
يعد تنويع أنشطة الطفل أمراً أساسياً لتحقيق التوازن بين وقت الشاشة وتعزيز النمو المعرفي والاجتماعي.
أعراض يجب مراقبتها
ينبغي على الأهل مراقبة علامات التوحد الافتراضي المحتملة. سلطت خان الضوء على العلامات المبكرة مثل “التواصل البصري المحدود، تأخر الكلام، عدم الاهتمام بالتفاعل مع الآخرين، السلوكيات المتكررة، التعلق القوي بالشاشات، والانهيارات العصبية عند مطالبة الطفل بالتوقف عن استخدام الشاشات”. ومع ذلك، على عكس التوحد التقليدي، غالباً ما تتحسن هذه السلوكيات عند تقليل وقت الشاشة.
ونصح “ماشادو” الآباء بمراقبة علامات مثل “صعوبات التواصل والعزلة والتهيج والسلوكيات المتكررة”. وشدد الخبيران على أهمية استشارة أخصائي الرعاية الصحية لإجراء تقييم مفصل في حالة ظهور أي مخاوف.
الخبر السار هو أن آثار التوحد الافتراضي يمكن الحد منها في كثير من الأحيان. قالت “خان” أن “الحد بشكل كبير من وقت الشاشة، وخاصة بالنسبة للأطفال دون سن 3 سنوات، يمكن أن يؤدي إلى تحسنات كبيرة”. كما أوصت بتشجيع التفاعلات المباشرة وجهاً لوجه، والقراءة، واللعب الحسي لتعزيز التحسن.
كما أوصى “ماشادو” بتحديد حدود زمنية واضحة لاستخدام الشاشات وتشجيع الأنشطة الخارجية للحد من تأثير التوحد الافتراضي. كما يمكن أن تكون العلاجات المتخصصة، وخاصة تلك التي تركز على مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية، مفيدة أيضاً.
من المهم ملاحظة أن التوحد الافتراضي ليس تشخيصاً مقبولاً على نطاق واسع. وأوضحت “خان” أن “المفهوم لا يزال موضع نقاش بين الخبراء، حيث يتوخى العديد منهم الحذر في الإشارة إلى وجود علاقة مباشرة بين وقت الشاشة والتوحد”. وأضاف “ماشادو” أنّ “مصطلح “التوحد الافتراضي” ليس مقبولاً على نطاق واسع في المجتمع العلمي ولا يزال موضوعاً مثيراً للجدل
خليج تايمز