عيد الأضحى 1446هـ : بهجةٌ لكل القلوب… نحو دمجٍ شاملٍ لأطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة
سنابل الأمل/خاص

مع إشراقة فجر عيد الأضحى المبارك لعام 1446 هجرية، تزدان بيوتنا وشوارعنا بأجواء البهجة والسرور. إنه عيدٌ يحمل في طياته أسمى معاني التضحية والعطاء، يدعونا إلى تعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية ومد جسور التواصل. في خضم هذه الاحتفالات، تتجه أنظارنا نحو فئةٍ غاليةٍ من مجتمعنا، تتلألأ قلوبهم بالأمل والبراءة، وتنتظر منا لمسةً خاصةً من التقدير والتفهم لتكتمل فرحتهم: أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصًا أطفال متلازمة داون واضطراب طيف التوحد.
إن العيد، بما يحمله من طقوسٍ وزياراتٍ وأنشطةٍ، يشكل فرصةً فريدةً لتعزيز دمج هؤلاء الأطفال في مجتمعاتهم، وتنمية مهاراتهم الاجتماعية، وغرس شعورهم بالانتماء. فكيف يمكننا أن نجعل من هذا العيد مناسبةً شاملةً تضيء حياة كل طفل، بغض النظر عن قدراته؟
الاحتفال الشامل… مبدأٌ لا استثناء
العيد كفرصة للاندماج الاجتماعي: بالنسبة لكل طفل، العيد هو موعدٌ سنويٌّ ينتظره بفارغ الصبر؛ لارتداء الملابس الجديدة، وتلقي “العيدية”، والمشاركة في الألعاب والزيارات العائلية. هذا الشغف لا يختلف عليه أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة. بل قد تكون هذه المناسبات ذات أهمية مضاعفة لهم، فهي تُعد بمنزلة اختبار حقيقي لقدرة المجتمع على احتضانهم، وتتيح لهم فرصًا قيمة للتفاعل المباشر مع أفراد الأسرة والمجتمع على نطاق أوسع.
كسر الحواجز وتغيير المفاهيم: لتكون فرحة العيد شاملةً، يجب أن نبدأ بتغيير النظرة المجتمعية لذوي الاحتياجات الخاصة. هم ليسوا مجرد متلقين للعطف أو الشفقة، بل هم أفراد قادرون على العطاء والمشاركة والاستمتاع بالحياة بكل تفاصيلها. يتطلب ذلك وعيًا من الجميع بأن دمجهم ليس خيارًا، بل هو حقٌّ أساسيٌّ لهم وواجبٌ علينا جميعًا. إن المشاركة في الأعياد تكسر روتينهم اليومي، وتعرّضهم لمواقف اجتماعية جديدة، مما يساهم في بناء ثقتهم بأنفسهم وتنمية مهاراتهم الحياتية.
أهمية التخطيط المسبق: لضمان أن تكون تجربة العيد إيجابية ومُثريةلهؤلاء الأطفال، يُعد التخطيط المسبق أمرًا حيويًا. يشمل ذلك تهيئة الطفل نفسيًا للأنشطة المختلفة، ووضع خطة مرنة للزيارات والأنشطة، وتحديد الأوقات التي قد يحتاج فيها الطفل إلى الهدوء أو الراحة. هذا التخطيط لا يقلل من بهجة العيد، بل يضمن أن يتمكن الطفل من الاستمتاع به دون التعرض لمواقف تسبب له التوتر أو الإرهاق.
تعزيز البهجة في قلوب أطفال متلازمة داون
أطفال متلازمة داون: براءةٌ تضيء العيد: يُعرف أطفال متلازمة داون بقدرتهم الفريدة على بث البهجة في محيطهم. بابتسامتهم الصافية، ونقائهم الفطري، وحبهم للحياة، يضيفون نكهةً خاصةً لأي تجمعٍ عائلي. في العيد، تتجلى هذه البهجة بوضوح. فكيف يمكننا أن نُعزز من فرحتهم ومشاركتهم في هذه المناسبة المباركة؟
1. المشاركة الفعالة في طقوس العيد:
2. الأنشطة الترفيهية المخصصة:
3. بيئة داعمة ومُشجعة:
تهيئة عالم أطفال التوحد لاحتضان فرحة العيد
أطفال اضطراب طيف التوحد: تفهمٌ عميق لبيئة داعمة: يمتلك أطفال اضطراب طيف التوحد عالمهم الخاص الذي يتطلب تفهمًا عميقًا لحساسياتهم وتفضيلاتهم. قد تكون أجواء العيد الصاخبة، والتغيرات المفاجئة في الروتين، والتجمعات الكبيرة مصدرًا للتوتر بالنسبة لهم. لذا، فإن تهيئة بيئة آمنة وداعمة أمرٌ بالغ الأهمية لتمكينهم من الاستمتاع بالعيد.
1. التخطيط المرئي والتهيئة المسبقة:
2. توفير بيئة حسية مُريحة:
3. إشراكهم بطرق تناسبهم:
4. دور الأقارب والأصدقاء:
دور المجتمع والمؤسسات: عيدٌ بلا حواجز… مسؤولية مشتركة
مسؤولية مجتمعية شاملة: لا تقتصر مسؤولية احتفال أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة بالعيد على الأسر وحدها. بل هي مسؤولية مجتمعية شاملة تتطلب تكاتف الجهود من قبل الأفراد، والمؤسسات الحكومية، والجمعيات الخيرية، والمراكز المتخصصة. الهدف هو بناء بيئة داعمة تضمن لهم حقهم في الفرح والاندماج.
1. دور المؤسسات الحكومية والجهات المعنية:
2. دور الجمعيات الخيرية والمراكز المتخصصة:
3. دور الإعلام والمجتمع المدني:
عيدٌ يشرقُ أملًا… في كل قلب
إن عيد الأضحى المبارك، بكل ما يحمله من قيم العطاء والتكافل، هو دعوةٌ لنا جميعًا لنمد أيدينا بالحب والاهتمام لأطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة. إنهم جزءٌ لا يتجزأ من نسيج مجتمعنا، وقدرتهم على الفرح والاستمتاع بالحياة هي حقٌّ أصيلٌ لهم. عندما نُشاركهم فرحة العيد، ونُهيئ لهم البيئة المناسبة، ونُعزز من اندماجهم، فإننا لا نمنحهم البهجة فحسب، بل نبني مجتمعًا أكثر إنسانية وتراحمًا وتفهمًا.
فلنجعل من عيد الأضحى 1446 هـ مناسبةً لإشراق البهجة في كل قلب، ولنتعهد بأن تكون احتفالاتنا شاملةً للجميع، بلا حواجز أو استثناءات، لتتفتح أزهار الفرح في كل نفسٍ، وليشرق الأمل في عيون كل طفل.
عيد أضحى مبارك وكل عام وأنتم بخير.
* خبير واستشاري في التربية الخاصة ومدير مركز معا للتربية الخاصة