مدبولي يسرد أسرار الرحلات الناجحة مع أطفال التوحد خطوة بخطوة

0 0

سنابل الأمل / متابعات

أكد خبير واستشاري التربية الخاصة ومدير مركز «معاً» للتربية الخاصة أسامة مدبولي أن السفر مع طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد هو في الواقع رحلة معقدة ومتعددة الأوجه، ويمثل تحدياً مباشراً للروتين المألوف، ويواجه الحساسيات الحسية، ويختبر مهارات التواصل، ويستدعي أقصى درجات الصبر والمرونة من الوالدين. ومع ذلك، فإن كل لحظة من هذه الرحلة، سواء كانت ناجحة أو مليئة بالعقبات، تساهم في صقل مهارات الطفل في التكيف، وتعزز قدرته على فهم العالم من حوله، وتُثري قاموسه الحسي والتواصلي.

 

وقال مدبولي إنه بالتخطيط الدقيق، والتواصل الفعّال مع الطفل ومحيطه، واستخدام الأدوات والاستراتيجيات المناسبة، يمكن تحويل ما يبدو مستحيلاً إلى ممكن. إنها فرصة فريدة لتقوية الروابط الأسرية، واكتشاف جوانب جديدة في شخصية الطفل وقدراته، والمساهمة في زيادة الوعي المجتمعي باحتياجات ذوي التوحد، خصوصاً أن السفر ليس مجرد وسيلة للانتقال من مكان إلى آخر، بل هو تجربة تعليمية شاملة، تفتح آفاقاً جديدة، وتبني ذكريات لا تُنسى، وتؤكد أن العالم مكان يمكن لكل فرد، بغض النظر عن قدراته، أن يستكشفه ويستمتع به. إنها رسالة أمل وتفاؤل، تؤكد أن الحياة مليئة بالفرص، وأن السفر جزء لا يتجزأ من هذه الحياة يمكن للجميع الاستفادة منه والاستمتاع بجماله.

 

وبيّن مدبولي أن سر الرحلة الناجحة يكمن في التخطيط المسبق بحب وذكاء، حيث إن التخطيط المسبق هو أساس الرحلة الناجحة مع طفل التوحد؛ فكلما كان تخطيطنا دقيقاً ومفصلاً، قل التوتر على الطفل وعلينا نحن كوالدين.

 

وأوضح أن هناك عدة نقاط يجب الاهتمام بها، وهي:1- اختيار وجهتنا الساحرة: دعونا نبحث عن الوجهات التي تهتم بأطفال التوحد، بعض المدن والفنادق أصبحت واعية باحتياجاتهم، وتقدم تسهيلات خاصة، مثل غرف حسية هادئة، أو مناطق للعب الهادئ، أو حتى برامج ترفيهية تناسبهم. لنفكر في مدى حساسية طفلنا للأصوات والأضواء؛ قد تكون الأماكن الهادئة والطبيعية، كالجبال أو القرى الساحلية، أفضل من المدن الصاخبة، ولا ننسى أن نتأكد من وجود مستشفيات أو عيادات قريبة من وجهتنا في حالة الطوارئ، ونحتفظ بأرقام هواتفها.

 

2- تهيئة طفلنا نفسياً: مفاجآت ممتعة، لا مخاوف! القصص الاجتماعية المصورة هي كنز لا يُقدّر بثمن؛ يمكننا صنع قصة مفصلة تشرح كل خطوة في الرحلة: المطار، الطائرة، الفندق، الأماكن الجديدة التي سنزورها. لنستخدم صوراً حقيقية أو رسومات جذابة. يمكننا أيضاً مشاهدة مقاطع فيديو وصور للمطار والطائرة والفندق والأماكن التي سنزورها معاً؛ فهذا يساعد طفلنا على فهم ما سيحدث ويتوقعه. وحتى لعب الأدوار في المنزل، كتمثيل «التفتيش الأمني» أو «الجلوس في الطائرة»، سيساعده على التعود على الأفكار الجديدة. ويمكن لتقويم بصري للعد التنازلي أن يساعد طفلنا على معرفة كم تبقى من الوقت حتى موعد السفر، مما يقلل من قلقه.

 

3- تجهيزاتنا السحرية في حقيبة اليد: تأكدوا من أن لدينا كمية كافية من جميع الأدوية الضرورية، مع الاحتفاظ بالوصفات الطبية في حقيبة اليد. لا غنى عن الأدوات الحسية المهدئة: سماعات إلغاء الضوضاء لتقليل الأصوات العالية، ألعاب حسية تساعد على التركيز والهدوء، وبطانية أو وسادة مفضلة ليشعر بالأمان والراحة. احضروا كمية كافية من الوجبات الخفيفة والمشروبات المفضلة لطفلنا، خاصة إذا كان لديه حساسيات معينة. جهّزوا صندوقاً صغيراً مليئاً بالأنشطة المحببة له: ألعاب صغيرة، كتب تلوين، ألغاز، أو جهاز لوحي محمّل بأفلام أو ألعاب لترفيه الطفل أثناء الانتظار. واختاروا ملابس فضفاضة ومريحة لا تسبب له أي إزعاج، مع ملابس احتياطية في حقيبة اليد لأي مفاجآت.

 

استثمار السفر.. فوائد تتجاوز مجرد المتعة

 

وقال إن السفر مع طفل التوحد هو أكثر من مجرد إجازة؛ إنه استثمار حقيقي في نموه وتطوره، ويعزز الروابط الأسرية بشكل لا يُصدَّق، حيث يحمل فوائد منها:1- طفلنا يصبح أكثر مرونة وقدرة على التكيف: كل تحدٍّ يتغلب عليه طفلنا، وكل موقف جديد يتعامل معه بنجاح، يساهم في بناء مرونته وقدرته على التكيف مع التغيير في المستقبل. هذه مهارة حياتية لا تُقدَّر بثمن! السفر يكسر الروتين بطريقة قد تكون مفيدة، حيث يعرض الطفل لمواقف لا يواجهها في حياته اليومية، مما يشجعه على تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع المجهول.

 

2- مهاراته الاجتماعية تتوهّج! التعرض لأشخاص جدد وبيئات مختلفة يمكن أن يوفر فرصاً طبيعية لتنمية المهارات الاجتماعية. قد يضطر الطفل إلى استخدام إيماءات أو كلمات جديدة للتعبير عن احتياجاته، ويمكننا كوالدين استغلال هذه الفرص لتعليم الطفل كيفية طلب المساعدة، أو كيفية التعبير عن مشاعره في سياقات مختلفة.

 

3- ذكريات عائلية لا تُنسى: كنز حقيقي! التجارب المشتركة، سواء كانت ممتعة أو مليئة بالتحديات، تخلق ذكريات قوية ومترابطة للعائلة بأكملها. هذه الذكريات تشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ العائلة وقصتها. الاحتفال بالنجاحات الصغيرة أثناء السفر، كقدرة الطفل على الجلوس بهدوء في مطعم جديد، أو استمتاعه بزيارة مكان لم يكن متوقعاً، يعزز الروابط الأسرية الإيجابية.

 

الوطن

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق