المساحات الخضراء تعزز نمو الدماغ لدى الأطفال
سنابل الأمل / متابعات
كشفت دراسة علمية حديثة أن العيش بالقرب من المساحات الخضراء يقلل بشكل ملحوظ من خطر الإصابة باضطرابات النمو العصبي مثل التوحد واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى الأطفال حتى قبل ولادتهم.
وأشارت النتائج إلى أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات محاطة بالطبيعة، أو كانت أمهاتهم يعشن قرب المساحات الخضراء خلال الحمل أو قبله، أظهروا معدلات أقل للإصابة بمشكلات في النمو العصبي، نشرت هذه النتائج في عدد أغسطس من مجلة Environment International، وتدعم دعوات متزايدة لتوسيع المساحات الطبيعية في المدن بهدف دعم الصحة العقلية للأطفال منذ مراحل مبكرة.
آليات محتملة وراء تأثير الطبيعة على الدماغ
ورغم أن الآليات الدقيقة التي تفسر تأثير المساحات الخضراء على نمو الدماغ لا تزال غير مفهومة بالكامل، فإن الباحثين يرجحون أن لهذه البيئات الطبيعية عدة فوائد محتملة، تشمل تقليل التوتر والاكتئاب لدى الأمهات، وزيادة فرص التفاعل الاجتماعي، إضافة إلى خفض التعرض للضوضاء والحرارة المفرطة، إن كل هذه العوامل قد تساهم في دعم نمو الدماغ لدى الأطفال خلال الفترات الحرجة من التكوين العصبي.
وقد قادت الدراسة الدكتورة ستيفانيا باباثيودورو، الأستاذة المشاركة في كلية الصحة العامة بجامعة روتجرز، وأكدت على أن تعزيز الوصول إلى المساحات الخضراء في البيئات الحضرية قد يكون وسيلة فعالة لحماية الأجيال الناشئة من التأخر النمائي العصبي.
واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات لأكثر من 1.8 مليون ثنائي من الأمهات والأطفال المسجلين في برنامج ميديكيد من عدة ولايات أمريكية، واستخدمت صور الأقمار الصناعية والرموز البريدية لتحديد مدى قرب المشاركين من المساحات الخضراء.
وأظهرت النتائج أن أطفال الأمهات اللواتي عشن قرب الطبيعة سجلوا انخفاضا بنسبة ٣٤٪ في خطر الإعاقات الإدراكية، و١٧٪ في خطر التوحد، أما الأطفال الذين عاشوا هم أنفسهم بعد الولادة في مناطق خضراء، فقد انخفض لديهم خطر صعوبات التعلم بنسبة ١٩٪.
وبينت الدراسة أن التأثير الوقائي كان أقوى لدى الأطفال في المناطق الحضرية، وخصوصا بين العائلات من أصول إفريقية أو لاتينية، ما يعكس أهمية العدالة البيئية في توزيع الموارد الطبيعية.
أنواع المساحات الخضراء وتأثيرها على نمو الدماغ
ورغم أهمية النتائج يشدد الباحثون على أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة بين المساحات الخضراء وصحة الدماغ، بل تشير إلى ارتباط يستدعي مزيدا من الاستكشاف، فهناك عدة عوامل أخرى قد تلعب دورا في تقليل خطر اضطرابات النمو، مثل الخلفية الاجتماعية والدخل والتغذية.
وتخطط الفرق البحثية لمواصلة الدراسة بهدف تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من المساحات الخضراء كالمتنزهات أو المسارات أو الملاعب تملك تأثيرات مختلفة على نمو الدماغ، إن هذه الأبحاث المستقبلية قد تساهم في توجيه السياسات الحضرية نحو تطوير بيئات داعمة لصحة الطفولة العقلية من خلال تصميمات مستدامة وأكثر شمولا.