“التلاميذ في وضعية هشة بحاجة إلى مواكبة نفسية مستمرة ومتخصصة أكثر
سنابل الأمل / متابعات
في ظل الحديث المتزايد عن مبادرات وزارة التربية الوطنية الرامية إلى تقليص الفوارق التعليمية وتعزيز مهارات التلاميذ، اقرت الوزارة برنامج “المدارس الصيفية” كإحدى أبرز التدخلات التي تستهدف فئة الأطفال في وضعية هشّة، عبر تقديم أنشطة دعم تربوي وفني وترفيهي خلال العطلة الصيفية. غير أن هذه المبادرة، ورغم ما تحمله من نوايا إيجابية، تثير تساؤلات جوهرية حول عمق استجابتها للحاجات الحقيقية لهذه الفئة.
فهل هؤلاء التلاميذ في أمسّ الحاجة إلى حصص دعم صيفية، أم إلى تدخلات اجتماعية ونفسية أكثر عمقًا، تلامس جذور أزمتهم التعليمية؟ وما جدوى تقنيات الدعم التربوي التقليدية في غياب مواكبة نفسية فردية للتلاميذ المتأثرين بالتكرار أو الإقصاء المدرسي؟
و هل تُدمج هذه الأنشطة حقًا في إطار تمكين التلميذ نفسيًا وإعادة بناء ثقته بذاته، أم أنها مجرد عنصر شكلي لضمان تسجيله في الموسم الدراسي المقبل؟ ثم كيف يمكن تقييم الجمع بين الأنشطة الفنية والترفيهية ودروس الدعم، وهل يخلق هذا المزج توازنًا داخليًا مستدامًا للتلميذ، أم يوفر فقط حالة مؤقتة من الترويح الذهني؟
الدعم النفسي… شرط للنجاح لا خيار إضافي
في هذا السياق، يؤكد يونس حكم مدرب معتمد في صعوبات التعلم أن “الدعم النفسي له شروطه وأُسسه وسياقاته حسب الحالة ونوعها، بغرض تحديد نوع التدخل“، موضحًا أننا أمام متعلمين متعثرين لسبب من الأسباب، وهم في جميع الأحوال سيعانون من تبعات هذا التعثر أمام أقرانهم. ولهذا، فإن التدخل التربوي يجب أن ينصب على ضمان الأمن النفسي للتلميذ، وإقناعه بأن التعثر ليس مشكلة، بل محطة يمكن تجاوزها، مع تقديم أمثلة حية على ذلك.
لكن، وفق المتحدث، يبقى هذا غير كاف، “لأنه من المحتمل أن يكون التعثر نتيجة لسبب نفسي آخر قادم من الوسط الأسري أو من أحداث حصلت في الماضي والطفولة، وعليه لا بد من المواكبة طوال السنة الدراسية، وتحليل الحالة وفق بيانات معينة، وإخضاع المتعلم لجلسات نفسية علاجية روتينية“.
و من جهة أخرى، يعتمد التأطير في جزء منه على جمعيات مدنية ومتطوعين. ورغم ما يتيحه هذا الانفتاح من موارد بشرية إضافية، إلا أن غياب التكوين المتخصص في الدعم النفسي المدرسي لدى بعض المؤطرين قد يحد من فعالية التفاعل مع التلاميذ، خاصة في الحالات الحساسة.
في هذا الصدد يرى المتحدث يونس حكم أن الأمر “بالغ الأهمية والحساسية، إذ من الصعب جدًا تسليم المتعلمين لغير أهل الاختصاص، وخصوصًا في مجال الدعم النفسي الناتج عن التعثر الدراسي، لأن النتائج قد تكون عكسية”. ويشدد على ضرورة انتقاء المؤطرين ممن لديهم دراية بأسس التواصل السليم، والقدرة على تحفيز المتعلم لإخراج ما لديه من إبداعات وابتكارات وأفكار،
و يوضح المتحدث أن الدعم الحالي “غير كافٍ“، مشيرًا إلى أن المتعلم يحتاج إلى مواكبة مستمرة، ويقظة دائمة، وتحليل للشخصية عبر اختبارات وبيانات أكاديمية، بهدف فهم الوضع النفسي عن قرب. ويرى أن التشخيص الدقيق يحدد نوع التدخل المناسب في الزمن والمكان المناسبين، مضيفًا: “إذا كانت المدرسة تلبي احتياجات المتعلم وتخدم مشاعره وعواطفه، فسيبادلها الحب والشغف، ويسخر كل طاقته لخدمتها”.
إن نجاح “المدارس الصيفية” لن يقاس فقط بعدد الأنشطة المنجزة أو نسب الحضور، بل بمدى قدرتها على إحداث تحول حقيقي في المسار النفسي والتعليمي للتلميذ الهش، بما يتجاوز حدود المبادرات الظرفية إلى استراتيجيات إدماج مستدامة.
إعلام