استحداث قسم متخصص للفحوصات الجينية والنسيجية

0 9

سنابل الامل / متابعات

كشف المركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني عن توجهاته المستقبلية في التوسع وتحقيق الاكتفاء بالاعتماد التام على التقنيات المخبرية التشخيصية والعلاجية، مشيرا إلى الكفاءة العالية في تعامله مع الأمراض الوراثية، وما حققه من نتائج وإنجازات مهمة خلال الفترة الماضية في التوسع بالخدمات المختلفة كتفعيل عيادة أمراض القلب ذات المسببات الوراثية وتنمية الخدمات التشخيصية والإرشاد الوراثي في الأمراض السرطانية والتوسع في تقنيات تحليل الجينوم الشامل عبر مختبر متطور وذي جودة عالية.

وأوضح المركز أن سلطنة عمان من الدول التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية، ولا تزال أمراض الدم الوراثية الأكثر شيوعا في المجتمع العماني، ومتلازمة داون أكثر أمراض الخلل الكروموسومي، مؤكدا أن نحو 10% من العائلات العمانية يوجد بها طفل مصاب بأحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى إعاقة، و37% من وفيات الأطفال حديثي الولادة والخدج ترجع إلى اضطرابات خلقية وراثية شديدة، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الست الماضية بلغ عدد مراجعي العيادات التخصصية الدقيقة بالمركز أكثر من 13 ألفا.

الأمراض الوراثية

وعن وضع الأمراض الوراثية ومدى تزايد حالات الكشف عنها بين الأطفال حديثي الولادة، قال الدكتور مسلم بن سعيد العريمي استشاري الطب الوراثي ورئيس قسم العيادات والإرشاد الوراثي بالمركز: إن سلطنة عمان تعد من الدول التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية بصفة عامة والأمراض الوراثية المتنحية بصفة خاصة، حيث تشكّل الأمراض الوراثية المتنحية في سلطنة عمان ما نسبته 75% من مجمل الأمراض الوراثية ذات الخلل الجيني الواحد، وأن نسبة احتمالية ولادة طفل واحد مصاب بأحد العيوب الخلقية أو بأي من الأمراض الوراثية في السلطنة تبلغ 7% بينما لا تتعدى النسبة العالمية 4.4%.

وأضاف: تظل أمراض الدم الوراثية هي الأكثر شيوعا في المجتمع العماني، وهي أمراض الأنيميا المنجلية والثلاسيميا أو ما يُعرف بأنيميا البحر الأبيض المتوسط ونقص الخميرة أو المرض الفولي، حيث إن احتمالية ولادة طفل مصاب بأحد أمراض الدم الوراثية الثلاثة تتراوح ما بين 3.5 إلى 4.7 لكل 1000 ولادة حية، لافتا إلى أن آخر الإحصائيات في هذا الشأن تشير إلى أن نسبة المصابين بالأنيميا المنجلية في سلطنة عمان بلغت 0.2% بينما نسبة حاملي جين المرض تبلغ 6%، أما بالنسبة لمرض البيتا الثلاسيميا فبلغت نسبة المصابين بهذا المرض 0.07%، أما حاملو جينات الإصابة بالمرض فيشكّلون 2% من العمانيين، أما بالنسبة للنوع الثاني من مرض الثلاسيميا وهو الألفا ثلاسيميا فإن 45% من العمانيين يحملون الطفرة الوراثية المسببة للمرض، وتعد الألفا ثلاسيميا الأخف والأقل تأثيرا من الناحية المرضية، ولعل أكثر أمراض الدم الوراثية شيوعا بين المصابين في المجتمع هو نقص الخميرة، حيث يحمل 28% من الذكور جين المرض بينما في الإناث تصل نسبتهن إلى 12%، بينما تشكّل أمراض الخلل الكروموسومي ما نسبته 28.3% وتعد متلازمة داون أحد أكثر أمراض الخلل الكروموسومي شيوعا في سلطنة عمان.

بيانات إحصائية

وكشف استشاري الطب الوراثي بأن البيانات الإحصائية تظهر أن 37% من وفيات الأطفال حديثي الولادة والخدج تسببها الاضطرابات الخلقية الوراثية الشديدة، بينما تشكّل الاضطرابات الخلقية الوراثية 10% من بين الأسباب المقيدة لوفيات الأطفال الرضع، و52% من أسباب الوفاة في الأطفال الأكبر من ذلك بسلطنة عمان.

كما تشير الإحصائيات إلى أن نحو 10% من العائلات العمانية يوجد بها طفل مصاب بأحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى الإعاقة (العقلية أو الحركية).

وبيَّن الدكتور العريمي أن عدد حالات متلازمة داون المشخصة بالمركز بلغ 670 حالة للفترة الزمنية 2015- 2021، بينما بلغ عدد حالات التليُّف الكيسي المشخّصة جينيًّا بالمركز 131 حالة، وقد تم قيد 39 حالة جديدة من حالات الأمراض السرطانية ذات المسببات الوراثية المشخصة جينيًّا للفترة ذاتها.

كما بلغ عدد مراجعي العيادات التخصصية الدقيقة بالمركز الوطني للصحة الوراثية 13042 مراجعا خلال الفترة 2016- 2022، حيث كان الغالبية من المراجعين لعيادة الطب الوراثي بـ7358 مراجعا، في حين زار عيادة الإرشاد الوراثي 2046 مراجعا، وفي عيادة أمراض الغدد الوراثية 130 مراجعا، وفي عيادة إرشاد ما قبل الغرس 257 مراجعا، وفي عيادة التقييم السلوكي 388 مراجعا، و162 مراجعا في عيادة التشخيص ما قبل الحمل.

تجارب وعلاجات

وحول وجود ارتباط بين ارتفاع الحالات المرضية وجائحة كوفيد، أكد الدكتور مسلم أنه لم يلحظ أي ارتباط بين جائحة كورونا وأي تغيير في معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية، معرجا بقوله: أغلب الأمراض ذات المسبب الجيني لم يتوصل العلم الحديث إلى علاجها حتى الآن وإنما يتم التعامل مع مخرجات هذه الأمراض الجسمانية والعقلية بالشكل الذي يقلل من خطورتها ويحد من تداعياتها والعمل على رفع جودة الحياة للفرد المصاب، إلا أن هناك بعض التجارب والمحاولات المستمرة في مراكز دولية متخصصة في مجال العلاج الجيني وبالذات في أمراض العمى الوراثية، وفيما يخص أمراض الدم الوراثية المتمثلة في الأنيميا المنجلية والثلاسيميا فيوجد لها علاج شامل وشاف، وذلك عن طريق زراعة النخاع والخلايا الجذعية، مشيرا إلى أن الكثير من الأمراض الوراثية قد يستعصي علاجها، أو تحتاج إلى عناية مستمرة وباهظة الثمن وقد يترتب عليها تناول الدواء طوال الحياة أو نقل الدم بصفة منتظمة أو زراعة أعضاء إضافة إلى التبعات المالية التي تقع على كاهل الدولة في توفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة للمرضى، وعلاوة على ذلك التأثيرات الاجتماعية والنفسية والمالية على الكثير من هذه الأسر فإنه من الضروري العمل على الحد من التداعيات السلبية الناجمة عن ذلك واتباع أساليب الوقاية بإجراء فحوصات ما قبل الزواج للكشف إذا ما كان الفرد مصابا أم حاملا لجينات الطفرة المسببة لأحد أمراض الدم الوراثية من عدمه، وفيما يخص الأمراض الوراثية الأخرى فيتم الكشف عنها من خلال الخضوع للتشخيص الجيني ثم الحصول على الإرشاد الوراثي.

نتائج وإنجازات

وعن إسهامات المركز في الوقاية من الأمراض الوراثية وتطوير برامجه أوضح الدكتور مسلم: لقد حقق المركز الوطني للصحة الوراثية نتائج وإنجازات مهمة خلال الفترة الماضية في مجال التوسع في مجمل خدمات الصحة الوراثية المختلفة التي يقدمها المركز بهدف تحقيق نجاح مثمر ودائم للعملية الوقائية والعلاجية اللازمة لتحقيق الهدف الرئيس منها وهو تقليل السلبيات الناجمة عن الإصابة بالأمراض الوراثية وتعزيز جودة الحياة للفرد المصاب وصولا للهدف الرئيس وهو الحد من تنامي معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية بين أفراد المجتمع.

وتمثل ذلك في التوسع في خدمات التشخيصات المختبرية وتقليل عدد الفحوصات الوراثية التي كانت ترسل سابقا للخارج وذلك في إطار الاحتياجات والأولويات التي تفرضها الدراسات الإحصائية والمسحية مع الإمكانيات المتاحة والمحافظة على التطور المتنامي والمتزايد في تقديم الخدمات لتنعكس إيجابيا على التحسن المرجو في مجالات الصحة الوراثية المختلفة.

أما فيما يتعلق بخطط التطور الخدمي والتقني فإن جميع الخطط والبرامج التنموية المستقبلية تتمحور حول تعزيز وتحسين جودة خدمات المركز التشخيصية والتأهيلية والإرشادية والوقائية والرقي بها وتتمحور حول هدف التطبيق العملي لكل ما هو جديد ومستحدث من التقدم التقني في مجال التقنية المخبرية الوراثية، والحرص على تأكيد العمل الدائم والسعي إلى الحصول على جميع معايير الجودة العالمية والاعتماد الدولي في مجال عمل المختبرات بالمركز.

وأوضح أن أبرز الخطط تتمثل في مواصلة التوسع في إضافة العيادات التخصصية للأمراض العضوية المختلفة ذات المسببات الوراثية وقد تم تفعيل عيادة أمراض القلب ذات المسببات الوراثية وتنمية الخدمات التشخيصية والإرشاد الوراثي في مجال الأمراض السرطانية ذات المسببات الوراثية وكذلك التوسع في تقنيات تحليل الجينوم الشامل عن طريق تحديث المختبر بأجهزة متطورة وذات جودة عالية في مجال تحليل الجينوم الكودي لتسهم في التوسع في العمليات التشخيصية بصورة أسرع وأكثر دقة.

ويعد الوصول إلى الاكتفاء والاعتماد التام على التقنيات المخبرية التشخيصية منها والعلاجية التي يوفرها المركز وعدم الحاجة لإرسال الفحوصات للخارج كما كان يحدث في السابق من أهم الطموحات المستقبلية التي نسعى لتحقيقها قريبا.

تقنيات متطورة

وفي السياق ذاته تحدثت الدكتورة كاملة بنت خلفان السليمانية استشارية مختبرات ورئيسة قسم المختبرات الجينية بالمركز حول التقنيات المتطورة التي يوفرها المركز قائلة: بدأ العمل في مختبرات التشخيص الوراثي عام 1999 باستخدام أبسط الطرق في الفحص الكروموسومي، الذي يشمل الخلل العددي في الكروموسومات مثل تشخيص متلازمة داون ومتلازمة إدوارد ومتلازمة بتاو والكثير من الطفرات الوراثية على مستوى الكروموسوم، مشيرة إلى أنه في ذلك الوقت كان المختبر يخدم جميع المستشفيات المرجعية في سلطنة عمان في مجال التحليل الكروموسومي بطاقم فني لا يتجاوز عدد أفراده أربعة عمانيين واثنين آخرين من الوافدين.

ولما كان التطور في مجال الفحص الجيني عالميا سريعا جدا لزم وضع خطة واضحة فنيا وعمليا من حيث تهيئة الكوادر الفنية بالتعاون بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي بتخصيص بعثات خاصة لدراسة علم الجينات، وفي الوقت نفسه تم الاستثمار في مخرجات وزارة التعليم العالي آنذاك بتعيين عدد من العمانيين من حملة الدبلوم والبكالوريوس وتدريبهم على أحدث التقنيات لدى مختبرات عالمية متخصصة في مجال الجينات من أجل البدء في تقديم معظم الخدمات في مختبراتنا.

وفي سياق عملية التطوير المستمر في التقنيات المخبرية التشخيصية أصبحت مختبرات المركز من المختبرات المستخدمة لتقنية «الميكرو أري» وتقنية «نيون» لتشريح الكروموسومي والتي لأول مرة تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي ليصبح بذلك المختبر المرجعي في هذه التقنية بالتحديد، وفي مختبر التحليل الجزيئي فهناك منظومة تعمل بكل جدارة في مجال فحص عينات أمراض الدم والقلب والكلى الوراثية وسرطان الدم وسرطانات الأعضاء وغيرها الكثير.

وحول استحداث تقنيات جديدة من أجل المساعدة على تشخيص الحالات وتسريع الفحوصات، أوضحت رئيسة قسم المختبرات الجينية بقولها: إنه ضمن خطط تجهيزية ممنهجة تخضع للاحتياجات اللازمة والإمكانيات المتاحة، يتم توفير أجهزة التشخيص الوراثي التي تعمل على تشخيص أدق وأكثر شمولية للمرض الوراثي سواء من الناحية الكروموسومية أو الجينية أو البروتينية.

ومن أجل ذلك تم استحداث بعض الخدمات بناءً على الطلب المستمر والمُلح لها من قبل الاستشاريين المعنيين بكل تخصص على حدة وذلك من أجل تسريع عملية التشخيص والمتابعة.

قسم جديد

وتابعت السليمانية: بتوجيه من المعنيين بوزارة الصحة والمستشفى السلطاني يعمل قسم المختبرات بالمركز الوطني للصحة الوراثية على إنشاء قسم جديد متخصص بعمل الفحوصات الجينية والنسيجية التطابقية اللازمة لنجاح عملية زراعة الأعضاء وذلك ضمن البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء (HLA Typing) الذي تتبنّاه وزارة الصحة، ويسعى البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء لضمان توفير جميع مستلزمات إنجاح عمليات زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية التي من أساسها الفحوصات الجينية التشخيصية للمريض والمتبرع والتي ستقام في المركز الوطني للصحة الوراثية وذلك لضمان نجاح عملية الزرع من الناحية التطابقية.

وتكمن أهمية هذه الفحوصات في تحديد تطابق خلايا المتبرع مع خلايا المتلقي، حيث يشكّل هذا الفحص عاملا مهما لنجاح عملية الزراعة وتجنب رفض العضو المزروع من قبل الجهاز المناعي للمريض، بسبب التفاعل المناعي الذي قد يحدث للقضاء على الأجسام الغريبة، وتتمركز هذه الخدمة على فحص مضاد الكريات البيضاء البشرية، وهي عبارة عن بروتينات في الجهاز المناعي، تقوم بتحديد فيما إذا كان جسم المريض سيتفاعل ضد عملية زرع المتبرع أو ما إذا كانت خلايا الزرع ستتفاعل ضد المتلقي.

تشخيص متطور

كما أن المركز يسعى لتوفير خدمة تشخيص علم الأورام الدقيق، حيث إن هذا النوع من التشخيص يتطور بسرعة وقد دخل في صلب الممارسة السريرية، ومع وجود هذه التقنية سوف يؤدي دورا كبيرا في اتخاذ قرارات العلاج ومع تطور مثل هذه التقنيات يصبح العلاج أكثر دقة وفعالية من حيث التكلفة، إضافة إلى السعي لتوسعة الخدمات المقدمة للاختبارات التشخيصية السابقة للولادة وذلك عن طريق اختبار السائل الأمنيوسي للجنين (قبل الولادة) لتحديد ما إذا كان الجنين يعاني من تشوهات معينة، بما في ذلك بعض الاضطرابات الجينية الوراثية أو العفوية.

وعن الخطط المستقبلية قالت الدكتورة كاملة: جائحة كورونا علمتنا الكثير حيث إنه خلالها تعطلت الكثير من الخدمات المقدمة لدينا لاعتمادنا على إرسال بعض الفحوصات الدقيقة للخارج وأثناء فترة الإغلاق توقفت هذه الخدمات ما ألزمنا البحث عن إيجاد طرق لثبات الخدمات بتقديمها محليا ومن هذه الخدمات فحص التحليل الجيني الكامل whole exome الذي أصبحت الحاجة إليه كبيرة من أجل تشخيص الكثير من الحالات الدقيقة جينيًّا، وحالات الفحص العائلي الذي تحتاجه الكثير من العائلات، مشيرة إلى أن إدارة المستشفى السلطاني أبدت دعمها الكامل للمركز لتقديم هذه الخدمات وتوفيرها محليا بإيجاد ميزانية مخصصة لجلب المحاليل اللازمة لفحوصات الطفرة الجينية المعرفة، ونسعى حاليا لإيجاد مخصصات مالية لشراء الجهاز الخاص بتحضير هذه المحاليل مخبريا في المركز الوطني للصحة الوراثية لضمان استمرارية الخدمة تحت أسوأ الظروف ولنكون بذلك المختبر المرجعي الأول في المنطقة.

لتوفير هذه المحاليل

تفعيل عيادات أمراض القلب والسرطان وتوسعة الخدمات التشخيصية السابقة للولادة بعثات لدراسة علم الجينات والتدريب على أحدث التقنيات في المختبرات العالمية7 % احتمالية ولادة طفل يحمل مرضا وراثيا.. ومتلازمة داون الأكثر شيوعا تسجيل 39 حالة جديدة من الأمراض السرطانية ذات المسببات الوراثية.

عمان

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق