حسين: الإعاقات غير المرئية معاناة صامتة مواجهتها بالوعي والسياسات شاملة

0 2

سنابل الأمل / متابعات

قال عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء الصحة د. أحمد حسين إن الإعاقات غير المرئية غالباً ليس من السهل التعرف عليها من الوهلة الأولى، مما قد يتسبب في كثير من الأحيان بالإحراج أو الخجل لدى من يعاني منها.

وأشار إلى أنه نظراً لكونها غير مرئية قد يجعلها تحظى بأقل أهمية أو انتباه في العديد من الأماكن أو المحافل، وذلك مما قد يعتبره البعض تجاهلاً لاحتياجات إنسانية أساسية لا بد من إعارتها أولوية قصوى من باب احترام كرامة الفرد ورفع العناء.

وأضاف: «الإعاقات غير المرئية، يطلق عليها أيضاً الإعاقات الخفية. وبينما لا يوجد تعريف رسمي موحد دولياً لمصطلح الإعاقات الخفية، إلا أنه عالمياً وبالإجماع بين العديد من المنظمات والمؤسسات، سواء القانونية أو الاجتماعية، يشار إلى الإعاقة غير المرئية على أنها أي حالة جسدية أو عقلية أو عصبية أو حسية لا تظهر فوراً للآخرين، ولكنها قد تؤثر بشكل كبير على حياة الشخص وأنشطته الحياتية، وهي بالطبع حالات عادة ما تفتقر إلى علامات خارجية واضحة».

وتابع أن الإعاقات غير المرئية يمكن مقارنتها مع نظيرتها الإعاقات المرئية، والتي يمكن بسهولة معرفتها أو تمييزها كالإعاقات الحركية، وخصوصاً عند استخدام البعض من ذوي الهمم للكراسي المتحركة أو الأطراف الصناعية. وأوضح أنه يمكن أيضاً إدراك أن بعض الأشخاص لديهم إعاقات حسية عند ملاحظة بعض العلامات الظاهرة، ومنها على سبيل المثال فقدان البصر الكلي.

وأكد أن قائمة الإعاقات الخفية تشمل العديد من الاضطرابات والمشاكل الصحية، تتضمن اضطرابات الألم المزمن، ومنها الألم العضلي الليفي وآلام أسفل الظهر، الاضطرابات النفسية، ومنها الاكتئاب والقلق، الحالات العصبية، ومنها الصرع والتصلب المتعدد ومرض باركنسون، الاضطرابات النمائية، ومنها اضطرابات طيف التوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وصعوبات التعلم، اضطرابات المناعة الذاتية، ومنها التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب الغدة الدرقية هاشيموتو، الاضطرابات الحسية، ومنها السمعية وضعف الرؤية، اضطرابات الجهاز الهضمي، ومنها متلازمة القولون العصبي ومرض كرون، اضطرابات أيضية كمرض السكري، أمراض القلب والشرايين والرئة “التنفس”، أمراض الدم الوراثية، ومنها فقر الدم المنجلي والهيموفيليا.

وأضاف د. حسين: «هذا، ويمكن أن تسبب المئات من الأمراض المزمنة والإصابات الإعاقة الخفية، وما تم ذكره ليس سوى أمثلة قليلة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير للتعلم منه، خصوصاً الاحتياجات الفردية للمصابين والتجارب المشتركة لمجتمع ذوي الإعاقة الخفية، باعتبار أن أي توجهات أو جهود مخصصة لتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة لهذا المجتمع تتطلب فهماً ووعياً واسعاً، خصوصاً لدى الجهات المهتمة».

وأردف «في هذا الصدد، نستذكر التجارب الدولية الناجحة التي تم من خلالها استهداف فئات الإعاقة الخفية بغرض تحسين حياتهم وخلق بيئة مواتية لتلبية احتياجاتهم بشكل أفضل. ففي عام 2016، تم إطلاق برنامج صن فلور للإعاقات الخفية في المملكة المتحدة بهدف مساعدة الآخرين على تحديد نوع الدعم والتسهيلات لمن يعانون من إعاقات مثل التوحد أو الخرف أو القلق أو الحالات الأخرى التي قد لا تكون واضحة للآخرين على الفور، وذلك من خلال توفير طريقة سهلة للأشخاص لتصنيف أنفسهم كأشخاص يعانون من إعاقة غير مرئية باستخدام شارة عباد الشمس للإعاقات الخفية، وبالتالي تمكين الشركات المتعاونة من وضع إجراءات لمساعدة من يُصنفون أنفسهم على هذا النحو».

وأشار إلى أن هذه الشبكة توسعت عالمياً ونالت اعترافاً دولياً، والجدير ذكره أنه ضمن مبادرة «نراكم» دشن مطار البحرين الدولي في عام 2023 باقة زهور عباد الشمس الخفية لتوفير تجربة سفر سلسة للمسافرين من ذوي الإعاقة الخفية.

وأضاف أنه من التجارب المشابهة شارة «علامة المساعدة» التي صممتها عضوة في مجلس مدينة طوكيو، عُرفت بأنها تعاني من مفصل صناعي في ساقها اليمنى، حيث اضطلعت حكومة مدينة طوكيو بتصميم هذه الشارة عام 2012، وبالتالي استخدامها في دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية طوكيو 2020 بغرض تحقيق بيئة تتسم بالشمولية والدعم الكافي لصالح المصابين بالإعاقات الخفية.

وأوضح أن في كندا، بقيادة لورا بريدجز، وبعد تعرضها لإصابة دماغية رضية عام 2005، أسست حركة «رمز الإعاقة الخفية في كندا» بالتعاون مع جمعيات إصابات الدماغ بهدف تعزيز الفهم والقبول للأشخاص ذوي الإعاقات الخفية وتسهيل وصولهم للموارد.

وتابع أن تجارب دعم الأفراد المصابين بإعاقات خفية لا تقتصر ضمن نطاق عمل المنظمات أو المؤسسات، بل هناك تجارب يمتد نطاقها على مستوى البرامج والمبادرات الحكومية، وأبرزها الإنجاز المميز لحكومة دبي لاعتماد دبي كوجهة معتمدة للتوحد من قبل المجلس الدولي للاعتماد ومعايير التعليم، وبذلك تكون دبي هي أول مدينة في نصف الكرة الشرقي تحصل على هذه الشهادة، ويمثل هذا التوجه أنموذجاً نوعياً من المسؤولية الاجتماعية لتلبية احتياجات فئات المجتمع بشكل أفضل، وضمن بيئة صديقة لأوضاعهم الصحية.

وشدد د. حسين على أن نجاح مبادرات دعم المصابين بالإعاقات الخفية يعتمد على عدة مقومات تمثل أولوية للعديد من الجهات والمهتمين في هذا المجال، من ذلك صياغة السياسات والاستراتيجيات الداعمة لتمكين واستيعاب الأشخاص ذوي الإعاقات الخفية، والتي ينبغي أن تكون مبنية على دراسات بحثية موسعة ومسوحات لآراء ووجهات النظر من المتخصصين، ومن الأفراد المتعايشين مع هذه الإعاقات.

وأشار إلى أن نماذج التعاون بين المنظمات الحكومية والخاصة أو الأهلية تشكل أرضية خصبة لتحريك الموارد الاجتماعية والاقتصادية والقانونية بكفاءة عالية تجاه قضايا الأفراد المصابين بالإعاقات الخفية.

وأكد أن من واقع التجربة، نجد أن ما يتم تطبيقه من مسوحات أو اختبارات فحص لكشف وتحديد صعوبات التعلم لدى الأطفال وغيرها من الإعاقات الخفية يمثل عاملاً أساسياً لوضع خطط وبرامج التطوير تعليمياً ومجتمعياً.

وأضاف أن تخصيص واستمرارية البرامج التدريبية والتوعوية بما يخص فهم وتلبية احتياجات المصابين بالإعاقات الخفية يمثل عنصراً هاماً لبناء وصقل مهارات واحترافية العاملين، ليس في بيئات العمل فحسب، بل أيضاً للقائمين على تنظيم الأنشطة في مختلف المواقع التي تجذب حشوداً كبيرة من الزوار، خصوصاً في المعارض والمهرجانات والفعاليات العالمية.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق