يعاني منها بعض المشاهير.. ماذا نعرف عن متلازمة أسبرغر؟

0 11

سنابل الأمل / متابعات

في عام 2023، صدر في الولايات المتحدة كتاب عن سيرة الملياردير الأميركي إيلون ماسك، حيث تحدّث رئيس “تيسلا” وشبكة “إكس” و”سبيس إكس” لكاتبه عن متلازمة أسبرغر التي شُخِّصت إصابته بها، وهي من أشكال التوحّد، واعترف بأنها سبب ضعف قدرته “على فكّ رموز الإشارات العلاقاتية” في تعاطيه مع الآخرين.

وكان ماسك كشف، خلال حلوله ضيفًا على البرنامج الكوميدي الأميركي الساخر “إس إن إل” (“ساترداي نايت لايف”)، للمرّة الأولى عن إصابته بمتلازمة أسبرغر.

وأبدى ماسك حينها اعتزازه بأنه أول شخص مصاب بهذه المتلازمة تتمّ دعوته إلى “إس إن إل”، “أو على الأقل أول من اعترف بذلك”، على ما قال.

وبالإضافة إلى ماسك، هناك العديد ممّن تمّ تشخيصهم بها من المشاهير، ومنهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، بالإضافة إلى العالِمة الأميركية تمبل غراندين.

ما سبب تسمية المتلازمة باسم “أسبرغر”؟

سُمّيت متلازمة أسبرغر نسبةً إلى هانز أسبرغر، وهو طبيب نمساوي.

وفي أربعينيات القرن الماضي، كان أسبرغر أول من لاحظ نمط المشكلات الاجتماعية لدى بعض الأطفال الذين كانوا تحت رعايته، وهي المشكلات التي تُعرِّف هذا الاضطراب حاليًا.

ومعظم المعلومات التي يعرفها الخبراء عن متلازمة أسبرغر اليوم مستمدّة من أبحاث هانز أسبرغر.

لكن لم يعد الخبراء يستخدمون مصطلح متلازمة “أسبرغر” الذي كان قبل عام 2013 يُعرَّف باختلاف في الدماغ يؤثّر على التفاعلات الاجتماعية وسلوكيات معيّنة.

أما اليوم، فيُشخَّص الأشخاص الذين يعانون من سمات متلازمة أسبرغر باضطراب طيف التوحّد (ASD). إلا أنّ متلازمة أسبرغر لا تزال جزءًا من هُويّات الكثيرين.

ما هي متلازمة أسبرغر؟

لم يعد أسبرغر تشخيصًا طبيًا، فمعظم الأشخاص الذين شُخِّصوا سابقًا بهذه المتلازمة يعانون مما يُطلق عليه الخبراء اليوم “التوحد من المستوى الأول”، ما يعني أنهم يحتاجون إلى مستوى منخفض من الدعم في حياتهم اليومية، وفقًا لعيادة “عيادة كليفلاند”.

لكن كل شخص يختلف عن الآخر، وقد يحتاج بعض الأشخاص الذين شُخِّصوا بمتلازمة أسبرغر إلى دعم أكثر من غيرهم.

وقد تُشكِّل متلازمة أسبرغر جزءًا أساسيًا من هُويّتك إذا شُخِّصت قبل تغيير المصطلح الطبي. على سبيل المثال، قد ترى نفسك مصابًا بمتلازمة أسبرغر بدلًا من اضطراب طيف التوحّد، وقد تستخدم هذا المصطلح لوصف هُويّتك.

وهذا يُفسِّر جزئيًا سبب تغيير المصطلح الطبي، إذ يشمل “طيف التوحّد” مجموعةً واسعة من السمات والقدرات، كما أنّ تشخيص اضطراب طيف التوحّد مرن بما يكفي للسماح لكلّ شخصٍ على الطيف بالحصول على الدعم المناسب له.

ما أعراض متلازمة أسبرغر؟

تُصنَّف الأعراض عادةً إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

1) التفاعل الاجتماعي

صعوبة في استخدام التواصل غير اللفظي، مثل التواصل البصري وتعبيرات الوجه ولغة الجسد، في المواقف الاجتماعية.

صعوبة في بناء علاقات مع الأقران.

عدم الرغبة في مشاركة الآخرين ما يجدونه ممتعًا أو مثيرًا للاهتمام.

صعوبة في التفاعل الاجتماعي المتبادل، مثل إدارة المحادثات.

2) التواصل

صعوبة في بدء محادثة أو الاستمرار فيها.

تكرار استخدام عبارات أو تعبيرات معيّنة.

قلّة اللعب التمثيلي مقارنةً بعمرهم.

3) اهتمامات وسلوكيات مقيّدة أو متكرّرة أو نمطية

اهتمام شديد غير معتاد بموضوعات محدّدة، مثل إحصاءات كرة القدم أو كيفية عمل الطائرات.

الحاجة إلى اتّباع روتين صارم.

حركات متكرّرة (تحفيز ذاتي)، مثل لفّ اليد أو رفرفتها، أو هزّ الجسم.

انبهار بأجزاء من الجسم.

إلى ذلك، عادةً ما يُشخِّص المختصّون متلازمة أسبرغر لدى الأطفال. لكن بعض الأشخاص لا يُشخَّصون إلا بعد بلوغهم.

ما الذي يسبب متلازمة أسبرغر؟

لا يعرف الخبراء سبب اضطراب طيف التوحّد تحديدًا، لكنّهم يعتقدون أنّه مزيج من العوامل الوراثية والبيئية.

وتُعدّ جميع التشخيصات التي تندرج حاليًا تحت طيف التوحّد، بما في ذلك متلازمة أسبرغر، اضطرابات في النمو العصبي.

وإذا كنت تعاني اضطرابًا في النمو العصبي، فأنت تعاني اختلافات دماغية تؤثّر في طريقة تفكيرك وتصرفك وتفاعلك مع العالم من حولك.

ويعتقد الخبراء أنّ التغيّرات الجينية تلعب دورًا مهمًا في التسبّب باضطراب طيف التوحّد.

وغالبًا ما تنتقل هذه التغيّرات الجينية عبر العائلات البيولوجية (أي أنّها موروثة). ولكن يمكن أن تحدث أيضًا للمرّة الأولى لدى طفلٍ ليس لديه تاريخ عائلي لاضطراب طيف التوحّد.

كيف يتم تشخيص متلازمة أسبرغر؟

لا يوجد اختبار واحد يُحدِّد ما إذا كنتَ مصابًا بمتلازمة أسبرغر. إذا لاحظت أيّ علامات على الإصابة، يمكن لأخصائيّ الصحة النفسية مساعدتك في تحديد احتياجات الدعم من خلال تقييم الجوانب الرئيسية، بما في ذلك:

المهارات اللغوية.

 

التفاعلات الاجتماعية.

 

تعابير الوجه عند التحدّث.

 

الاهتمام بالتفاعل مع الآخرين.

 

المواقف تجاه التغيير.

 

التنسيق الحركي والمهارات الحركية.

 

قد يُشخَّص بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرغر في البداية باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) أو غيره من اضطرابات النمو العصبي.

الأدوية

لا يوجد دواء يعالج متلازمة أسبرغر بحدّ ذاتها، ولكن قد يستخدم بعض الأشخاص أدوية للتحكّم في أعراض الحالات الشائعة المتزامنة، مثل الاكتئاب والقلق.

تشمل الأدوية الموصوفة أحيانًا ما يلي:

مضادات الاكتئاب: يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب. وقد تكون مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، وهي نوع شائع من مضادات الاكتئاب، مفيدة أيضًا في علاج أعراض اضطرابات القلق واضطراب الوسواس القهري (OCD).

أدوية مضادّة للذهان: قد يصفها بعض الأطباء لعلاج التهيّج والانفعال. ويُعدّ ريسبيريدون وأريبيبرازول حاليًا الدواءين الوحيدين المعتمدين من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لهذا الغرض.

العلاج

يمكن أن تساعد مناهج علاجية مختلفة في تحسين مهارات التواصل والتنظيم العاطفي والتفاعل الاجتماعي، ومنها:

العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو نوع من العلاج النفسي يساعد في تحديد أنماط التفكير والسلوك السلبية وغير المفيدة وتغييرها. كما يمكن أن يساعد في علاج القلق والاكتئاب وغيرها من التحدّيات الشخصية أو الصعوبات اليومية.

علاج النطق: يقوم أخصائيّ النطق بتقييم ومعالجة تحدّيات اللغة والتواصل. وبالنسبة لشخصٍ مصاب بمتلازمة أسبرغر، قد يساعد علاج النطق في التحكّم في طبقة الصوت والإلقاء.

 

تدريب المهارات الاجتماعية: تُعالج برامج المهارات الاجتماعية المشكلات التي تجعل التفاعل الاجتماعي صعبًا، وقد تتراوح المهارات المُدرَّسة من مهارات المحادثة إلى فهم الإشارات الاجتماعية واللغة غير الحرفية، مثل التعابير الشائعة.

العلاج الطبيعي (PT) والعلاج المهني (OT): يمكن أن يساعدا في تحسين المهارات الحركية الدقيقة والتنسيق. كما يمكن أن يساعد العلاج المهني الأطفال المصابين بمتلازمة أسبرغر على التعامل مع المشكلات الحسيّة.

تدريب الوالدين/العلاج الأسري: يمكن أن يساعد الوالدين أيضًا في الحصول على الدعم في تربية طفلٍ مصاب باضطراب طيف التوحّد.

طرق أخرى

لا تدعم الكثير من الأبحاث فوائد الطرق الأخرى للأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرغر، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّها غير مفيدة.

تشمل الاستراتيجيات الأخرى المحتمل أن تكون مفيدة ما يلي:

هرمون الميلاتونين: قد تُفاقم اضطرابات النوم – الشائعة لدى الأطفال المصابين بمتلازمة أسبرغر – القلقَ والاكتئابَ والانفعال. وتشير بعض الأدلة من عام 2018 إلى أنّ الميلاتونين قد يكون مفيدًا؛ لذا قد يكون من المفيد استشارة طبيبك بشأن تجربته.

العلاج بالموسيقى والفن: قد يساعد، ويُسمّى أحيانًا العلاج بالشفاء الصوتي/العلاج بالفن، في مواجهة تحدّيات التواصل والعاطفة والتحدّيات الاجتماعية المرتبطة بمتلازمة أسبرغر.

التدليك

العلاج بالتدليك: قد يوفّر انخفاضًا مؤقّتًا في القلق أو الأعراض الحسيّة لدى بعض الأشخاص المصابين بالتوحّد، طالما أنّهم يشعرون بالراحة عند لمسهم.

الوخز بالإبر: وجدت مراجعة أُجريت عام 2018 أنّ الوخز بالإبر يمكن أن يساعد في تحسين التكيّف الاجتماعي والنوم، إلى جانب أعراض أخرى لاضطراب طيف التوحّد.

مجموعات الدعم: قد يجد الأطفال والبالغون المصابون بمتلازمة أسبرغر، إلى جانب عائلاتهم، أنّه من المفيد التواصل مع أشخاصٍ آخرين مصابين باضطراب طيف التوحّد. توفّر مجموعات الدعم والمنتديات الإلكترونية بيئةً ميسّرة لمناقشة المتلازمة والحصول على مزيد من المعلومات والإرشادات.

إلى ذلك، لا يوجد علاجٌ شافٍ لمتلازمة أسبرغر. ولكن، مجدّدًا، لا يعتبرها الكثيرون حالةً تحتاج إلى “علاج” بذاته.

ويمكن أن يساعد التشخيص المبكر المصابين بمتلازمة أسبرغر على تحديد احتياجات الدعم الأساسية وتعلّم مهارات التعامل مع التفاعلات الاجتماعية وغيرها من جوانب الحياة اليومية. يعمل معظم البالغين المصابين بمتلازمة أسبرغر ويعيشون باستقلالية.

ومثل أيّ شخصٍ آخر، يواجه المصابون بمتلازمة أسبرغر تحدّياتٍ ونقاط قوّةٍ فردية. ويمكن للطبيب أو أخصائيّ الصحة النفسية أو الأخصائيّ المدرسيّ تقديم الإرشاد في تحديد احتياجات طفلك الفريدة ووضع خطة دعمٍ تُلبّيها.

 

المصادر: التلفزيون العربي – ترجمات

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق