مدينة برجيل الطبية في أبوظبي تعيد تعريف الرعاية التخصصية للأمراض النادرة والجينية

0 1

سنابل الأمل / متابعات

بفضل قدراتها التشخيصية المتقدمة وعياداتها التخصصية وتركيزها على التجارب السريرية المبتكرة، تسعى المستشفى إلى بناء نموذج إقليمي رائد لرعاية الأمراض النادرة والوراثية

 

تواصل إمارة أبوظبي ترسيخ مكانتها كمركز رائد في مجال الرعاية الطبية المتقدمة على مستوى المنطقة، ولا يوجد ما يبرز هذا التوجه أكثر من النمو المتسارع في مجال الأمراض النادرة والجينية، ففي مدينة برجيل الطبية (BMC)، يعمل مركزان متخصصان هما مركز الجينات والأمراض النادرة ومركز الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي على إعادة صياغة طرق تشخيص هذه الأمراض وعلاجها ودراستها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وقد تم إنشاء هذين المركزين لتلبية الحاجة الملحّة منذ فترة طويلة إلى نماذج رعاية منسقة تجمع بين التشخيص والعلاج والبحث العلمي، ومنذ تأسيسهما، أصبحا مركزَي إحالة رئيسيين للمرضى من مختلف أنحاء دولة الإمارات والدول المجاورة، بالإضافة إلى كونهما شريكين للمؤسسات الإقليمية التي تسعى للاستفادة من خبراتهما في إدارة الأمراض الوراثية والمزمنة المعقدة.

نهج منسق في التعامل مع الأمراض النادرة

يُعتبر المرض نادراً إذا أصاب أقل من شخص واحد من بين كل 2000 شخص بحسب التركيبة السكانية، وعلى الرغم من ندرة كل حالة على حدة، فقد تم تحديد أكثر من 10,000 مرض نادر حول العالم، تؤثر مجتمعةً في ما بين 5 إلى 10 % من سكان العالم، وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 70 % من هذه الحالات سببها وراثي، ما يجعل التشخيص الدقيق والإدارة طويلة الأمد أمراً بالغ الأهمية، لذا تم تأسيس مركز الجينات والأمراض النادرة في مدينة برجيل الطبية لمواجهة هذه التحديات من خلال توفير رعاية متكاملة للمرضى الذين غالباً ما يظلون لسنوات دون تشخيص أو يتم تشخيصهم بشكل خاطئ، ويجمع المركز بين التقييم السريري، والفحوصات الجينية، والاستشارات الوراثية، والعلاجات المتقدمة ضمن منظومة واحدة منسقة.

وقال البروفيسور أيمن الحطّاب، استشاري أمراض الجينات والوراثة ومدير مركز الجينات والأمراض النادرة:” غالباً ما يقضي المرضى المصابون بأمراض نادرة أو وراثية سنوات في التنقل بين العيادات دون الحصول على إجابات واضحة، هدفنا هو توفير الوضوح والدقة من البداية من خلال استخدام الفحوصات الجينية الدقيقة ومشاركة التخصصات المتعددة في وضع خطة العلاج المناسبة.”

ويضم المركز ثلاث وحدات رئيسية هي: الفحوصات الطبية السريرية، والتجارب المبتكرة، وتوعية وتثقيف المجتمع، وتعمل هذه الوحدات معاً لتشكيل هيكل يجمع بين الرعاية الطبية والبحث العلمي والدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، كما تُجرى الفحوصات الجزيئية والكيميائية الحيوية داخل المركز بالتعاون مع OncoHelix-CoLab، وهو مشروع مشترك مع خبراء الجينوم في كندا، أتاح إدخال تقنيات تسلسل جيني متقدمة إلى دولة الإمارات.

عيادات تخصصية وتجارب مبتكرة

يقدّم مركز الجينات والأمراض النادرة مجموعة من العيادات الخارجية المتخصصة التي توفر تقييماً دقيقاً وإدارة شاملة للحالات، وتشمل عيادة السرطان الوراثي التي تعمل مع فريق الأورام الطبي لتقييم الأفراد والعائلات الذين لديهم قابلية وراثية للإصابة بالسرطان، وعيادة الأمراض العصبية الوراثية التي تتعامل مع الاضطرابات العصبية وإضطرابات النمو مثل الصرع والتوحّد وضعف العضلات، كما تم مؤخراً إطلاق عيادة متلازمة داون لتقديم رعاية متعددة التخصصات ومصمّمة خصيصاً للأطفال المصابين بهذه المتلازمة.

 

ويجري المركز أيضاً دراسات لفهم تبلورعدد من الأمراض النادرة في منطقة الخليج، بهدف تحديد السمات الرئيسية للأمراض التي تحتاج إلى حلول علاجية جديدة، وستُستخدم هذه البيانات لتحديد المرضى المؤهلين للمشاركة في التجارب السريرية للعلاجات الدوائية والجينية الحديثة، والتي يجري الإعداد لعدد منها في المركز لأمراض مختلفة مثل ضمور العضلات الدوشيني، ومتلازمة أنجلمان، ونقص تنسّج الغضاريف، والجالاكتوزيميا وغيرها من الاضطرابات الوراثية، كما انها تساهم في دعم التقارير والأبحاث العلمية في هذا المجال.

وقال البروفيسور أيمن الحطّاب: “نحن لا نعالج المرضى فحسب، بل نبني أيضاً القدرات المحلية في مجال أبحاث الجينات والأمراض النادرة، حتى يتمكّن المرضى في المستقبل من الاستفادة من أدوات أفضل للتشخيص السريع والعلاج الفعّال.”

وقد عالج المركز حتى الآن أكثر من 2000 مريض يعانون من أمراض نادرة ونادرة جداً.

تحسين نتائج مرضى الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي

تُعدّ الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي من أكثر اضطرابات الدم الوراثية شيوعاً في العالم، وتنتشر بنسبة عالية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وغالباً ما ترتبط هذه الأمراض بمضاعفات صحية كبيرة وانخفاض في جودة الحياة، كما أن العبء الناتج عن العلاج طويل الأمد الذي يتضمن عمليات نقل دم شهرية مدى الحياة في الحالات الشديدة، يشكّل تحدياً للمريض وأسرته والنظام الصحي بأكمله.

ولمواجهة هذه التحديات، أنشأت مجموعة برجيل القابضة مركز الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي في مدينة برجيل الطبية بقيادة البروفيسور خالد مسلّم، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة برجيل القابضة ومدير المركز، ويُعدّ البروفيسور مسلّم مرجعاً عالمياً في مجال الثلاسيميا، وهو مؤلف الإرشادات الدولية المعتمدة لإدارة المرض من الولايات المتحدة إلى آسيا، والحائز مؤخراً على جائزة التميّز من الجمعية الأوروبية لأمراض الدم تقديراً لإسهاماته البارزة في هذا المجال ولا سيّما في إدخال العلاجات الحديثة.

 

 

وقال البروفيسور خالد:”نحن نتعامل مع هذه الحالات كأمراض مزمنة يمكن إدارتها والسيطرة عليها، فعندما تُنظَّم الرعاية بشكل جيد، تتحسن نسب البقاء على قيد الحياة وينخفض العبء الواقع على الأسر.”

أما المدير الطبي للمركز الدكتورة فَرّوخ شاه، فتمتلك خبرة تمتد لعقود في إدارة أكبر مجموعات مرضى الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي في لندن، ومنذ إطلاق المركز في إبريل 2025، تطور ليصبح من أكثر المراكز تقدماً من نوعها في المنطقة، إذ يوفر خدمة نقل دم على مدار سبعة أيام أسبوعياً، ورعاية طارئة على مدار 24 ساعة لحالات أزمات فقر الدم المنجلي، بما في ذلك عمليات نقل الدم التبادلية الآلية للحالات المعقدة.

ويستفيد المرضى كذلك من التكامل الكامل مع نظام الرعاية المتقدمة في مدينة برجيل الطبية، ما يتيح لهم الوصول إلى مختبرات متطورة، وخدمات تصوير متقدمة، واستشاريين متخصصين في أمراض القلب والغدد والكبد وعلم النفس، ويساعد ذلك على المتابعة طويلة الأمد وإدارة المضاعفات التي قد تؤثر في الأعضاء الحيوية.

وتحت قيادة البروفيسور خالد مسلّم، تم تأسيس مركز أبحاث اضطرابات الدم النادرة (CR-RBD)، والذي تطوّر سريعاً ليصبح واحداً من أهم المراكز البحثية عالمياً في مجال الثلاسيميا، وقد نفّذ المركز تجارب سريرية عالمية أدّت إلى تطوير علاجات جديدة تُغيّر مسار المرض وتُخفّف من شدة فقر الدم وتقليل الحاجة إلى عمليات نقل الدم، مما أتاح لمرضى دولة الإمارات فرصة الحصول على علاجات مبتكرة كانت متوفرة سابقاً فقط في الخارج.

وأضاف البروفيسور خالد قائلاً:”أصبحنا في عصرٍ جديد يعتمد على البيانات الدقيقة لفهم اضطرابات الهيموغلوبين، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي، وهذا يشكّل الأساس لتحسين نتائج المرضى وتطوير علاجات جديدة قادرة على سد الفجوات العلاجية الحالية.”

 

شبكة متكاملة للرعاية مدى الحياة

تتمثل إحدى أبرز نقاط القوة في مدينة برجيل الطبية في شبكتها المتكاملة للرعاية المتقدمة، حيث يعمل مركز الجينات والأمراض النادرة ومركز الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي بشكل وثيق مع مجموعة من الأطباء المتخصصين لضمان استمرارية الرعاية، ويتيح هذا النهج متعدد التخصصات إدارة شاملة لحالة كل مريض على المدى الطويل، من خلال تنسيق وثيق بين فرق الرعاية المختلفة، لقد امتد تأثير هذين المركزين إلى ما وراء الحدود الوطنية، إذ تتعاون المستشفيات والجامعات والمؤسسات البحثية من مختلف أنحاء العالم مع مدينة برجيل الطبية في برامج التدريب والدراسات المشتركة ومبادرات تبادل المعرفة، وبالنسبة لأبوظبي، فإن هذه التطورات تمثل أكثر من مجرد إنجاز مؤسسي؛ فهي تعكس نضوج المنظومة الصحية وقدرتها على بناء برامج طبية متخصصة تجمع بين العلم والتعليم والرعاية السريرية لتلبية الاحتياجات الصحية المتنامية في المنطقة.

 

الخليج

 

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق