الإعاقة البصرية: واقعٌ مُعاش ومجهولٌ يُستكشف

0 4

مجلة سنابل الأمل/خاص
بقلم: هادي محمد

الإعاقة البصرية ليست مجرّد وصفٍ طبي أو علامةٍ تُلازم من وُلِد بها أو أصيب بها في طفولته؛ إنّها خبرةٌ إنسانيةٌ عميقة تحمل عالمًا من المشاعر والصراعات والطموحات. ورغم بساطتها في ظاهر الاسم، فإنها تخفي ما لا يدركه كثيرون عن تفاصيل الحياة اليومية لمن يعيشونها.
يجهل كثيرٌ من الناس حقيقة ما يلاقيه المكفوفون وضعاف البصر من تحدياتٍ متراكبة: بين رغبتهم الطبيعية في الاندماج، ونظراتٍ مجتمعية قد تُقيِّد أكثر مما تُعين؛ وبين سعيهم لنيل أبسط الحقوق في التعليم والعمل والحياة، وإجراءاتٍ تعترض طريقهم عند كل خطوة. ومع ذلك، يكشف هذا الامتحانُ الصعب عن قوةٍ داخليةٍ لا يعرفها إلا من اختبرها؛ قوةٍ تُهذّب الإرادة وتُوجِّهها لتأكيد القدرة على العطاء والنجاح رغم القيود.
ولئن كانت جوانبٌ كثيرة من حياتهم تظل مجهولةً لغيرهم؛ فإن لديهم عالمًا واسعًا من أحلامٍ قد تبدو مستحيلة، وأفكارٍ تنتظر فرصتها لتتحقق في عالمٍ لا يسمع أصواتهم على النحو الكافي. في هذا المجهول، يكتشفون إمكاناتهم الحقيقية، ويحوّلون التحدي إلى دافعٍ للتفوق والإبداع؛ فيغدون جزءًا فاعلًا من مجتمعٍ يحتاج أن يرى قدراتهم قبل اختلافهم، ويمنحهم اليد لا شفقةً بل احترامًا وفرصةً عادلة.
فلننظر إلى الإعاقة البصرية كما هي: واقعٌ نعيشه، وغموضٌ نُحسن اكتشافه، ورحلةٌ إنسانيةٌ تستحق أن نفهمها ونحتفي بها؛ كي يتقدّم المجتمع بأسره حين تتقدّم فئاته جميعًا

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق