رجل ترك وراءه أثرًا واضحًا، وذكرى طيبة، العم عبد الرحمن بن موسى الفواز التميمي
سنابل الأمل – خاص

قال الله تعالى: “وبشر الصابرين” وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
المسلمون في كل مكان وزمان يؤمنون بقضاء الله وقدره، وأن الحياة حق، وأن الموت حق، ولا يعترضون نِهَائِيًّا على هذا القدر، و يرددون
قول الله تعالى:
“يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”.
وقوله تعالى: “كل نفس ذائقة الموت”.
ويقولون:
إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى.
ولا يقولون إلا ما قاله الصابرون: “الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئكّ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”.
فالله تعالى جعل الصبر مبعثًا للخير وأجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة لهم ولفقيدهم، وإنما الصبر والاحتساب عند الصدمة الأولى،
والحمد لله ربِّ العالمين على قضائه وقدره، وإنا على فراقك يامال الجنة لمحزونون، وسيظل ذكرك الحسن في قلوب الجميع ، ولن ينساك التاريخ مهما كانت الظروف والأحوال.
فقدت المملكة العربية السعودية رجلًا مخلصًا متميزًا من رجالاتها، محبًا للخير، باذلًا جهده وماله في خدمة الإنسانية بإخلاصٍ، رجلًا فائقًا في إمكاناته، وإنجازاته الموفقة لا تخفى على أحد، فهي شاملة ومتنوعة بتنوع مناحي الحياة، جيدة وفق معايير الأداء المتميز، والمعطيات الثقافية والعلمية والعملية التي تحفز على الإبداع والتطور، إنه العم الراحل عبد الرحمن الفواز_ غفر الله تعالى_ له، وهو يعتبرالأخ العزيز الغالي للوالد -يرحمه الله تعالى- وجميع موتى المسلمين والمسلمات.
وأجدني الآن من هول الصدمة وشدة وقعها على قلبي، وألم الفراق لفقد رجل عظيم، ورائع وكريم، وقامة مجتمعية، وعلم يرفع الرأس ، ويكرم الضيوف بشكل منظم، يحار قلمي وتعجز كلماتي عن الإحاطة بهذه الإمكانات والنجاحات التي حققها طول مسيرة حياته في مقال متواضع، فأعماله- يرحمه الله تعالى- شاهدة على تلك الأهداف السامية، والمشاعر الراقية لخدمة الدين والوطن والمواطن والمقيم، في ظل الرعاية الكريمة لحكومتنا الرشيدة- يرعاها الله تعالى، فهي
-بلا شك- أقل ما يوصف أنه رجل المهمات الصعبة، والخير والعطاء، يتمتع بالحكمة، والخلق الرفيع، صاحب الإدارة والمعرفة والعلم الغزير، يقدر المسؤولية المجتمعية في أبهى صورها.
أجدني الآن مزدحم الفكر والقلم؛ فمن أصعب مهام الكتابة في هذا المقال المتواضع أن تكتب عن رمز الخير والعطاء، فما عساي أن أكتب، وما عساي أن أسطِّر بماء الذهب من سيرته العطرة في مجال العمل الخيري والإنساني، مع شيء من حياته ،وبماذا أبدأ؟ وبماذا أنتهي؟
لأن الكتابة عن شخصية وطنية بامتياز من الدرجة الأولى، وثقافية يقظة، صاحبة النظرة الثاقبة والبصيرة، وعلو الهمة، والروح التي تحمل مشاعر كبرى بعظم المسؤولية المجتمعية الفعالة، والهادفة للتنمية والتطوير، أمرٌ لا شك صعبٌ وشاقٌّ.
رجل عظيم، يحب الجميع، له إنجازات عديدة طوال مسيرته، وصاحب قلب كبير ليس فيه إلا محبة الخير لكل الناس، عرفته ذكيًا فطنًا، نزيهًا، وطنيًا من الطراز الرفيع، وكسب القلوب بطيب الخصال والسجايا، والأفعال، والأقوال، قدَّمَ الكثير لخدمة هذا الوطن الغالي؛ حتى يكون العمل الخيري المتميز يحفز على الإبداع، والإتقان، والازدهار، ويقدم كافة الإجراءات؛ لنصل إلى مجتمع راق، مع توفير كل سبل العيش بأمن وأمان، وراحة بال.
كان- يرحمه الله تعالى- يقابل الناس برحابة صدر، ويتحدث معهم في أمور الحياة المختلفة وقضاياها التي تخدم الوطن وأبناءه في لقاء أبوي يدل على عظم المسؤولية، والتفاعل مع الآخرين وتحقيق تطلعاتهم، والحب الفياض لهم، وتتضافر جهوده في كافة القطاعات؛ ليصبح العمل أكثر تنظيمًا وفعاليةً، ويحقق تطلعات ولاة الأمر، يحفظهم الله رب العالمين.
وينفرد -غفر الله تعالى -له بصفات خاصة لا تكاد تجتمع إلا في الرجال النبلاء الكرام والأعلام الفضلاء، فقد كان يتصف بالتواضع، وقوة الشخصية، يتزين محياه بالإيمان الصادق والتقوى، صاحب نفسًا مطمئنة نابعة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ويتصف بالآداب الرفيعة ،والطباع الجميلة، وكان- رحمه الله تعالى- من الرجال الصالحين المواظبين على صلاة الجماعة ،ومن أهل الصف الأول وكان بعض الأوقات يرفع صوت الأذان، يحرصُ على بناء المساجد وصيانتها، وكان له اهتمامٌ بالغٌ بالفقراء، والضعفاء، والمساكين، والأيتام والمعاقين، والأرامل ومن حلت بهم نكبات الدهر؛ ابتغاءَ رضى رب العالمين، ورحمةً بهم، ويشرف على رعايتهم، ويقدم لهم كل ما يستطيع من مال، أو جهد، أو وقت في سبيل قضاء حوائجهم بالسر والكتمان.
إن سيرة العم الغالي الراحل لهي من خير ملهم للأجيال القادمة، وقدوة حسنة، فلم يكن- رحمه الله تعالى- يتعامل مع أحد إلا بالكلام الطيب، والحكمة وبالموعظة الحسنة، يتصف بالعفو والتسامح، سليم الصدر، يطمئن ويرتاح له كل من يعرفه، ولا يعرف الغل، ولا الحقد والحسد، ولا الكراهة، وهو ما جعله محل أنظار جميع الناس، فقد كانت تجتمع عليه محبة القلوب، وتصغى له الآذان؛ لذا صلى عليه حشودٌ من المصلين في حوطة بني تميم.
توفي وترك أثرًا واضحًا وذكرى طيبة في نفوس أبنائه، ونفوس من حوله، بما هيأ له الله تعالى من صفات حسنة تميز بها وعرفت عنه، والناس شهود الله تعالى في أرضه، هذه بعض الجهود المضيئة المباركة التي ستنير قبره، وتنير له طريقه إلى جنات النعيم، وستكون- بإذن الله تعالى- شافعةً له يوم يلقى ربه، إذ إن أعماله هي التي تبقى، بعد رحيله- يرحمه الله تعالى- إلى أعلى درجات الجنة، كما ينفعه ولده الصالح الذي خلفه بعده، ثم ينفعه العلم الذي نشره بين الناس.
لم يبقَ علينا سوى دعواتنا له بالمغفرة والرحمة، والتصدق عنه، ولجميع موتى المسلمين والمسلمات، والدعاء لأسرته الكبيرة وقبيلة بني تميم، وجميع من عرفه بالصبر والاحتساب.
لذا أقدم الدعاء وصادق المواساة للجميع في الفقيد الغالي- رحمه الله تعالى- رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجعله في الفردوس الأعلى من الجنة مع الأنبياء، والشهداء، والصالحين، والصديقين، وحسن أولئك رفيقا،
اللهم جازه بالحسنات إحسانا، وبالسيئات عفوا وغفرانا، واغسله من الذنوب والخطايا بماء الثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، ولوالدينا جميعا ولوالديهم وجميع المسلمين والمسلمات، وأن يجبر مصيبة الجميع، ويعظم الأجر، ويرزقنا الصبر والاحتساب.
رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم.
كاتب صحفي
مخترع
OZO123 @ hotmail. Com
@ DrALOTHMAN