سخاء الروح

0 52

 

الأستاذ عبدالعزيز عبدالله الجريد*

سنابل الأمل – خاص

ما أجمل أن تعمل خيرًا، وما أجمل أن تشعر بهذا الخير، والعمل الخيري يعزز العمل الإنساني والثقة بالنفس، ويؤطر ثقافة العطاء وثقافة البذل ،وحب الآخرين، فكيف لا وهذا العمل نابع من نفس طيبة، نيتها صالحة وأخلصها لله تعالى، فالعمل الطيب يقبله الله تعالى؛ لأن الله طيبًا ولن يقبل إلا الطيب، والعمل مسجلٌ بموازين أعمالك، متى صدر من نفس طيبة متمسكة بمبادئها.

ومن منطلق هذه المقدمة عايشت واقع العمل الإنساني وتأثيره الروحي على الممارس خاصة ،وأن هذا العمل الخيري من خلال دعوة صديق حبيب إلى نفسي وصديق آخر عايشني ،وأثر بي أثرًا كبيرًا، فعاطفته جياشة ونظرته مؤثرة، فالأول هو زميلي وصديق عمري المخلص المهندس/ فهد عبدالله الشومر، والآخر رجل الخير والعطاء الدكتور/ عثمان عبدالعزيز آل عثمان ،وهو غني عن التعريف وقامة في العمل الخيري.. هذان الصديقان أتاحا لي الفرصة بعد التقاعد من عمل مخلص تجاوز الثمانية والعشرين سنة، إلى جو آخر وهو جو العمل التطوعي ،والعمل الخيري الذي يخالج النفس، ويحث صاحبه عن دور في الحياة يبعث الأمل والقوة والصحة والنجاح، في ظل ظروف أخرى يتطلب من المجتمع أن يعيها، وألا يجعل الراحة هي ديدن التقاعد، فالمؤمن راحته العمل، ولا شيء غير العمل، عن أبي ذر – رضي الله عنه – قيل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم:- “رأيت الرجل، يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه ’قال: “تلك عاجل بشرى للمؤمن” (متفق عليه).
سئل الإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة، قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.

وخلال تطوعي بالعمل الخيري ،فقد تعلمت الكثير، وتغيرت كثيرًا، فكل يوم درس ،وكل لحظة فكرة ،وكل موقف استفادة، وقد تعلمت الكثير وتأثرت بالكثير من المواقف الإنسانية، أسرد بعضها.

تعلمت أن السعادة الحقيقية هي في العطاء، وكيف لا وأنت في هذا القطاع الخيري المبارك، تفكر كيف تعطي بهدوء وفي خفاء وبلطف، وكما قال محمد بن يونس الحاصل على جائزة نوبل: “تعلمت إن الحصول على المال سعادة، وجعل الناس
سعداء هو قمة السعادة “.
تعلمت أن الشعور بالإنجاز وتحقيق الأهداف هو حاجة نفسية ملازمة للإنسان طوال العمر ، وليست مقتصرة على الشباب فقط، بل هي حاجة يزداد احتياج الإنسان إليها خاصة بعد مرحلة التقاعد، ويأتي العمل الخيري ليشبع هذه الحاجة ويسد هذه الثغرة النفسية المقلقة.
تعرفت على شريحة من المجتمع تعمل بجد ونشاط ومثابرة لخدمة المحتاجين ،ورفعة الوطن وتقدمه، فكم من ليال قضيناها
نفكر وندرس لنطور ونحسن الخدمة التي نقدمها للمجتمع راضين متهللين سعداء.
تعلمت الصبر وما أجمله من خلق نحتاجه في حياتنا ،وفي كل مواقفنا التي نمر بها، ولا شك أن ثوابه عظيم قال الله تعالى”إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب “.
تعلمت أن العمل الخيري ليس له حد، والكل يستطيع أن يقدم ولو بابتسامه.
تعلمت أن بلدنا بخير ، وشعبنا معطاء بحبهم للخير والتطوع ، فقط يحتاجون للدعم وتهيئة البيئة المناسبة لهم.
همسات حاولت أن أسردها، تجسد واقعًا عايشته ولمسته، وتفاعلت روحي معه عن قرب، صار سخاء وأنا أرى محبي الخير والمتطوعين، وهم يعملون، كل حسب قدرته وخبرته ومجاله، يبحثون عن السعادة الأبدية بعمل يوثق في باب
الصالحات في جنة ملؤها السموات والأرض، كلهم يعملون ،وأنا أعمل معهم، فأجندتنا إسعاد الآخرين ،والوصول بهم إلى
مرحلة السعادة، فشغفنا بعملنا حقق غايتنا، وبالعمل الدؤوب ارتقينا وبالخطط الإستراتيجية حققنا أهدافنا، وروحنا سمت
فالأجر عظيم، وفي النهاية وصيتي للجميع أن يكون التطوع في المجال الخيري هو ديدن حياته ،وما إن يصل للتقاعد ،حتى ينطلق إلى العمل الخيري، فالأبواب مفتوحة، والسبل ميسرة والوطن والمجتمع مرحبين، وأنا أقول إنهما في حاجة ماسة إلى جهودك، و أنت من يحتاج إلى مزيد من رضى الله -تبارك وتعالى- ومزيد من الإحساس بالسعادة والشعور بالإنجاز وتحقيق الذات.

.


* أمين عام الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق