سنابل الأمل / متابعات
يعتبر التوحد اضطرابًا تطوريًا يؤثر على مهارات اللغة والتواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الطفل. لذلك، فإن لأخصائي النطق واللغة دورًا كبيرًا في التشخيص والتقييم وفي تصميم البرنامج التأهيلي للأطفال المصابين بالتوحد.
كيف يتم تقييم حالة كل طفل مصاب بطيف التوحد على حدة؟ وما المهارات التي يتم تقييمها؟ ومتى يتم التدخل والعلاج؟ وهل هناك أنشطة يتم تدريب الطفل على أدائها وممارستها لدعم مهاراته؟ توجهت «صحتك» بهذه الأسئلة إلى إحدى المتخصصات في مجال تأهيل أطفال التوحد، هالة حسام أبو لية أخصائية النطق واللغة بمركز جدة للنطق والسمع التي أوضحت في البداية أن أخصائي النطق واللغة يعتبر عضوًا في الفريق التشخيصي الذي يقيّم مهارات الطفل. ويتكون الفريق عادة من: طبيب نفسي للأطفال، وطبيب مخ وأعصاب، وأخصائي علاج وظيفي وأخصائي تربية خاصة وغيرهم من المتخصصين. ويقوم هذا الفريق بتقييم مهارات الطفل وملاحظتها باستخدام طرق معيارية وغير معيارية، عن طريق استخدام الاختبارات المقننة أو الملاحظة الإكلينيكية خلال لعب الطفل وتواصله مع الأشخاص المألوفين.
تقييم مهارات طفل التوحد
أكدت الأخصائية هالة أبو لية أن أخصائي التخاطب يلعب دورًا مهمًا في تقييم المهارات التالية للطفل الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد:
1. مهارات اللغة، وتشمل:
– اللغة الاستقبالية: الكلمات والعبارات التي يفهمها الطفل لفظيًا دون الحاجة إلى استخدام إشارات أو دلالات أخرى غير لفظية.
– اللغة التعبيرية: الأساليب اللفظية وغير اللفظية التي يستخدمها الطفل للتعبير عن نفسه مثل الأصوات والكلمات وأشباه الكلمات أو الإشارات الوصفية مثال: أن يشير إلى فمه للدلالة على رغبته في الأكل.
– اللغة الاستقبالية – التعبيرية: وتشمل مهارات الطفل المتعلقة بفهمه للسؤال أو الأمر الموجه إليه لفظيًا والاستجابة له تعبيريًا، مثل أن تسأل الطفل ما اسمك؟ فيجيب بقول اسمه، أو أن تخير الطفل بين الكرة والهاتف المحمول بأن تسأله: هل ترى الكرة أم الهاتف؟ فيشير الطفل إلى أذنه للدلالة على رغبته في الهاتف المحمول.
2. مهارات الانتباه المشترك والتواصل المقصود، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
– تبادل النظر مع الشريك التواصلي إلى شيء أو لعبة محببة مثل النظر مع الأم إلى القطة ثم إعادة النظر إلى الأم مرة أخرى.
– الاستجابة لاسمه عند مناداته ويكون ذلك بالالتفات.
– استخدام أصوات أو إشارات أو كلمات بطريقة مقصودة للتعبير عن رغبته في الحصول على شيء ما بدلاً من البكاء أو الصراخ غير المفهوم.
3. مهارات اللعب، ومنها ما يلي:
– الاستخدام الوظيفي للأشياء: مثل استخدام المشط للشعر والكوب للشرب.
– الاستخدام الرمزي للأشياء: استخدام القلم على أنه ملعقة تحريك أثناء اللعب.
– اللعب التمثيلي أو التخيلي: أن يقوم بأداء أدوار تحاكي الأدوار التي حوله مثل إطعام دمية أو محاكاة دور أمه أثناء كي الملابس.
التدخل العلاجي
أوضحت الأخصائية هالة أبو لية أن أخصائي التخاطب مؤهل لمساعدة الطفل وعائلته من خلال الجلسات العلاجية الفردية والجماعية لتطوير المهارات لدى الطفل في حالة عدم تواصله لفظيًا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الانتباه المشترك مثل التواصل البصري ومشاركة النظر إلى شيء معين مع شخص آخر، واللعب والمشاركة مع الآخرين، وفهم واستخدام الإشارات التعبيرية للتواصل مثل وضع اليد تحت الخد للتعبير عن النوم أو الإشارة إلى الأشياء التي يريدها، واتباع الأوامر البسيطة مثل: أعطني الكرة، تعال هنا… إلخ.
أما المهارات العلاجية الأخرى فيستطيع أخصائي النطق واللغة مساعدة الطفل في اكتساب مهارات أخرى، مثل:
* تكوين الأسئلة والإجابة على الأسئلة مثل: أين بابا؟ هل تريد أن تشرب؟
* طلب المساعدة، مثل أن يلجأ إلى شخص كبير لفتح صندوق الألعاب واستخدام كلمة (افتح).
* تبادل الأدوار أثناء المحادثة.
* المبادرة والاستجابة للمحادثة مع الآخرين.
أما مهارات القراءة والكتابة فإن أخصائي النطق واللغة يساعد في تطويرها، مثل:
*النظر إلى الكتب والإشارة إلى الصور ومحاولة سرد قصة.
*كتابة الأحرف والكلمات وربطها بالأصوات التي تمثلها.
وعلى مستوى وسائل التواصل البديلة أو المساندة للكلام، يساعد أخصائي النطق واللغة الطفل في حال احتاجه إلى إحدى تلك الوسائل، مثل:
*استخدام لغة الإشارة.
*استخدام الإيحاءات والإشارات التعبيرية.
*استخدام أنظمة تبادل الصور للتواصل.
*استخدام الأجهزة التي تحتوي على تطبيقات تدعم التواصل، وغيرها.
دعم المهارات السابقة
وهنا أوردت أخصائية النطق واللغة هالة أبو لية بعض الأفكار لأنشطة بسيطة لدعم المهارات، منها:
* لعبة الكرة:
– الأدوات المستخدمة: كرة، وشركاء للعب من أفراد الأسرة أو الأشخاص المألوفين للطفل (2 – 3 أفراد)، ومعزز مرغوب للطفل مثل حبات من الحلوى أو موسيقى محببة.
– الهدف: التعرف على أسماء أفراد الأسرة، وتحسين مهارات الانتباه المشترك والتفاعل الاجتماعي.
– العمر المناسب: سنتان فما فوق.
– النشاط: أحضر كرة للعب واجلس في شكل دائرة مع الطفل وأفراد الأسرة. ضع الطفل في حجرك ليسهل توجيهه للهدف في كل مرة.
اطلب من الطفل توجيه الكرة لـ(فلان) مع ذكر الاسم. أعطِ الطفل فرصة للاستجابة. في حال عدم استجابة الطفل أو توجهه نحو شخص آخر، أعد توجيهه نحو الشخص المقصود مكررًا اسمه ثم ساعده ليرمي الكرة لذلك الشخص. على الشخص الذي التقط الكرة أن يبدي فرحة وتشجيعًا وأن يقدم المعزز للطفل.
* لعبة الفقاعات:
– الأدوات المستخدمة: عبوة فقاعات وعصا رفيعة وملونة.
– الهدف: التواصل التعبيري (لفظيًا أو غير لفظي) لطلب مزيد من الفقاعات عن طريق إصدار الأصوات أو أداء الإشارة الوصفية المناسبة أو النفخ.
– العمر: سنة فما فوق.
– النشاط: انفخ كمية من الفقاعات في الهواء للفت انتباه الطفل. ابدأ في التخلص من الفقاعات بمرح باستخدام العصا الرفيعة مع استخدام كلمة (بوب) للدلالة على انفجار الفقاعة. ثم انتظر قليلاً.
إذا كان الطفل مهتمًا باللعبة، سيعطي أي إشارة تواصلية تدل على ذلك مثل النظر أو الإشارة إليك أو إلى علبة الفقاعات. تجاوب مع الطفل وانفخ المزيد ثم انتظر.
قدم للطفل نموذجًا تواصليًا آخر، على سبيل المثال، إذا كان الطفل يشير إلى الفقاعات فقط دون إصدار صوت، شجع الطفل على إصدار الصوت (أوف) للدلالة على رغبته في النفخ، أو (بوب) للدلالة على رغبته في الإمساك بالعصا والتخلص من الفقاعات بنفسه. شجع محاولات الطفل التواصلية دائمًا وأظهر المرح والتفاعل معه.
دراسة سعودية ترصد نقص خدمات علاج وتأهيل الأطفال المصابين بالتوحد في جدة
فى دراسة جديدة من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، تمكن فريق البحث العلمي بإشراف الأستاذ الدكتور محمد جان استشاري وأستاذ طب العلوم العصبية للأطفال بجامعة الملك عبد العزيز، من دراسة مدى توفر الخدمات المختلفة لمرضى التوحد في منطقة جدة.
وأوضح البروفسور محمد جان أن من الضروري على الأطفال المصابين بالتوحد المتابعة في مركز متخصص للتقييم والعلاج، حيث تفيد التقارير بأن هنالك دائمًا تأخيرًا في توفير مثل هذه الخدمات وتقديمها لهؤلاء الأطفال.
وأضاف أن هذا البحث كان عبارة عن دراسة مقننة مستقبلية (مقطعية) تمت خلال عام 2015 بواسطة استبيان مكون من 30 سؤالاً تم توزيعه على عدة مراكز حكومية، وخصوصًا للتوحد في مدينة جدة، شملت العاملين في هذه المراكز لتقييم مدى توفر الخدمات المقدمة للأطفال المصابين بالتوحد.
وقد تم إدراج 12 مركزًا للتوحد، وقد أكمل 136 موظفًا وموظفة الاستبيان.
ذكر ثمانية وسبعون (57 في المائة) من المشاركين أن مركزهم يعاني من نقص في بعض الخدمات المهمة لمرضى التوحد، ومنها برامج العناية المنزلية والتواصل (59 في المائة)، برامج لتحفيز الأسر للمشاركة في تحسين الحالة وتقديم الجوائز للمتميزين منهم (51 في المائة)، برامج تعليمية خاصة لدمج الأطفال (39 في المائة).
أما عن برامج العلاج الوظيفي فقد كانت متوفرة في (16 في المائة).
مع العلم أن كثيرًا من التخصصات غير المتوفرة في المركز يمكن تحويلها لخارج المركز في (24 في المائة) فقط من الحالات لعدم توفرها في معظم الأحيان.
وقد ذكر المشاركون عدة عقبات رئيسية في تقديم الخدمات بصورة مقبولة بما في ذلك مشاركة الأسر (24 في المائة)، ومشكلات الأطفال السلوكية (13 في المائة)، وأعداد الأطفال المتزايدة (9 في المائة)، وبيئة العمل (5 في المائة).
ومن خلال هذه الدراسة استنتج فريق البحث أنه توجد نواقص واضحة في الخدمات المتوفرة لمرضى التوحد في منطقتنا، مع العلم أن التحويل الخارجي في مثل هذه الخدمات محدود، وقد تمكن فريق البحث من تحديد عدد من الخدمات والنواحي العلاجية التي يجب تطويرها وتحسينها للأطفال الذين يعانون من التوحد.
يذكر أن هذا البحث يعتبر الأول من نوعه بالمملكة، وقد تم قبوله ملصقًا علميًا بمؤتمر طب أعصاب الأطفال العالمي الذي عقد في راي (RAI)، مدينة أمستردام بهولندا في الفترة من 01 – 05 مايو (أيار) الماضي 2016.
الشرق الأوسط