سنابل الأمل/ متابعات
بشقّ الأنفس، أنهت مؤسسات ذوي الحاجات الخاصة عاماً مأزوماً، لتضع الأهالي، العام المقبل، أمام خيارين لا ثالث لهما: الإقفال أو تقاضي بدل مادي عن الرعاية والتأهيل.
تلعب وزارة الشؤون الاجتماعية “الكارت” الأخير لرفع موازنات المؤسسات التي تهتم بذوي الحاجات الخاصة قبل التوجّه إلى الخطوة (ب) بتوزّع الأعباء المادية بين الدولة ومؤسسات الرعاية والأهل، إذ شكّل وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجّار لجنة يُفترض أن تحدّد خلال شهر الكلفة الفعلية لرعاية المعوّق، على أن يُرفع تقريرها إلى وزارة المالية للموافقة، وهو ما لن يحصل على الأرجح، أو اللجوء إلى الخيار المرّ.
في اجتماعها الأوّل قبل أسبوع، ناقشت اللّجنة مع الوزارات المعنية وممثلين عن مؤسسات الرعاية الكلفة التي تلبّي الاحتياجات الفعليّة لذوي الحاجات الخاصة في مقابل الكلفة المعتمدة اليوم (40 ألف ليرة يومياً بعد مضاعفتها مرة واحدة بعد الأزمة). رئيسة مصلحة شؤون المعوّقين بالإنابة في الوزارة، هيام صقر، قالت: “إن الدراسة تحتاج إلى نحو شهر لتجهز وتُحوَّل إلى وزارة المالية. وإذا وُجد التمويل نحصل عليه بالعملة الوطنية وفق سعر صيرفة”. وإلى الموافقة على صرف الموازنة، قالت: “نحتاج إلى إيجاد منافذ للأزمة المصرفية، إذ تحدّد المصارف سقفاً لسحب المؤسسات مستحقاتها، فإذا حوّلنا إليها ثمانية ملايين ليرة مثلاً تحصل على مليون ليرة فقط”.
بعيداً عن أنّ الموافقة على صرف الموازنة الجديدة لا تعني حصول المؤسسات عليها فعلاً، ماذا لو لم تأتِ الموافقة؟ تجيب صقر: “عندها نتوجّه إلى الخطة (ب)، ونضطر إلى تعديل العقد المبرم بيننا وبين المؤسسات، والذي يمنع بشكله الحالي تقاضي المال لقاء الرعاية والتأهيل من حاملي بطاقة المعوّق”. وتوضح أن الخطة (ب) تقوم على تقاسم الأعباء المادية بين الدولة والمؤسسة والأهل. نتّفق مع المالية على تحمّل جزء أكبر من التكاليف التي تُصرَف اليوم، وتنفق المؤسسات على استمراريتها من مواردها المالية الخاصة، والباقي على عاتق الأهل.
رئيس الاتّحاد الوطني لشؤون المعوّقين مدير “مؤسسة الهادي للإعاقة السّمعية والبصرية” إسماعيل الزين قال إن الاجتماع تطرّق إلى سيناريوهات يجب قوننتها في أقرب وقت بعد موافقة ديوان المحاسبة والمالية ومجلس الوزراء، والانطلاق بها سريعاً قبل انقضاء العطلة الصيفية، مشيراً إلى أن الاجتماع الثاني للجنة سيُعقد بعد عطلة عيد الأضحى. أمّا في ما يتعلق بمبادرة الدول المانحة، ولا سيّما الكويت وقطر، لدعم مؤسسات ذوي الإعاقة فقد «عُلّقت في انتظار الاستحقاق الرّئاسي.
ولأنّ الحديث يدور حول مقترحات ومخططات من دون نتائج ملموسة، أنهت مؤسسات ذوي الإعاقة عامها بمصارحة الأهالي بعدم قدرتها على الاستمرار في ظل العجز المالي. وعمد عدد منها إلى وضع رسوم للعام المقبل، من دون انتظار قرارات لجنة الشؤون، رابطة استمراريتها بعدد الأهالي القادرين على الدفع. فعلى سبيل المثال، طلبت الجمعية اللبنانية للتربية المختصّة (تضم 80 طفلاً من ذوي الإعاقة الذهنية معظمهم حاملو متلازمة داون) من الأهالي تسديد أقساط تبدأ من 900 دولار، وأبلغت الأهالي أنّ الجمعية التي فتحت أبوابها منذ عام 1965 مهدّدة بالإقفال إذا خسرت الكثير من طلابها. وقالت رئيسة الجمعية رانيا أبي غانم لـ”الأخبار” إنّ “السّبل تقطّعت بنا بعدما تهاوى العمود الفقري للمؤسسة المتمثّل بوزارة الشؤون الاجتماعية، إذ إن ما يصلنا من الوزارة من تقديمات، منذ عام 2021، لا يراعي الكلفة الفعلية، عدا خسارة أموالنا في البنوك. استمررنا باللحم الحيّ وقلّصنا الأيام من خمسة إلى يومين، لكننا عاجزون عن تسديد تكاليف التشغيل ورواتب موظفينا”.
وفي حال أبصرت خطة وزارة الشؤون الاجتماعية النور، ستكون الرسوم المترتبة على الأهالي واحدة، تحددها الوزارة بعد دراسة الكلفة وليس كل مؤسسة، وفق صقر. وهذا يقطع الطريق أمام تسليع الرّعاية والتأهيل. لكن، من سيسدّد عن الأهالي غير القادرين على الدفع؟ وهل ستسود الطبقية بين ذوي الحاجات الخاصة؟
يطرح الزّين أفكاراً تتعلق بحصول أهالي الأشخاص المعوّقين ممن يستفيدون من برنامج أمان للأسر الأشد فقراً على بدلات الرعاية من المنظمات الدولية. ويشير إلى أنّ عددهم قليل في مؤسسة الهادي. في المقابل، هناك أهالٍ شركاء معنا نشيطون، يجمعون التبرعات، ويقدّمون الأفكار. أما اللاجئون الفلسطينيون في المؤسسة، فطلبنا من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تصحيح الرسوم التي تدفعها عنهم بما يتناسب مع الكلفة الفعلية.
الكتائب اللبنانية.