سنابل الأمل/ متابعات
تعرف على حكم حضانة الأم الكفيفة للأولاد غير جائز لهذا السبب .
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المواطنين يسأل عن ما حكم الشرع في استمرار حضانة الأولاد مع الأم مع كونها غير مبصرة؟
وأوضحت دار الإفتاء، أنَّ حضانة الصغير تثبت للأم فاقدة البصر ما دامت قادرة على رعايته وكفايته وتدبير شؤونه بنفسها أو بغيرها، وهذا ما عليه العمل إفتاء وقضاء؛ لأن المدار في حق الحضانة على مصلحة الصغير وحده، فمتى وجدت مصلحته وجد معها حق الحضانة.
حكم حضانة الأم الكفيفة للأولاد
وقالت الدار، حرصت الشَّريعة على أن تُبنَى الأسرة على أسسٍ متينةٍ من صيانة الحقوق ورعاية الواجبات بين أفرادها بما يحقِّق المصلحة الخاصة لأفراد الأسرة والمصلحة العامة للمجتمع التي تعتبر الأسرة لَبِنَتَه، فتحقيق المصلحة هو الذي عليه مدار تنظيم الشريعة للحقوق بين النَّاس؛ ولذا جاء في «الأشباه والنظائر» للإمام السيوطي (ص: 8، ط. دار الكتب العلمية): ما نصه [رجَّع الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقهَ كلَّه إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد، بل قد يُرجع الكلُّ إلى اعتبار المصالح، فإنَّ درء المفاسد من جملتها] اهـ.
وأشارت دار الإفتاء، إلى أنَّ الحضانة بكونها حقًّا قد ثبتت لكلٍ من الحاضن والمحضون، إلا أنَّ حقَّ المحضون في الحضانة أقوى من حقِّ الحاضن؛ فقد نقل الإمام ابن عابدين في “حاشيته” (3/ 559، ط. دار الفكر): عن المفتي أبي السُّعود قوله: [إنَّ أقوى الحقَّين في الحضانة للصَّغير] اهـ. فالمدار في حق الحضانة على مصلحة المحضون وحده، فمتى وجدت مصلحته وجد معها حق الحضانة.
وأضافت دار الإفتاء أنَّ العلماء وضعوا شروطًا لمَن يتولى حضانة الصَّغير؛ من الحرِّية والبلوغ والعقل وغيرها. ومن هذه الشُّروط: شرط القدرة. ينظر: «حاشية ابن عابدين» (3/ 555).
والمقصود بالقدرة هو القيام بحفظ المحضون وتدبيره ووقايته المخاطر والمضار، مع القيام بمصالحه وكافة شؤونه، ولا يخفى أنَّ مصلحة المحضون لا تتحقَّق إلَّا بتوافر هذا الشَّرط، وهو القدرة على القيام بمتطلَّبات هذه الحضانة.
مدى تأثير فقد البصر للحاضن على الحضانة
وتابعت: من الأمور التي قد يؤثر عدمها في تحقّق القدرة على الوجه المطلوب، انعدام البصر، ولا يخفى أن البصر من تمام القدرة، وكون غير المبصر الأعمى قادرًا على القيام بمتطلَّبات الحضانة يُعدّ أمرًا نسبيًا؛ فقد يكون عائقًا في حقّ شخص وليس عائقًا في حق آخر.
ولفتت إلى أنَّ مذاهب العلماء اختلفت في اعتبار العمى صفة مؤثرة في ثبوت الحضانة من عدمه؛ فالحنفية علقوا الأمر على القدرة باعتبارها نسبيَّة؛ فقال الإمام ابن نجيم الحنفي في «الأشباه والنظائر» (ص: 270، ط. دار الكتب العلمية) ضمن أحكام الأعمى: [وأما حضانته فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلًا، وإلا فلا] اهـ. وعقب ابن عابدين في «حاشيته» (3/ 556) على كلام ابن نجيم؛ فقال: [وهو بحث وجيه، وهو معلوم من قول الرملي «قادرة»] اهـ.
أمَّا المالكيَّة والحنابلة فقد نفوا حقَّ الحضانة عن الحاضن المتصف بالعمى؛ لعدم الكفاية وحصول المقصود من حفظ المحضون وتربيته ورعايته؛ فجاء في «منح الجليل شرح مختصر خليل» (4/ 425، ط. دار الفكر) قول الشَّيخ خليل: [وشرط الحاضن: العقل، والكفاية، لا كمسنَّة». وعقبه الشارح الشَّيخ محمد عليش بقوله: (والكفاية) أي القدرة على القيام بما يحتاج إليه المحضون؛ فـ(لا) حضانة لذاتٍ (كمسنَّة)؛ أي كبيرة السن كبرًا مانعًا من ذلك، وأدخلت الكاف: الزَّمِنة، والمقعدة، والعمياء، والخرساء، والصماء؛ ذكرًا كانت أو أنثى] اهـ.
مانشيتات