حقق حلمه بعد انتظار.. موصلي من ذوي الاحتياجات الخاصة يقدم هدية لمدينته

سنابل الأمل / متابعات

لم تمنعه إصابته بالشلل الرباعي وصعوبة النطق من تحقيق حلمه، مصطفى اللهيبي ابن الموصل ترجم ولعه بالقراءة بإهداء مدينته التي خرجت قبل أعوام من ظلمات الإرهاب، أهداها مكتبة أدبية أعادت مع أخريات قلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة افتتاح شارع النجفي الخاص بالكتب بعد سنوات من تحرير المدينة، لتعزز شغفه بكل ما هو مطبوع إذ إنه يفتح الباب بالنسبة له نحو حيوات مختلفة تجسد له الحب والأمل.

لدى مصطفى اللهيبي، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، إصابة ولادية بالحبل الشوكي، لكنه ورغم ذلك أكمل دراسته حبا بالعلم، وبعد نجاحه في السادس الإعدادي، تمكن من دخول المعهد الإداري/ قسم الحاسبات، لكنه لم يستمر فيه طويلاً، لكونه كان في الطابق الثالث، إذ لا وجود للمصاعد أو الطرق المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي دفع به لتحويل قسمه للمالية والمصرفية.

ويقول اللهيبي، في حديث لوكالة الأنباء العراقية (واع):” لم أحظ بوقت كاف لدراستي إذ دخلت عصابات داعش الإرهابية مدينتي، ما جعلني منعزلاً، منعكفاً، ويائساً، فكانت الكتب هي ملجأي الوحيد، وهي القادرة على تخليصي من الألم والحزن، حتى تمكنت من قراءة أكثر من مئتي إصدار أدبي، وتنوع عالم الكتب أخذني في رحلة عبر روايات أجاثا كريستي وقصائد نزار قباني، والروايات العربية والعالمية”.اقرأ

بناءً على هذا الحب والشغف، قرر مصطفى إطلاق مكتبة “اقرأ” ليس فقط كوجهة لبيع الكتب، بل كمركز ثقافي يتواصل مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويوفر خدمة توصيل الكتب، لم يقتصر إسهامه على ذلك، بل شارك في معارض ومهرجانات ثقافية مختلفة؛ لنشر الفائدة والثقافة في مدينته الموصل وخارجها.

يقول مصطفى عن تأثير الأوقات العصيبة وفترة داعش الإجرامي:” تأثير ذلك كان كبيراً على مشاعري وتجاربي في الكتابة، إذ أحببت التعبير عما أشعر به من خلال كتابة قصائد النثر التي تعبر عن حبي لوطني وأملي بالرغم من كل شيء”.

لا محطة لليأس

وبينما كان امتلاك مكتبة حلمه في الماضي، فقد انتابه الشغف والإصرار لتطوير مشروعه الخاص، ولم تمنعه الصعوبات من تحقيق حلمه، بل زادته إصراراً على النجاح، ويصف مصطفى الإصرار بأنه” رحيق من الإرادة وثقة بالنفس”، وهو ما دفعه لاستمرار المضي قدماً حتى وأن انقطعت الأمور عن مسارها المعتاد.

ويوضح،” نملة صغيرة حاملة للطعام، جعلتني أشعر أن بإمكان كل شخص فعل أي شيء يريد، فبدأت بتجميع محتوى مكتبتي، والتحضير لافتتاحها في الواقع بدلاً عن الصفحة الإلكترونية، فرأيت أن هنالك مكتبة أو اثنتين، تمكنتا من الافتتاح والعودة إلى شارع النجفي كمركز ثقافي ريادي في الموصل”.

عندما يتعلق الأمر بقصص الإصرار والتحدي، تبرز قصة مصطفى بشكل ملفت للنظر، إذ تحولت من رحلة شخصية إلى تحفيز للآخرين على تحقيق أهدافهم، وإثبات أن العزيمة والشغف لا تعرف حدوداً، ومصطفى أضاف للشارع المهدم “شارع النجفي” في الموصل نسمات من الشغف والحب للعلم والثقافة.المزيد من الكتب

على الرغم من صعوبة التحرك والتواصل لديه، تجلى إصرار مصطفى في كل نواحي حياته، إذ تحوّلت قصائده النثرية إلى مخرج لمشاعره وأفكاره خلال الأوقات الصعبة، وتحولت كلماته إلى وسيلة لنقل تجاربه وإلهام الآخرين، وتحدى مصطفى تلك الظروف وأطلق إصدارات أدبية تحمل في طياتها جزءاً من رحلته الشخصية وعالمه الداخلي، عبر 4 منجزات هي: “هواجس أقلام وهمس القوارير بعام 2019، وأصوات لا تنام 2021، وهو كتاب يحمل القصص المجتمعية لعمارة وشققها، إضافة لمجموعة “افتح نافذتك” 2023، وهي قصص تحفيزية، وكتابي طيف الحنين، وعازفة القيثارة بقصيدة النثر إذ يساعده والده في كتابة أفكاره، ودعمه المستمر بخطواته نحو عالم القلم”.

ويختم مصطفى قائلاً:” أنا اليوم سعيد جداً بمدى إقبال المواطن الموصلي على شارع النجفي رغم قلة المكتبات فيه، الشباب يتسارعون لقراءة الكتب واقتنائها، هذا شيء رائع ومحفز، لم أفكر يوما بالكرسي المتحرك الذي لازمني طوال حياتي، ولم يكن عقبة في طريقي، يساعدني من يحبني وأحب، وأسير باتجاه الكتابة لأنها شغفي، وأحلم بتوسيع المكتبة وجعلها مركزاً ثقافياً ومنتدى أدبياً للجميع”.

 

و ا ع

اطفال معاقينالأشخــــــاص ذوي الإعاقةتمكين الاشخاص ذوي الإعاقةذوي الإعاقة
Comments (0)
Add Comment