سنابل الأمل/ متابعات
أكد خبراء التكنولوجيا أن القطاع الصحي ودمج ذوي الهمم من أبرز المجالات التي يشهد فيها الذكاء الاصطناعي تأثيرًا عميقًا ومتناميًا وبينما تتسابق الشركات لتطوير أدوات أكثر ذكاءً، تبرز تحديات أمنية وتقنية تتطلب الحذر والابتكار معًا.
عرفة: الذكاء الاصطناعي أصبح أداة لتمكين ذوي الهمم وليس رفاهية تقنية
صرّح الدكتور هشام عرفة، رئيس شركة برايت سكايز للبرمجيات، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تكنولوجيا مستقبلية، بل أصبح أداة جوهرية تعيد تعريف مفاهيم التفاعل والدمج، وخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة. ولفت إلى أن تقنيات الاتصال والرعاية الصحية الرقمية تواجه تحديات متسارعة تتطلب من المستخدمين التكيف مع أنظمة أكثر تعقيدًا وحداثة، وهو ما يعيد رسم العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا.
وأوضح عرفة أن تطور محاكاة اللغة البشرية بفضل الذكاء الاصطناعي ساهم في تسهيل الوصول إلى المحتوى الرقمي، خاصة لأولئك الذين يواجهون صعوبات في استخدام الأنظمة التقنية. وأشار إلى أن لغة برايل، التي طالما كانت محدودة الاستخدام الرقمي، استفادت من أدوات الذكاء الاصطناعي التي باتت قادرة على تحويل النصوص الفورية إلى صيغة قابلة للقراءة للمكفوفين، مما أحدث نقلة نوعية في التفاعل مع المعلومات.
وأضاف أن الأشخاص من فئة ضعاف السمع أصبح بإمكانهم الاستفادة من سماعات ذكية مزوّدة بخوارزميات عزل ضوضاء، تركّز تلقائيًا على صوت المتحدث، ما يعزز من جودة التفاعل الاجتماعي ويُحسّن من نوعية الحياة اليومية لهذه الفئة.
وفي ما يتعلق بالإعاقة الحركية، أشار عرفة إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يُستخدم في تطوير أطراف صناعية قادرة على الاستجابة للإشارات العصبية من الدماغ، مضيفًا: «نحن لا نتحدث فقط عن تكنولوجيا طبية، بل عن أدوات تمنح الإنسان استقلالية جديدة، وتعيد تعريف الحدود بين القدرات الجسدية والتفاعل الرقمي».
خليل: تقنيات الصحة الذكية تحتاج إلى حماية مشددة ومهارات برمجية عالية
من جانبه، تناول المهندس أحمد خليل، المدير العام لشركة «ثيرد ويف إيجيبت»، الجانب الأمني والتقني في مجال الرعاية الصحية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن هناك استخدامات واعدة، ولكنها محفوفة بالمخاطر إن لم تُدار بالشكل الصحيح.
واستعرض خليل مثالاً عمليًا يتمثل في أنظمة مضخات الأنسولين الذكية، والتي تعتمد على تطبيقات الهاتف المحمول لمتابعة حالة المرضى بالتزامن مع الأطباء. وأوضح أن هذه الأنظمة، رغم فائدتها الهائلة، تطرح تحديات أمنية تتعلق بخصوصية البيانات وحساسية المعلومات الصحية، مما يتطلب مهارات برمجية عالية المستوى لضمان استقرار الأنظمة والتدخل الفوري في حال حدوث أي خلل.
وحذر من التعامل السطحي مع الذكاء الاصطناعي، قائلاً إن الاعتقاد السائد بأنه قادر على “تحقيق كل شيء” يجب أن يُقابل بوعي تكنولوجي أكبر، خاصة في المجالات الحيوية مثل الصحة. وأكد أن التطبيقات الصحية يجب أن تُصمم خصيصًا لتلائم حالة كل مريض، مع ضمان التشفير الكامل للبيانات، حمايةً للخصوصية وسلامة الاستخدام.
من الدمج الرقمي إلى الرعاية الوقائية
أجمع الخبراء أن الذكاء الاصطناعي تحول من كونه أداة تحليل إلى لاعب رئيسي في التشخيص، المراقبة، والتمكين، مشيرين إلى أن الدمج الرقمي لذوي الهمم، والذي طالما كان هدفًا نظريًا في سياسات الدمج الاجتماعي، أصبح اليوم واقعًا قابلاً للتحقق، بدعم من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وفي ظل هذه الطفرة، تبرز الحاجة إلى بنية تحتية مؤمنة، وتشريعات تواكب الاستخدامات الطبية للذكاء الاصطناعي، بما يضمن سلامة المرضى، ويقلل المخاطر المحتملة من الاختراقات أو سوء الاستخدام.
ورغم الإنجازات المحققة، يجمع الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي لن يحقق طموحات الرعاية الصحية وتمكين ذوي الهمم إلا إذا ترافقت التكنولوجيا مع الوعي، والحوكمة، والتعليم، والمشاركة المجتمعية. فبينما تُصمم الخوارزميات في المعامل، تظل القيمة الحقيقية لها في قدرتها على تحسين حياة البشر، دون أن تمس أمنهم أو كرامتهم الرقمية.
صدى البلد