سنابل الأمل/ متابعات
من منطلق حق «ذوي الهمم» في معرفة وتعلم المعلومات الدينية الصحيحة، التى تعينهم على تأدية شعائر الدين بوضوح ويسر، وحمايتهم من الوقوع فى براثن الفكر المنحرف تشددا وتفريطا.. يأتى تحرك المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، نحو تكثيف الجهود للتواصل الدعوي مع تلك الفئة المهمة فى المجتمع، مما يسهم فى تعايشهم في حياة كريمة تليق بهم.
يتم ذلك عبر وسائل دعوية حديثة ومتنوعة، سواء من خلال برامج الواعظات بالأزهر، أو برامج وزارة الأوقاف، أو قيام دار الإفتاء بدورها فى تيسير تقديم الفتوى لهم، كى يعيشوا فى سلام وطمأنينة، ويحققوا الاندماج التام في المجتمع؛ باعتبارهم جزءا لا يتجزأ منه.
الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والأمين المساعد بمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، تؤكد استخدام الواعظات وسائل متعددة فى تقديم التوعية الدينية الصحيحة، لذوى الهمم، بمختلف حالاتهم، بهدف رفع الوعى الدينى لديهم، وحمايتهم من الأفكار المنحرفة بكل صورها، خاصة أن البعض منهم لا تُوجد لديه التوعية الدينية الكافية، بل على العكس هناك من يقدم لهم معلومات خاطئة.
جاهزية الواعظات
وتقول إن التعامل مع توعية «ذوى الهمم» يحتاج إلى أسلوب خاص، لذا فنحن نقوم بتدريب الواعظات على معرفة كيفية التعامل معهم، وتوجيهم للطريق الصحيح لدينهم وفهمه، من خلال توصيل المعلومة بطريقة بسيطة ومحببة، لذا قمنا بعمل مجموعات «جروبات» عن طريق تطبيق «واتس آب» لذوى الهمم لتلقى الدروس، وأيضا صفحات على «فيسبوك» للقيام بإلقاء الدروس لهم، سواء سمعية أو بصرية «مقاطع فيديو».
وتبين أنه تُوجد محاضرات أسبوعية مباشرة بالجامع الأزهر، يحضرها جميع الفئات والأعمار من ذوى الهمم، ومنهم أسر كاملة من الأب والأم والأطفال، وأيضا شباب وكبار السن، من خلال داعيات مدربات ومؤهلات لهذا العمل، كما نقدم شهادات تقديرية وجوائز وهدايا تشجيعية للدارسين والدارسات لتحفيزهم جميعا على الاستمرار فى تلقى العلوم والثقافة الدينية الصحيحة، وحمايتهم من الانجراف إلى أى فكر متطرف أو منحرف.
وتضيف أنه يتم حاليا عمل اتفاقات «بروتوكولات» تعاون مع الجمعيات المتخصصة لذوى الهمم، لتعليمهم فنون ومهارات إلقاء الدروس، خاصة لغة الإشارة وأسلوب التعامل لتلقيهم مبادئ الشريعة، والتوعية الدينية الشاملة الصحيحة.
وتشدد على ضرورة وجود مراكز متخصصة لهذه الفئة فى كل القطاعات الدينية ومؤسسات الدولة، «حتى نستطيع تلبية جميع احتياجاتهم وأسرهم، مع تدريب وتأهيل مختلف الأشخاص على كيفية التعامل مع هذه الفئة المهمة من المجتمع، بحيث يجدون من يفهمهم، ويساعدهم فى أى مكان يُوجدون به».
وسائل متنوعة
وحول دور وزارة الأوقاف فى التثقيف الدينى الصحيح لهم، يوضح محمود الجلاد، معاون وزير الأوقاف لشئون الإعلام، أن الوزارة من خلال وسائل متنوعة، واستثمار وسائل التكنولوجيا الحديثة؛ تكثف جهدها الدعوى للتواصل مع جميع حالاتهم فى كل المحافظات، عبر استراتيجيات تهدف لتيسير حياتهم، وتعزيز تمكينهم فى مختلف مجالات الحياة.
ويشير إلى أن وزارة الأوقاف تسهم فى إعداد الإستراتيجية الوطنية للبناء الثقافى للمجتمع، ودمج ذوى الهمم بما يدعم هذا التوجه، ويحقق أهداف العدالة الاجتماعية، فى إطار الاهتمام بالنوع الاجتماعي، والعمل على تيسير حياتهم.
ويؤكد أن الوزارة تنفذ أنشطة وبرامج متنوعة دعوية، لذوى الهمم، فى كل المديريات الإقليمية، بما يسهم – بصورة كبيرة – فى تدعيم إرادتهم وطاقتهم نحو النجاح والعيش بإيجابية فى الحياة، وتنمية إبداعاتهم، والتفاعل مع العالم والطبيعة من حولهم.
ويشدد على أن «الأوقاف» ستظل داعمة بمختلف الوسائل، لكل ما يحقق التمكين لهذه الفئة الكريمة، انطلاقًا من رسالتها الوطنية والدينية، قائلا: «هذه الشريحة الواسعة من المجتمع تشتمل على عقول ذات قدرات فائقة، ومواهب متنوعة فى مجالات مختلفة، وعلينا اكتشاف هذه المواهب، وحسن رعايتها، وتنميتها، ووضعها فى المكان اللائق».
تيسير الفتوي
فى سياق متصل، يؤكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الدار تولى ذوى الهمم عناية كبيرة، خصوصا فى إعمال مبدأ التيسير فى الفتوى الذى رفع الله، تعالى، به المشقة فى العبادات والمعاملات عن كاهلهم، انطلاقا من قوله تعالي: «وما جعل عليكم فى الدين من حرج»، وقوله: «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج».
ويتابع إن التيسير عليهم يشمل أيضا إجراءات الاستفتاء، وتوصيل الخدمة الإفتائية لهم بشكل لائق، وهو ما تقوم به الدار حاليا، عبر وسائل متعددة، بما فيها وسائط التكنولوجيا الحديثة.
تجارب عملية
وحول الوسائل والأدوات التى يتم استخدامها بصفة عامة لتعليم «ذوى الهمم» أمور دينهم، تؤكد منى عاشور، من واعظات الأزهر، أنه يتم استثمار جميع وسائل التكنولوجيا الحديثة فى التوعية الدينية الصحيحة لهم وبمختلف أعمارهم، كل حالة بما يناسبها، حتى تكون النتائج أفضل وأسرع.
وتروى نعمة محمد الشنشوري، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، بمنطقة جنوب سيناء، تجربتها فى التعامل مع «ذوى الهمم»، فتقول: «كنت أذهب إلى مدرسة الشهيد أحمد منسى بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء للتربية الخاصة، وكنت أجرى لقاءات مباشرة مع طلاب المدرسة لغرس القيم الحميدة، وتعليمهم الوضوء والصلاة وبعض سور القرآن الكريم التى تعينهم على أداء الشعائر كالصلاة».
الأهرام