سنابل الأمل/ متابعات
أجمع عدد من المختصين على أن لغة الإشارة تُعد وسيلة أساسية لدمج أصحاب الهمم في المجتمع وتسهيل تواصلهم مع الآخرين، مؤكدين أن وعي الأسرة وتعلمها لهذه اللغة يسهم بشكل كبير في دعم الطفل الأصم منذ سنواته الأولى.
وأشار المختصون- في تصريحات لـ”الرؤية”- إلى أن نقص الاهتمام المجتمعي بلغة الإشارة يخلق فجوة بين فئة الصم وبقية أفراد المجتمع، مشددين على ضرورة إدراج لغة الإشارة ضمن المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية، أو توفير المزيد من الدورات التعليمية لعموم المجتمع.
وقال سعيد بن محمد البداعي خبير لغة الإشارة وقضايا الصم والرئيس الإقليمي للمترجمين بلغة الإشارة لمنطقة الخليج بمنظمة “صلة” للمترجمين العرب ومدير معهد التواصل للتدريب، إن لغة الإشارة تمثل أهمية بالغة للعنصر البشري باستخدامه لها وفي مختلف المجالات ولا يمكن الاستغناء عنها، لافتاً إلى أنه من الضروري أن يكون جميع أفراد المجتمع على دراية بهذه اللغة خاصة الجندي والشرطي والمدني والتاجر والقانوني والرياضي.
وأضاف أن لغة الإشارة بمثابة اللغة الأم لذوي الإعاقة السمعية كما أنها وسيلة رئيسية لمعالجة المواقف بمختلف أنواعها، إذ يعتمدون عليها في فهم ما يدور من أحداث ومجريات وتناقل الأخبار والمعلومات فيما بينهم والآخرين، مضيفا: “تتضح أهمية هذه اللغة لأنهم يعتبرونها ضرورية للنمو والتطور الثقافي والمعرفي والشخصي، كما أنها تحررهم من قيود اللغة اللفظية التي يعجزون عن فهمها والتعامل بها، وتقلل من إحساسهم بالفشل والشعور بالدونية الناتج عن هذا العجز، فالتواصل بلغة الإشارة يربطهم بالعالم”.
وأكد البداعي ضرورة تعلم لغة الإشارة للتعرف والتقرب من هذه الفئة، مبينا أنها لم تعد لغة تواصل فحسب بل لغة إبداع وفن، حيث أبدع الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية في اقتناص الجائزة الأولى في المسرح الخليجي لتمكنهم من الأداء المهاري لإيصال الرسالة المسرحية للجمهور، مشيرا إلى أن عُمان تهتم بلغة الإشارة ونشرها في المجتمع، إذ جرى إنشاء معهد التواصل للتدريب منذ العام 2016م، الذي يعمل على تعليم لغة الإشارة وتأهيل ذوي الإعاقة السمعية ضمن برامج عدة معتمدة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
وفي السياق، ذكر المهندس سلطان الوهيبي مدرب ومترجم لغة الإشارة: “من خلال تجربتي واندماجي مع هذه الفئة المهمة من ذوي الإعاقة السمعية خلال السنوات الماضية وحتى الآن، لاحظت تطورًا ملحوظًا في وعي المجتمع تجاه أهمية لغة الإشارة، خاصة مع تزايد الورش التدريبية والمبادرات التي تهدف لنشر هذه اللغة وتعزيز فهمها، وأنا أؤمن أن الثقافة العامة بدأت تتجه نحو احتواء هذه الفئة والتعامل معهم كشركاء فاعلين في المجتمع”.
وأشار الوهيبي إلى ضرورة تعزيز نشر ثقافة لغة الإشارة من خلال تعليمها ودمجها في مناهج المؤسسات التعليمية، إلى جانب تدريب الموظفين على أساسياتها، وتمكين ذوي الإعاقة السمعية من إيصال صوتهم والتعبير عن قضاياهم عبر الإعلام والمنصات العامة، مضيفا أن تعزيز فرص التوظيف ودمجهم بشكل فعّال في مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص ضمن الخطوات التي ستزيد من انتشار تعلم لغة الإشارة.
وأكد: “الاهتمام بلغة الإشارة وتمكين أصحابها يمثلان قاعدة أساسية تضمن فرص التعبير والمشاركة المتساوية لجميع فئات المجتمع، ويسهمان في بناء مجتمع قوي ومتكاتف”.
بدورها، قالت أمل بنت مبارك العريمية أخصائية العلاج النفسي ومدربة ومترجمة لغة الإشارة، إن لغة الإشارة هي وسيلة تواصل مع أشخاص لذوي الإعاقة السمعية والناطقين باستخدام اليدين وإيماءات الوجه وحركة الشفاه، مضيفة: “ولأن الأشخاص لذوي الاعاقة السمعية جزء لا يتجزأ من المجتمع يجيب علينا التعلم والهدف هو التواصل مع هذي الفئة، وتقديم الخدمة الإنسانية والاجتماعية في نفس الوقت، وأيضا الشعور بالمسؤولية المجتمعية تجاه هذه الفئة”.
ولفتت إلى أن سلطنة عمان تعد من الدول التي تقدمت في استخدام الإشارة وتوظيفها في مجالات عديدة، ومنها مؤسسات الخدمة والمدنية والإعلام، وذلك من خلال ترجمة الأخبار والمواضيع الثقافية بالإضافة إلى مواضيع صحية، مبينة أن استخدام لغة الإشارة يجب تعزيزه في المناهج التعليمية والكليات والجامعات، وتكثيف البرامج في مجال تعلّم لغة الإشارة في المؤسسات الحكومية والخاصة، وتبني القواميس الأكاديمية الخاصة بلغة الإشارة، لنشر هذه اللغة وتعزيز اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع الحاضر.
وتابعت قائلة: “شعور ذوي الإعاقة السمعية من خلال التواصل معهم بلغتهم المتميزة يجعلهم في سعادة كبيرة جدا لأنك تلامس قضيتهم، وهذا يجعلهم أكثر اندماجاً مع الآخرين”.
من جانبه، قال يحيى بن محمد البراشدي مدرب ومترجم لغة الإشارة، إن المجتمع العماني يعي أهمية لغة الإشارة للتواصل مع ذوي الإعاقة السمعية، وبدأ عدد كبير في تلقي تدريبات لتعلم هذه اللغة وللتواصل مع زملائهم من فئة ذوي الإعاقة السمعية، سواء في الأسرة أو في بيئة العمل، مبينا: “المؤسسات الحكومية والخاصة بدأت بتدريب موظفيها على لغة الإشارة وذلك لوعيهم بأهميتها وسهولة التواصل مع المراجعين والعملاء، وبخصوص التوعية الإعلامية كان للمترجم الإشاري حضور في تلفزيون سلطنة عمان في مختلف البرامج وذلك لنقل ما يحدث حولنا للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية وهذا ما يمكنهم من الاندماج الشامل في المجتمع”.
وأكد البراشدي أن هناك عدة طرق ممكن أن تسهم في تعزيز الوعي بأهمية لغة الإشارة، من خلال إقامة ورش ودورات تدريبية، بالإضافة إلى إدراج لغة الإشارة في المناهج المدرسية والجامعية، وتوظيف مترجمي لغة الإشارة في مختلف المؤسسات، ودعم التقنيات المساعدة والتطبيقات الذكية التي تحقق الوصول الشامل”.
كما لفت إلى ضرورة إشراك ذوي الإعاقة السمعية في اللجان المختلفة التي تناقش مختلف المجالات المتعلقة بهذه الفئة على المستوى المجتمعي والمؤسسي، مضيفا: “لا ننسى ضرورة تشجيع المشاريع الريادية التي تخدم ذوي الإعاقة السمعية، والتركيز على البرامج التأهيلية والتطويرية بما يتناسب مع مهارات وقدرات ذوي الإعاقة السمعية مع الأخذ بيد أصحاب المهارة وتشجيعهم بالاستفادة الكاملة من قدراتهم”.