الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. رؤية جديدة نحو مستقبل أفضل

سنابل الأمل / متابعات

تواصل اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان جهودها الرامية إلى تطوير آليات عملها وتوسيع دائرة تأثيرها في ترسيخ ثقافة الحقوق والواجبات، ومتابعة تنفيذ التشريعات والسياسات الداعمة لحقوق الإنسان في سلطنة عُمان، بما ينسجم مع النظام الأساسي للدولة والمواثيق الدولية، إلى جانب تعزيز شراكاتها مع الجهات الوطنية والدولية بما يكفل تحقيق نتائج أكثر فاعلية واستدامة.

وقد أشار التقرير السنوي للجنة العُمانية لحقوق الإنسان لعام 2024م إلى شُروع اللجنة في العمل على مشروع إعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك ضمن نظام اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان الوارد في المرسوم 57/2022 في المادة (11).

وقامت اللجنة بتشكيل فريق رئيسي للعمل على إعداد المشروع، وذلك بعد التنسيق مع وحدة تنفيذ ومتابعة ‘رؤية عُمان 2040’، وباشر الفريق مهامه من خلال الاطلاع على تجارب الدول النظيرة ودراسة التجارب المحلية والإقليمية في إعداد الاستراتيجيات الوطنية لحقوق الإنسان، وتحديد التوجه الاستراتيجي والمرتكزات الرئيسية للاستراتيجية من التشريعات والسياسات والتوعية المجتمعية والتعليم والموارد البشرية والشراكات والتعاون الدولي وآليات الحماية والمساءلة لحماية حقوق الإنسان (المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق الفئات الأولى بالرعاية)، وآليات الرصد والمتابعة، واستخدام التقنية. واعتمد التوجه الاستراتيجي من خلال عقد اجتماع جانبي في المنتدى الإقليمي «الرؤى الوطنية» بمحافظة ظفار بحضور عدد من الخبراء الدوليين من مختلف المنظمات الدولية. كما تم تشكيل فريق تنفيذي يضم مجموعة من الخبراء المحليين من مختلف الجهات ذات العلاقة، حيث عُقدت حلقة عمل حول مؤشرات حقوق الإنسان من خلال جلسات نقاشية مشتركة مع جميع الأطراف ذات الصلة للخروج بدليل للمؤشرات واعتماد الخطة الإعلامية المصاحبة لإعداد مشروع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. كما تم تشكيل فريق للمشاركة في إعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة مع وزارة الاقتصاد والمشاركة في جميع المحاور والأولويات ذات العلاقة بحقوق الإنسان والتي تترابط مع أهداف ‘رؤية عُمان 2040’، وذلك لضمان وجود مبادرات ومؤشرات اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان ضمن عناصر جميع الجهات المشاركة ذات الصلة.

دراسة طيف التوحد

وفيما يتعلق بحقوق الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، قامت اللجنة بإجراء دراسة بعنوان «الواقع والتحديات والمأمول لذوي اضطراب طيف التوحد في سلطنة عُمان»، حيث تعاونت اللجنة مع باحثين متخصصين، واستهدفت الدراسة أولياء أمور الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد والعاملين معهم، وذلك للكشف عن واقع الخدمات المقدمة والتحديات التي يواجهونها والمأمول في تطوير الدعم لهذه الفئة. وتم تنفيذ الدراسة بالتعاون مع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم وجمعية الأطفال ذوي الإعاقة والجمعية العُمانية للتوحد والمركز الوطني للتوحد ومستشفى المسرة والمدينة الطبية الجامعية والمدينة الطبية للخدمات الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية، وكلية التربية بجامعة السلطان قابوس ووزارة الصحة، بالإضافة إلى عيادة «احتواء» ومجموعة من أولياء أمور الأطفال التوحديين والعاملين معهم.

وأظهرت النتائج أن التحديات التي تواجه ذوي اضطراب طيف التوحد سجّلت أعلى متوسط مقارنة بالواقع والمأمول؛ حيث تمثلت أبرزها في العزلة الاجتماعية، ونقص البرامج التدريبية والتأهيلية التي تساعد على اكتساب المهارات الحياتية اللازمة، ونقص المرافق الصحية المجهزة لتلبية احتياجاتهم. أما واقع الخدمات المقدمة فجاء بدرجة منخفضة، مع وجود نقص في توفر الأجهزة الطبية والدعم التكنولوجي المساند في البرامج التأهيلية والتعليمية.

وتمثل المأمول من الدراسة في ضرورة تطوير برامج تدريبية مرنة تستهدف الأسر والأخصائيين، وتطوير استراتيجيات التشخيص المبكر والتدخل العلاجي، وتجهيز مرافق وتقنيات مساندة تتناسب مع احتياجات الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. وأوصت الدراسة بتوحيد الجهود الحكومية والمجتمعية في هذا المجال لضمان جودة حياة أفضل لهذه الفئة وأسرهم.

رعاية كبار السن

كما تبذل اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان جهودًا متواصلة في مجال حماية ورعاية كبار السن لضمان حقوقهم الأساسية من خلال التشريعات والقوانين التي تعزز مكانتهم وتحميهم من أي إساءة أو إهمال. وقد قامت اللجنة بعدد من الفعاليات في هذا الجانب، حيث نظمت احتفالًا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار «ركيزة الوطن: خطوات مستدامة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن»، وركزت الفعالية على تقدير دورهم المحوري في بناء الوطن وتأكيد التزام سلطنة عُمان بتوفير الرعاية الشاملة وحماية حقوقهم من خلال التشريعات والقوانين. وشهد الحفل الإعلان عن أبرز المبادرات والمشاريع التي نفذتها المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، والتي كان لها إسهام ملموس في حماية وتعزيز حقوق كبار السن، منها: منفعة كبار السن، ومبادرة «إسعاف» لجمعية إحسان، ومبادرة قرية المسفاة لكبار السن بولاية دماء والطائيين لوزارة الصحة، ودار الرعاية الاجتماعية بولاية الرستاق التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، ومبادرة «القرية المتعلمة» لوزارة التربية والتعليم، ونادي «القلوب العذبة» التابع لجمعية المرأة العُمانية في بهلا، ومبادرة منتدى عُمان الأول لرعاية كبار السن، ومبادرة «كبارنا عطاء لا ينتهي». وهدف هذا التقدير تحفيز المؤسسات والأفراد على تبنّي مبادرات مستدامة تدعم حقوق هذه الفئة وتعزز مشاركتهم في المجتمع.

وأوصت الجلسة الحوارية «حماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان» التي نظمتها اللجنة في شهر ديسمبر 2024م بإيجاد آلية لضمان توحيد الجهود والتكامل بين جميع الجهات المعنية بتقديم الخدمات لكبار السن، والعمل على إصدار قانون شامل لحماية وتعزيز حقوق كبار السن في سلطنة عُمان يتفق مع المعايير الدولية ذات الصلة، وتحديث التشريعات الحالية بما يتماشى مع التغيرات الديموغرافية والاجتماعية.

وأوصت أيضًا بوضع مؤشرات لقياس مستوى الخدمات المقدمة لكبار السن، والعمل على إنشاء قاعدة بيانات وطنية متكاملة لتوجيه الخطط الوطنية الرامية إلى تحسين جودة حياتهم، ودمج قضايا كبار السن في خطط التنمية المستدامة ورؤية عُمان 2040، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مجال رعاية كبار السن.

كما أوصت بإطلاق يوم وطني مخصص لكبار السن لزيادة الوعي بأهمية حقوقهم، وإطلاق مسمى محلي يليق بهم وبمكانتهم وبالخدمات التي قدموها لوطنهم، ومتابعة تطبيق الاستراتيجية العربية لكبار السن في سلطنة عُمان وقياس التقدم المحرز سنويًا.

ودعت اللجنة إلى تعزيز برامج الرعاية الصحية المنزلية والزيارات الطبية المتنقلة لخدمة كبار السن في مناطق سكناهم، وتنظيم حملات توعية صحية تستهدف تعزيز نمط الحياة الصحي بين كبار السن، وتوفير تدريب متخصص للكوادر الصحية للتعامل مع التحديات الصحية والنفسية للمسنين. كما دعت إلى تشجيع المؤسسات الخاصة والحكومية على توفير تسهيلات وخدمات لكبار السن كونهم من الفئات الأولى بالرعاية في المجتمع، وتعزيز برامج الأندية الرياضية التي تستهدف كبار السن، وتوفير برامج اجتماعية وتعليمية وترفيهية لهم داخل الأندية، وتنظيم حلقات عمل ونقاش تشمل أفراد المجتمع وأسر كبار السن. وأوصت كذلك بإطلاق حملات إعلامية مستدامة تركز على إبراز دور كبار السن في المجتمع وتعزيز احترامهم، والاستمرار في إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية تعكس تجاربهم ومساهماتهم وتسلط الضوء على حقوقهم، وإشراك كبار السن في صناعة المحتوى الإعلامي، ودعم مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية التي تعمل في مجال رعاية كبار السن وتشجيع المتطوعين على الانخراط في برامج الرعاية الخاصة بها، وتشجيع الأسر البديلة لرعاية كبار السن الذين لا يمتلكون أسرًا داعمة. كما أكدت على أهمية توفير برامج تدريبية مبسطة لتعليم كبار السن استخدام التكنولوجيا الحديثة، بما يتيح لهم الوصول إلى الخدمات الحكومية والصحية، وتوفير دورات تدريبية مجانية لتعليمهم كيفية استخدام الهواتف الذكية والمنصات الرقمية، وتطوير تطبيقات خاصة تقدم لهم خدمات مثل المواعيد الطبية والتذكير بالأدوية والدعم الاجتماعي. كما أوصت بتشجيع فرص العمل الجزئي أو التطوعي لكبار السن بما يتناسب مع قدراتهم وخبراتهم، ودعم الدراسات العلمية حول قضايا الشيخوخة وتأثيراتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وإجراء بحوث ودراسات مستمرة لتقييم احتياجات كبار السن وتحسين الخدمات المقدمة لهم بما يتماشى مع المعايير الإقليمية والدولية، وتعزيز دور الجامعات والكليات لتكون بيئة مرحبة بكبار السن لمواصلة التعليم.

Comments (0)
Add Comment