سنابل الأمل/ متابعات
“أنا قادم أيها الضوء”.. يبدو أن هذه المقولة – والتي تحمل اسم كتاب الصحفي الراحل، محمد أبو الغيط – أصبحت بمثابة إلهام للمكافحين الذين قرر السرطان أن يقف بينهم وبين رحلتهم الحالمة، فاليوم لدينا قادم آخر للضوء، وهو مهندس البرمجيات عادل شعبان، الذي رحل عن عالمنا بعد صراع مضني مع مرض السرطان.
تتشابه قصة المهندس عادل شعبان وفقيد الأسرة الصحفية، محمد أبو الغيط في أن الراحلين لم يتركهما السرطان ليكملا أحلامهما الكبيرة، وقرر أن ينهي رحلتيهما مبكرا دون رحمة.. عادل شعبان والذي عاني منذ طفولته من مرض الشلل الدماغي، قرر أن يشق طريقه وبقوة مثله مثل أي شخص “صحيح جسديا” ليسطر لنفسه ولكل من يعانون من مرضه قصة إلهام وكفاح أساسها العزيمة والإرادة الصلبة.
أصر عادل شعبان على دخول المدرسة – مثل مثل أى طفل آخر – وعلى الرغم من رفض المدرسة قبوله في البداية بحجة أنه من ذوي الهمم ويحتاج لمدرسة خاصة، إلا أن إرادته الكبيرة رغم سنه الصغير كانت المحرك الذي دفعه لتحقيق “المستحيل”.
نبوغ وتفوق دراسي رغم المعاناة
حصل عادل شعبان على مجموع ٩٧٪ في الثانوية العامة، وبعدها التحق بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس ليتخرج فيها بتقدير جيد جدا.
حياة مهنية حافلة بالنجاح
في البداية تم رفضه من قبل عدد كبير من الشركات، وكما أخبر “صدى البلد” في حوار سابق : “تم رفضي كالعادة من قبل إدارة الموارد البشرية بسبب ظروفي الصحية، ولكن “التكنيكال مانجر” قرر التدخل بنفسه ليتم قبولي ودخل في تحدٍ مع الشركة ليتحمل مسئولية تعييني، وتعتبر هذه نقطة إنطلاقي بعد هذه الفرصة”.
وانطلق عادل شعبان بعدها إلى عدد من الشركات المحلية ليصل لقائد فريق ” team leader” ثم إلى شركة بوكينج في هولندا، لتكون بعدها النقلة النوعية في حياته ويعمل في واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في الكوكب، وهي شركة أمازون.
القضايا التي حملها عادل شعبان على عاتقه.. ودفاعه الدائم عن حقوق ذوي الهمم
كثيرا ما كان ينوه شعبان على أهمية الوعي والثقافة المجتمعية ودورها في تحويل ذوي الاحتياجات الخاصة من أشخاص قد يشكلون عبئا على الأسرة إلى أشخاص مثمرين ومعيلين للأسرة نفسها، مؤكدا أن النظرة السلبية تجاه ذوي الاحتياجات تمثل عبئًا نفسيا كبيرا وكثيرا ما تعوق عن النجاح ، وأنه بشكل شخصي تعرض للتنمر من بعض الأشخاص ، حتى أن هناك بعض والعبارات المسيئة التي لا يستطيع نسيانها حتى الآن .
وفي أحد لقاءاته معنا شدد على المشكلة ليست في أن نسبة الـ ٥٪ المخصصة لذوي الهمم عادلة أم لا ولكنها على الرغم من قلتها فإنه لا يتم تطبيقها حتى، ولا بد من وجود جهات رقابية تضمن تنفيذ هذه القوانين، وكان يرى أن الكوتة في الوقت الحالي مهمة جدا ، وفكرة إلغاءها واعتبار ذوي الهمم جزء طبيعي من المجتمع يحتاج إلي سنوات وسنوات من العمل وتغيير الثقافة المجتمعية.
وأكد أن هناك مشكلتين أساسيتين تقفان عائقا في طريق ذوي الاحتياجات الخاصة وهما المدارس والطرق ، حيث أنه لا توجد مدارس مخصصة بشكل كاف لتتناسب وجميع ذوي الاحتياجات وكذلك الطرق الغير مؤهلة .
وكان شعبان يردد دائما أنه لا يزال أمامنا سنوات طويلة من النشر الوعي في الإعلام والمجتمع لنصل إلي مرحلة مقبولة من توفير الأساسيات التي يحتاجها ذوو الاحتياجات، حيث يجب التركيز على تقبل الآخر ، وتوفير أكبر عدد من مدارس الدمج وتطويرها ، وتأهيل المدرسين ليستطيعوا التعامل نفسيا مع الطلاب .
إصابته بالسرطان وكفاحه حتى انتهاء الرحلة يوقف معها أحلامه الكبيرة
كعادته لم يستسلم عادل شعبان، فمنذ أن تم تشخيصه بمر ض السرطان، قرر أن يكافح حتى النهاية، حيث كانت لديه الكثير من الخطط والأحلام التي يريد أن يقوم بتحقيقها منها اطلاق مبادرة خاصة من لمساعدة الأطفال والشباب للتغلب على الشلل الدماغي، كما كان يقوم بتقديم العون بشكل شخصي لأي مصاب بالشلل الدماغي، كما كان يتصل به أولياء أمور لأطفال مصابون بالمرض ويطلبون منه النصيحة لكيفية التعامل الصحيح مع الأطفال سواء في التربية أو الدراسة.
حلم آخر من أحلامه أخبر به “ صدى البلد”، وهو مشروع لعمل تطبيق يمكنه أن يخدم مرضى السرطان في مصر والدول العربية، حيث يمكن لهذا التطبيق أن يوفر شبكة كبيرة من الأطباء المتخصصين الذين يمكنهم مساعدة المرضى في أي وقت، وتوفير أفضل النصائح والإرشادات اللازمة لهم.
وتحدث عادل شعبان مع “صدى البلد” عن أمنيته في استكمال مشروعه هذا، ولكن معاناته الأخيرة وتدهور حالته الصحية حال بينه وبين ما يتمنى
صدى البلد