الإبداع في مواجهة التحديات.. قصص مُلهمة من حياة ذوي الإعاقة

0 2

سنابل الأمل / متابعات

في عالم يتطلب الكثير من الإصرار والتحدي، تبرز قصص مبدعين كأمثلة حية على كيف يمكن للإعاقة أن تكون دافعًا للإبداع بدلًا من عائق. من خلال تجاربهم الفريدة تمكنوا من التعبير عن أنفسهم وإلهام الآخرين وتحدي المفاهيم التقليدية حول الإعاقة.

تقول رؤى بنت أحمد الفزارية أن الإعاقة لم تكن حاجزًا في مسيرتها، بل كانت دافعًا لها لتحقيق أحلامها. في عام 2004، كانت لحظة التحول عندما تعرضت لإصابة أدت إلى شلل نصفي وتضيف: “شعرت بالخوف في البداية، خاصة مع جلوسي في الكرسي المتحرك”، موضحة أن الدعم الذي تلقته من جلسات العلاج الوظيفي في المدينة الطبية للقوات المسلحة كان له تأثير عميق عليها.

بدأت رؤى مشوارها الفني في الصف الخامس؛ حيث كانت تمارس الفن التشكيلي، بما في ذلك نقوش الحناء والرسومات. لكن إصابتها أدت إلى توقفها عن ممارسة موهبتها لفترة طويلة. بعد خضوعها لعدة عمليات، تلقت دعمًا في قسم العلاج الوظيفي، الذي فتح لها أول معرض شخصي في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية عام 2011.

تواجه الفزارية تحديات عديدة بسبب حالتها الصحية، لكن تصميمها على التغلب على الصعوبات دفعها للمشاركة في المحافل الفنية الخارجية . تقول: “حصلت على الملكية الفكرية في مجال الفن التشكيلي، وشاركت في معارض دولية في السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وإيطاليا”، وحصلت على تقدير خاص في المعرض الفني الأول للأشخاص ذوي الإعاقة في السعودية .

الفزارية تلقت أيضا دعمًا من مجموعات فنية مثل “نلتقي من أجل الفن”، تحت إشراف جمال الجساسي، بالإضافة إلى مجموعة “صالون المواطنة الثقافي” بإشراف الدكتورة بدرية الوهيبية، التي تهدف إلى تعزيز الهوية العمانية في الفنون.

واختتمت حديثها قائلة: “هدفي هو الحفاظ على الهوية العمانية في أعمالي الفنية، ومواصلة المشاركة الفعالة التي تثبت وجودي في المجتمع، وأن أمثل نفسي وبلدي في المحافل الدولية”.

دعم معنوي

“الحمد لله الذي جعل في الابتلاء أجرًا”، بهذه العبارة بدأت تميمة بنت علي الناصرية حديثها، مشيرة إلى تأثير إعاقتها على حياتها. “إعاقتي كانت معلمي في الحياة؛ علمتني الصبر وعرّفتني معنى الصحة الحقيقية”، تقول تميمة، التي عانت منذ الصغر من هشاشة العظام. ومع كل كسر تعرضت له، كانت آثار الإعاقة تتزايد، مما جعل التنقل والاستقلال يمثلان تحديًا كبيرًا.

تستذكر تميمة دعم والدها الراحل، الذي كان له أثر بالغ في حياتها. “كان يقول لي دائمًا: “أنتِ قوية، أنتِ قادرة”، وكان يحثني على حفظ القرآن الكريم”، مضيفة: إن كلماته لا تزال تشجعها في كل خطوة تخطوها.

منذ أكثر من 15 عامًا، بدأت تميمة في نشر أعمالها عبر الإنترنت؛ حيث لاقت إعجاب المتابعين. وتقول: “اللحظة التي أشعر فيها أنني قادرة على تحقيق النجاح هي حين تزداد الطلبات وتأتيني بكثرة”. على الرغم من الصعوبات التي واجهتها في البداية، تمكنت من الالتحاق بدورات تدريبية محلية ودولية، وهي الآن جزء من برنامج تدريبي ضمن مجلس التأسيس لرابطة عُمان للتصميم والابتكار.

تمكنت تميمة من تحقيق نجاحات ملحوظة؛ حيث انتشرت أعمالها في الجامعات والكليات ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، مما جعلها تشعر بالفخر لما حققته. ورغم الدعم المعنوي الكبير من المجتمع .

تطمح تميمة إلى افتتاح شركة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، تركز على تقديم الدعم لمواهبهم في مختلف الأعمال الفنية مؤكدة أن الإبداع يلعب دورًا محوريًا في تغيير المفاهيم حول الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال تقديمهم بصور إيجابية تبرز قدراتهم بدلاً من إعاقتهم.

شغف وطموح

سامي الحضرمي منذ طفولته، عانى من شلل دماغي أثر على قدرته على الحركة، لكنه لم يدع ذلك يعوق طموحاته.

على الرغم من الصعوبات الجسدية، كان لديه شغف كبير بالفنون. وقال: “كنت أقضي ساعات في رسم الصور وتلوينها، وكان هذا يساعدني على التعبير عن مشاعري”، موضحا أنه بدعم من والدته، التي كانت دائمًا تشجعه، بدأ سامي في عرض أعماله في المعارض المحلية .

وأضاف: “من خلال شبكة من الأصدقاء والمعارف تمكنت من الالتحاق بدورات فنية محلية، وأطمح في عمل حلقة عمل فنية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة؛ حيث يمكنهم التعبير عن إبداعاتهم وتطوير مهاراتهم.”

واختتم حديثه قائلا: “أؤمن أن الإبداع يمكن أن يغير المفاهيم حول ذوي الإعاقة، نحن قادرون على الإبداع، وعلينا أن نُظهر للعالم أننا نستطيع تحقيق أحلامنا، مهما كانت التحديات”.

دعم وإصرار

وتقول عفاف بنت سعيد الإسماعيلية: “في رحلة الحياة، يكمن الحلم في تأسيس مشروع خاص، وقد بدأت هذه القصة مع رؤية غير واضحة. كنت أحلم بفتح مشروع في مجالي فن التجميل أو تصميم الأزياء، لكنني كنت أبحث عن خط مميز يبرز في السوق. بفضل الفرصة التي أتيحت لي لدراسة فن التطريز في المملكة المتحدة، ودعم والدي وإخوتي، تمكنت من تحقيق حلمي”. وأكملت: “عند عودتي إلى وطني، بدأت انطلاقتي في فن التطريز مستلهمة من التراث العماني، وبالتحديد من ولاية إبراء. كنت أعمل بمفردي في المنزل، مستخدمة الخيوط والإبرة، ونجحت في تقديم تصاميم فريدة. بدعم صندوق الرفد، تمكنت من التوسع ودمج العناصر الحديثة مع التراث في كل قطعة أصممها.”

وأضافت: “خلال مسيرتي، واجهت بعض التحديات في ، لكن مع مرور الوقت، أصبح الأمر أسهل بفضل فهم الموظفين لي، كان والدي هو الداعم الأول، تلاه صندوق الرفد، مع دعم إخوتي وأبناء عائلتي، لم أتوقع أن يتقبلني الجمهور بهذه السرعة، خاصة كوني من ذوي الإعاقة السمعية، لكن حبهم لقطعتي المصممة عزز ثقتي وجعلني أواصل العمل. لقد قمت بدمج التراث والحديث في تصاميمي، مما جعلني أتميز عن الآخرين. كل عميلة تأخذ قطعة من عفاف كوتور تعود لشراء المزيد.” موضحة حتى الآن، حققت نجاحات كبيرة على الصعيدين الشخصي والمهني، وأكبر مكافأة هي حب الناس وثقتهم بي. وأطمح في المستقبل إلى دعم ذوي الإعاقة وتعليمهم، بل وفتح معهد خاص لهذا الغرض».

عمان

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق